حسب ما أعلنه الرئيس المؤقت للبلاد، ستبدأ بعد 17 من الشهر الجارى ( فبراير 2014 )، استحقاقات فتح باب الترشح للرئاسة، وهى انتخابات هامة، وفى مرحلة مصيرية وصعبة. وأود أن أضع جملة من الملاحظات، التى ربما لا تروق للبعض، قبيل أن تشتد "الزفة" المواكبة لهذه الانتخابات. وبطبيعة الحال، لم يحسم أى من الأسماء التى تداولتها "بورصة" التكهنات لأسماء بعض المرشحين، موقفه النهائى بعد، وبصفه خاصة، المشير السيسى . وفى العموم، يتوجب أن تكون هذه الانتخابات تنافسية، أى بين أكثر من مرشح ، سواء كان من سيتقدم بالترشح تلبية " لإرادة شعبية " ، حسبما يروجون، أو أى مواطن تنطبق عليه شروط ، ومواصفات مرشح الرئاسة . وفى حال حسم المشير عبد الفتاح السيسى موقفه بالترشح، فلا ضرر ولا ضرار فى أن يكون معه مرشحين آخرين فى هذا السباق، توافقاً مع حق كل مصرى يستوفى الشروط ، فى ممارسة هذا الحق، وفق قاعدة المساواة. ومن ثم لا يتوجب النظر إلى من سوف ينافس، أو ينافسون السيسى، على انهم خارجون عن الإرادة الشعبية، التى سيكون معيارها الوحيد والحاسم، هو صناديق الإقتراع، حيث يشترط فى حال تنازل كافة المرشحين المنافسين، أن تجرى عملية التصويت لمعرفة ما إذا كان حصل على النسبة الأكبر من أصوات من لهم حق الإقتراع . ولخصوصية المرحلة الدقيقة والصعبة التى تمر بها البلاد ، يتوجب، بداية، معرفة برنامج هذا المرشح أو ذلك ، بصورة تفصيلية، لمدة الرئاسة المقبلة، وهى أربع سنوات. ومهما كان الجدل حول ما اذا كان الناخب فى تفضيلاته بين المرشحين يعتمد على ما يقدمونه من برامج، أم لا، يظل البرنامج بمثابة العقد المبرم بين المرشح والناخب، حيث لا يمنح الناخب " شيكاً على بياض" لاى مرشح، ومراقبة تنفيذه من عدمه، وبخاصة موقفه من كفالة أمن المواطنين والبلاد عامة، كذلك كيفية وضع الاقتصاد على السكة الصحيحة، ومنع التدهور الذى يلحق به. وقناعتى، وفى ضوء الصعوبات المفروضة، وأن أيا من المرشحين لا يملك العصا السحرية فى اللحظة الراهنة، وتظل أهمية معرفة ما يمكن أن يقدمه حيال هذين الملفين الهامين. وعامة الشعب على استعداد لتحمل بعض القرارات الصعبة شريطة أن تسهم بعد حين فى انفراجة الوضع المأزوم . وفى هذا السياق ، تبرز أهمية الفريق المعاون للرئيس المقبل، ومدى تمثيل وتجسيد هذا البرنامج للشعارات الرئيسية لثورة 25 ينايرعلى أرض الواقع، من خلال مشاركة حقيقية للشباب والمرأة والأقباط فى تحديات المرحلة . وعلى وسائط الإعلام المختلفة منح الفرصة المتساوية لكافة المرشحين، وألا تسعى لترجيح كفة واحد منهم على الأخر، وعلى الجهات المسئولة مراقبة جادة لما ينفق فى حملات الدعاية الانتخابية، التى برزت من الآن، بعض بوادرها وتعبيراتها . والتساؤل: من الذى يقوم بتمويلها؟ ومن مصلحته فى ذلك؟ للحيلولة دون هيمنة المال السياسى على المنافسة الانتخابية، وضرورة اتخاذ إجراءات رادعة لمخالفة شرط ألا تزيد جملة انفاق الحملة فى مرحلتها الأولى عن عشرة ملايين جنية للمرشح!! ومما له صلة، وفى حال ترشح المشير السيسى، ومع كل التقدير والعرفان لما قام به من انحياز واضح وصريح فى تمكين الشعب من وضع حد لفترة حكم الإخوان، حتى ولو كانت قصيرة ، ولكنها خطيرة ، وتنذر بعواقب وخيمة على مستقبل البلاد ، وهذا يحسب له ، لكنه ليس بكاف للعب دور رجل دولة ما لم يقترن بممارسات على أرض الواقع، بعيداً عن "هيستريا " الوسامة وخلافه، فنحن لن ننتخبه كممثل سينما، ولكن كرجل دولة لمدة أربع سنوات. وهنا يتكرر التساؤل: ما مصير الحريات العامة والخاصة فى عهده؟ وأهمية الفصل بين انتقاده، ونقد المؤسسة العسكرية وجيش البلاد الحامى لامنها وصيانة أراضيها. وبالمثل، موقفه من المحاسبة القضائية لرموز المراحل السابقة عليه، حتى وإن طالت بعض الشخصيات العسكرية، عما اقترفته بحق الشعب ورموز الثورة، والحريات بصفة عامة؟ وفى التحليل الأخير، تمثل منافسات الرئاسة المقبلة تحدياً خطيراً لمدى صدق النوايا فى تداول سلمى للسلطة، وعدم عودة انظمة سابقة على ثورتى 25 يناير و30 يونيو، تحت أى مسمى من المسميات، وحقيقة أن الثورة لم تحكم بعد، ولم تحقق أيا من أهدافها فى الحرية والتغيير والكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية، وما زال العقل الجمعى يرنو لمثل حدوث ذلك على أرض الواقع، حتى تقر عيون من ضحوا بحياتهم من أجل هذه الثورة الأم، وتخفف من آهات المصابين بعد تحقيق قصاص عادل وناجز. وبالتبعية، يتوجب أن تتوقف كل الأصوات التى تروج ، بوعى أو دون وعى، لمعاودة صناعة الفرعون مرة أخرى، فى زمن لا بد وان يكون كل السيادة للشعب، القائد والمعلم ومفجر الثورات.