لم يغادر وزير الخارجية القطري "خالد بن محمد العطية"، الطائرة التي حطت في مطار بيروت وعلى متنها مخطوفي أعزاز اللبنانيون بعد إطلاق سراحهم. وقالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، إنه كان محرجاً، من وجهة نظر قطر، التقاط صورة ل"العطية" في المطار اللبناني، تظهره كمن"ينظّف" السياسة الخارجية لبلاده من أخطاء سلفه الشيخ "حمد بن جاسم آل ثاني". وهناك استتباعات أبعد أثراً وأكثر عمقاً لهذا التغيير القطري تجاه الملف السوري، وبحسب معلومات متقاطعة، فقد جسّت قطر، في الأسابيع الأخيرة، وبالتزامن مع دورها في إنهاء ملف مخطوفي أعزاز، نبض دمشق في شأن تصحيح العلاقة معها. واعتمدت لتحقيق هذا الهدف أكثر من قناة، حفلت كل منها بنوعية معينة من العروض التي أرسلتها الدوحة إلى العاصمة السورية، وتزامنت هذه الرسائل مع ما يمكن تسميته "بادرات حسن نية من طرف واحد"، كان أبرزها سحب الدوحة أخيرا يدها من لعبة الضغوط التي مارستها لأشهر على الليرة السورية، إلى جانب دول خليجية أخرى، وبالتواطؤ مع أوساط لبنانية. وتؤكد مصادر خليجية أن نقطة الذروة في مسعى الحكم القطري الجديد لطيّ صفحة العداء للنظام السوري، حدثت نهايات الشهر الجاري بالتزامن مع إعلان الدور القطري في إنهاء ملف مخطوفي أعزاز، وتمثلت في "سلة عروض" للرئيس "بشار الأسد"، مباشرة من الأمير "تميم بن حمد آل ثاني"، وتضمّنت أساساً نقطتين اثنتين هما: أولاً، استعداد الدوحة لوقف الحملة الإعلامية التي تشنّها قناة "الجزيرة" القطرية على النظام، وثانياً، التعهد بتمويل عملية إعادة إعمار في سوريا، إضافة إلى التعهد بعدم إقدام الدوحة بعد الآن على ما يضر بالأمن المالي السوري. وكشفت المصادر نفسها أن الرئيس الأسد قارب مبادرات انفتاح الحكم الجديد في قطر بشيء من التأني المشوب بالكثير من الحذر، وهو ردّد أمام حاملي الرسائل القطرية أن ممارسات الدوحة في سوريا بالعامين الماضيين أراقت دماءً سورية، وبناءً عليه، مشكلة قطر ليست فقط مع الدولة، بل مع الشعب السوري أساساً.