محافظ المنيا يعتمد نتيجة مسابقة الوظائف الإشرافية بالتربية والتعليم    خلال لقائه ببوتين.. الرئيس السيسي يُشيد بوتيرة الانعقاد لآلية التشاور السياسي واللجان المشتركة    الجيش الباكستاني: نحن في حالة حرب مع الهند وتواصلنا معًا عبر دولة ثالثة    بوتين: روسيا ستحقق أهدافها الاستراتيجية في أوكرانيا    بايرن ميونيخ يتوصل إلى اتفاق مبدئي مع فيرتز    «أنوكا» تشيد بتنظيم مصر للمنتدى الإقليمي للتضامن الأولمبي بالقاهرة    جامعة سوهاج تحصد 4 ميداليات ذهبية وكأس بطولة كمال الأجسام    استغلت حبس زوجها.. كيف حاولت "حنان" وعشيقها إخفاء قتل رضيعتها؟    حدث في8 ساعات| أبو مازن يلتقي الرئيس السيسي بموسكو.. والثقافة تصدر بيانا بشأن إغلاق قصور الثقافة المستأجرة    نانسي عجرم تستعد للغناء في جاكرتا هذا الموعد    ما حكم حج الحامل والمرضع؟.. الإفتاء تُجيب    حريق في عدد من المنازل بعزبة البهنساوى ببنى سويف بسبب ارتفاع درجات الحرارة    حملات مكثفة لتطهير الترع والمصارف بالفيوم حفاظًا على الزراعة وصحة المواطنين    ستيف ويتكوف: ترامب يؤمن بالسلام عبر القوة ويفضل الحوار على الحرب    عمرو سلامة عن تعاونه مع يسرا: «واحد من أحلام حياتي تحقق»    تكريم رئيس هيئة قضايا الدولة في احتفالية كبرى ب جامعة القاهرة    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    إدارة القوافل العلاجية بالمنوفية تحصد المركز الثاني على مستوى الجمهورية    قسم الجراحة..ينجح فى استخراج دبوس من معدة صغير بسوهاج    حقيقة إغلاق بعض بيوت الثقافة التابعة للهيئة العامة    النيابة تصرح بدفن جثة شاب غرق بترعة أبيس في الإسكندرية    الدوري الألماني.. توماس مولر يشارك أساسيا مع بايرن في لقائه الأخير بملعب أليانز أرينا    ترامب يوجه رسالة إلى الصين: الأسواق المغلقة لم تعد مجدية    الزمالك يحدد جلسة تحقيق جديدة مع زيزو    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    سجل الآن.. الوطنية للتدريب تطلق مبادرة "أنا أيضًا مسئول" لبناء وعي القيادة والمسؤولية لدى الشباب    أمين الفتوى: المعيار الحقيقي للرجولة والإيمان هو أداء الأمانة والوفاء بالعهد    الضرائب: 9 إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء وتحفيز الاستثمار    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    استلام 215 ألف طن قمح في موسم 2025 بالمنيا    قناة السويس تدعو شركات الشحن لاستئناف الملاحة تدريجيًا بعد هدوء الهجمات    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    عاجل.. الزمالك يُصعّد: نطالب بحسم مصير "القمة" قبل 13 مايو لضمان العدالة في المنافسة على اللقب    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    ضبط دقيق مجهول المصدر وأسطوانات بوتاجاز مدعمة قبل بيعها بالسوق السوداء بالمنوفية    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    تحقيقات موسعة في العثور على جثة متعفنة داخل منزل بالحوامدية    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«السرايا الصفرا».. مقبرة لأحلام العائدين إلى الحياة
نشر في البديل يوم 05 - 11 - 2013

ظلت مستشفى العباسية للأمراض النفسية، مأوى للألم منذ نشأتها وحتى اليوم، وكأنها مقبرة كبرى دُفنت فيها آمال وأحلام الكثيرين، وانتهت صلتهم بالحياة إلى الأبد.
وبمجرد تجولك داخلها تجد صور الدراما الإنسانية تصنع ملحمة من الألم الصامت بين جدران هذه المستشفى، وتصل الأحداث إلى نقطة الذروة، عندما تتصادم نظرة المجتمع بأحلام العائدين إلى الحياة، فلا المجتمع يرضاهم في نسيجه بشرًا سويًا، ولا هم يعرفون كيف يتحسسون طريقهم مرة أخرى بين الناس، ومن هذا الصراع الصامت تولد الحكايات والألم.
بعد المرور من البوابة الرئيسية المتواجد عليها عددًا من أفراد الأمن، المرتدين زيًا أزرقًا طبع عليه اسم المستشفى، هنا في "السراي الصفراء"، تجد أكثر من نصف النزلاء يعانون نفس الحالة وإنكار المجتمع لهم مع اختلاف التفاصيل.
تجولت "البديل" داخل مستشفى العباسية للأمراض النفسية، للتعرف على معاناة المرضى والعاملين أيضًا، لبيان أيهما يحتاج إلى تأهيل المريض؟ أم المجتمع الذي يعاقبهم على شفائهم؟
تحكي "عفاف" إحدى الممرضات، عن خجلها من العمل في هذا المكان، رغم أنها تعودت عليه، ورغم جو الألفة الذي نشأ بينها وبين النزيلات؛ والسبب هو مضايقات الجيران والأقارب بأنها تتتعامل مع "المجانين"، وتتقاضى راتبها من "السرايا الصفرا"، وهو ما يجعلها تتمنى أن تنتقل إلى مكان آخر يتقبله الجميع.
وتقول أنها لا تنزل يوميًا من "الأوتوبيس" أمام المستشفى، حتى لا ينظر إليها الركاب على أنها مريضة أو جاءت لزيارة أقاربها، وتشير إلى أنها مخطأة بأن تضع "كلام الناس" نصب أعينها، ولكننا كدولة تعودنا أن نعاقب من خرج من السجن ثم تاب الله عليه، بألا نغفر له توبته، وكذلك المرضى النفسيين الذين صورتهم السينما بأنهم شئ يستحيل التعايش والتعامل معه، بعد تماثلهم للشفاء لا ينسى ذويهم بأنهم كانوا يومًا ما "مجانين".
كذلك تحكي "منال القاضي"، والتي تعالج في المستشفى منذ 12 عامًا، عن حال المرضى، حيث جاءت إلى المستشفى بصحبة أخيها الذي لاحظ عليها بوادر اكتئاب، ونصحته زوجته بأن يجد لها حلًا؛ خوفًا من أن تؤذيهم، وبالفعل توجها إلى "العباسية"، وبعد الفحص تبين أنها تحتاج إلى حقنة كل شهر، ولا جدوى من إقامتها بالمستشفى، ولكن تركها أخيها ووعدها بأن يعود ويصطحبها إلى المنزل.
ثم تجهش في البكاء، وتقول "عمري كله راح واتدفنت بالحيا، وأخويا مفتكرش إن ليه أخت مرمية هنا من 12 سنة"، مؤكدة أن عائلتها ثرية وقد أوصى والدها عليها قبل وفاته، ولكن ابنه لم يشغل باله بتلك الوصية وتحفظ على ميراثها، وعندما أتى مرة لزيارتها، وأبدت له رغبتها في العودة إلى المنزل، خاصةً وأن الطبيب أخبرها أنها أصبحت سوية، رفض أخوها وقام بضربها.
وتابعت: "أصحابي هنا أهلهم هياخدوهم قريب وأنا هبقى لوحدي"، وأشارت إلى عدم رغبتها في شئ سوى المأوى، حتى تعيش بشكل طبيعي.
أما "مجدي إبراهيم- 39 عامًا"، فدخل المستشفى منذ 5 أشهر فقط، ويرغب في العودة سريعًا إلى بلده بالدقهلية، لكن أحدًا لا يعلم على وجه اليقين متى يتماثل للشفاء، وما إذا كان يبقى راغبًا في الخروج أم يغير رأيه، أو ربما يظل راغبًا ويرفض أهله، فهو يقول إن والده وأخيه تعاونا في تعذيبه، لدرجة أنهما كانا يقيداه بالحبال ويفتحان أنبوبة البوتاجاز ويضعان الخرطوم في فمه؛ ليتخلصا منه حتى يتسنى لهما الاستيلاء على أرضه.
ويضيف أنه فلاح ويمتلك أرضًا زراعية كبيرة، ويريد أن يرجع لها ويباشر عمله، ويبعد عن أهله تمامًا حتى لا يعودا ويعذاباه كما فعلا بالسابق، وأكد أنه لن يبلغ عنهم ولن يؤذيهم، قائلًا: "ربنا موجود وهياخدلي تاري منهم".
فيما قالت الدكتورة حنان غديري، رئيس وحدة التأهيل بمستشفى العباسية، ورئيس إدارة طب المجتمع بالأمانة العامة للصحة النفسية، إن التأهيل لازم للطرفين، فهناك جانب نفسي واجتماعي وراء المرض النفسي، ودور الوحدة هو إعادة تأهيل المريض للاندماج مرة أخرى في المجتمع، حتى لا يتحول إلى عالة على الآخرين، ومساعدته ليتعلم كيف يخدم نفسه ويكسب قوته ويتعايش مع الناس.
وأضافت: أما المجتمع سواء في مصر أو حتى أمريكا وأوروبا يعاني مشكلة كبيرة إزاء المرضى النفسيين، فلا يتقبلهم بسهولة ويسعى إلى التخلص منهم، ولابد من توعية المجتمع إعلاميًا لتغيير مفاهيمه الخاطئة، فتجربة المرض النفسي قاسية جدًا، ومسئولية المجتمع التعرف على نقاط ضعف المريض والمساهمة في تقويتها ومساعدته على القيام بعمل نافع يمنحه الثقة في قدراته ويشعره بقيمته بين الناس.
وأشارت إلى نوعية الأمراض التي تؤدي إلى الدخول للمستشفى، وأن معظمها اضطراب وجداني ومرض الفصام وهي تقع في الفئة العمرية من 20 إلى 40 سنة، ومرض التوحد وفيه يظن المريض ان الناس تضطهده أو تسعي لايذائه واحيانا يعتقد انه المهدي المنتظر،وعادة لا يعترف المريض بمعاناته ولا تعترف الاسرة بالمرض وهو ما يحدث عادة في كل طبقات المجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.