إذا كانت الأجواء داخل كنيسة العذراء، تتسم بالتوتر والارتباك بفعل الحزن وصدمة الحادث المروع، فمن الطبيعي أن تنعكس تلك الأجواء على المنطقة المحيطة بها، لذا تجولت "البديل"، خارج أسوارها لتتقصي من أهالي المنطقة بروايتهم عن الواقعة، لعلهم يقدموا ما يفيد في التعرف علي ملامح هذه الجريمة والهدف من ورائها. قال أشرف كرشة – كبابجي، يقع محله علي بعد خطوات بجوار الكنيسة، الأحد من أكثر الأيام حيوية في الوراق، حيث الزحام على الكنيسة لإقامة الأفراح أو الصلوات والدروس الدينية، ومن ثم فالقاتل دارس جيد لطبيعة المكان وأهميته؛ مضيفًا أنه كان يجلس في المحل ووصل أتوبيس يقل المعازيم للفرح حوالي الثامنة وعشر دقائق، ونزل المعازيم ووقفوا أمام الكنيسة في انتظار خروج أهالي عروسان آخران، قدا انتهوا من إكليلهم، وقبل الضرب بلحظات قامت عربة jeeb سوداء بقطع الطريق الذي يمثل الحارة المرورية المجاورة للكنيسة مباشرة، ثم انطلق موتوسيكل يجلس عليه 3 أفراد عكس بعض، وكلهم ملثمين بعصابة سوداء ولكن الذي كان يطلق النار نحو الكنيسة والأفراد كان ملتحي. أضاف "أشرف" أن الموتوسيكل كان يتبعه أيضا دراجتين بخاريتين، وعملية إطلاق النار لم تأخذ خمس دقائق، ثم فروا هاربين نحو كوبري الساحل، باتجاه طريق الكورنيش، لم يتمكن أحد من رؤية الأرقام على لوحة الموتوسيكل، فالجميع انشغل بالقتلى والمصابين الذين تناثروا في كل مكان أمام الكنيسة. بينما أضاف محمد علي – عامل بالمقهي المجاور للكنيسة : أعتقد أن الموتوسيكلات قادمة من الطريق الدائري، من منطقة بعيدة عن الوراق، لأن المنطقة صغيرة والكل يعرف بعضه، فالبلطجية والحرامية معروفين، سواء بموتوسكيلاتهم أو بهيئتهم. وأضاف "ماجد"، هذه المقهى موجودة قبل بناء الكنيسة نفسها، أي شاهد عيان قوي علي طبيعة ما يحدث بالوراق، فأهالي الحي فقراء وغلابة، مسلمين ومسيحين، والكل يعيش في الفة ومحبة مع بعضه، ولم تحدث من قبل أي واقعة اعتداء علي الكنيسة، أو أحداث فتنة طائفية كتلك المنتشرة في المنيا أو سوهاج، ولكن كان يجب علي الدولة ان تقوم بتأمين الكنائس بشكل مضاعف بعد فض اعتصام رابعة العدوية، حيث أصبحت الكنائس مستهدفة في كل مكان ، وتم حرق أكثر من 70 كنيسة . قاطعه عيد فتحي – مدرس وأحد زبائن المقهي الذي شاهد الواقعة – أن كنيسة العذراء لم تكن مؤمنة وقت الضرب، وأحاديث المسئولين عن وجود أفراد أمن أثناء وقوع الحادث أمر كاذب ، لأنه من الأساس لا يوجد أمن في الوراق ، فقسم الوراق تم حرقه بعد فض الاعتصام ، ولم يتم ترميمه أو إصلاحه حتى الآن ، وهناك ثلاث كنائس بالحي يعانون من فراغ أمني، وإذا صادفت في بعض الأحيان وجود فرد أمن "عسكري"، فهو غير مؤهل من الأصل لمواجهة بلطجية، فهو يملك سلاحًا بدون ذخيرة، فضلًا عن إن حالته الصحية الهزيلة وضعفه وعدم توافر أي قدرات بدنية لديه، تشير إلى أنه يمكن أن يتصدي لعمليات إرهابية ضخمة. واتفقت معه –عليه مرزوق – صاحبة بقالة بجوار الكنيسة – قائلة " بكل تأكيد الجميع حزين علي مقتل إخواننا المسيحين، ولكن في نفس الوقت ربما ماحدث صدفة تجعل المسئولين في الدولة يشعرون بأن هناك منطقة سكنية كالوراق بدون قسم، أي بدون أمن، نري حظر التجوال والدبابات موجودة لحماية المناطق الراقية ولكن العشوائيات لا حظ لها من الحماية والآمان. طالبت "علية" وزارة الداخلية، بضرورة تكثيف الدوريات الأمنية التي تتجول حواري وأزقة الوراق، فهناك البلطجية الذين يشعروا بطمأنينة كبيرة في ظل غياب قسم الشرطة. واتهمت جانيت فخري– طالبة حقوق ومن سكان حي الوراق – وزارة الداخلية بالتخاذل عن حماية المسيحين ، مشيرة إلى أن الكنائس كان يجب حمايتها بأسلوب غير تقليدي، خاصة بعد فض الاعتصام، وعواقبه الوخيمة من حرق وتدمير أكثر من مئة كنيسة، وكان يلزم علي الدولة أن تؤمن الكنائس أو المباني المجاورة لها بكاميرات مراقبة، يمكنها أن ترصد الجناة في لحظات ومن ثم التمكن من القبض عليهم، فضلًا عن غياب دبابات الجيش في تامين الكنائس علي العكس توجد أمام البنوك والمصالح الحكومية بشكل مكثف. وقالت "فخري"، يجب أن تتعامل الدولة مع الأقباط على أنهم مواطنين مصريين، وتكون لديها الرغبة الحقيقة في أن تعيد لهم حقوقهم، وليس تتاجر بدمائهم في جلسات صلح عرفية، ساهمت في إهدار دولة القانون وزيادة حدة الإرهاب. بينما تري ماجدة شفيق – من أحد العمارات المجاورة للكنيسة، أن الوراق لأول مرة تشهد جريمة إرهابية كمثل التي واجهت كنيسة العذراء، علي عكس أحداث كنيسة إمبابة بعد الثورة، فكان حي الوراق يتمتع بهدوء وعدم وجود أي خلافات أو آثار لنزاعات طائفية ، وهو ما يؤكد أن ما حدث في كنيسة العذراء لم يكن مقصودا به إشعال فتنة طائفية ، بل هو ضربه انتقامية يواجهها الأقباط بعد 30 يونيه . مأساة كنيسة العذراء.. أهالي الضحايا: جئنا لنحتفل بالفرح فتحول إلى مأتم (1)