تلقيت دعوة لحضور حفل زفاف صديقة ابنة شخصية مرموقة من الشخصيات العامة فى المجتمع كان الحفل يموج ويصخب بما هو غالى ونفيث.. وكم كان رائع صخبه غنىملبسه بين أقوى ماركات البذلات العالمية وارقى الفساتين والبرفانات والحلي النفيثة.. ماعلينا وتجد وسط كل هذا الجمال فى آخر القاعة تجلس "أم محمود" تصفق وتغنىوتضحك ضحة ملئ الفم والوجه والروح تنظر اليها فتعرف المعنى الحقيقي للسعادة.. تلك البسيطة جدا والتى كانت زوجة لرجل طيب يعمل ساعى فى إحدى الوكالات التى كنت أعمل بها تسلمت مكانه بعد موته حتى تستطيع أن تكمل مشواره ..أن يتخرج محمود من الهندسة وابنتها الاخرى من كلية الصيدلة ولما كانت تحمله أم محمود من ودواحترام وبشاشة تجأه الآخرين.. كان يحمل لها الآخرون نفس المشاعر .. تلاقينا وتعانقنا وتبادلنا الحديث ولاننا فى زمن الحظر انتهى الحفل باكر فعرضت على المرأة اناوصلها بسيارتى ومن فرط روعة حديثها وخفة دمها عرضت عليها أن تجلس معى فى مكان ما نحتسي فنجأن من القهوة يظبط ذلك الزفاف الذي مازال مستمرا فى رؤوسنا..اعتذرت المرأة بكل استحياء وأصررت انا بكل التقدير ..ودخلنا الى احد المحال الفخمة فى الاسكندرية ووقعت الكارثة. لفت نظري نظرات الاندال اقصد العاملين بالمكان وهم ينادون بعضهما وينظرون كل منهم للآخر ويوتودون ثم انتهى بهم الامر ان نادوا على مديرهم وتودود أحدهم معه ثمبدأت أناديه لأطلب ماأريده حتى أفاجأ بالمدير يطلب منى ان أصرف السيدة أو اجعلها تنتظرنى خارجاً، من فرط ذهولى نظرت إليه نظرة لا تشوح ولا تلوح ولكنها احذت تدورفى المكان حتى اتأكد ..هل اخطأت الدخول الى كلوب "محمد على "أم دخلت بالخطأ ال "كانترى كلوب الانجليزي " ؟! وما ان عدت الى أرض الواقع فى لحيظات.. حتى ماتمالكت نفسي من الانفعال المترجم فى زعيق وتهزيق حتى ساد المكان سكوت رهيب أمام علو صوتى وخصوصا بعد تعريفى لهم بمكانتى الاجتماعية والإعلامبة والصحفيةتهديدي لهم اننى لن أسكت على هذا النوع من الإهانة وخاصة ان المرأة ترافقنى وان الموقف احترامه ملاصق بي.. وانتهى الموضوع بين سيل من الاعتذار والترضية وخصمثلاثة أيام لكل العاملين بالمكان من قبل الإدارة. قصة عابرة كأى قصة.. لكنها تلوح لى أن نفيق اننا لم ولن نتغير فى مصر فقبلها وبوقت ليس بالبعيد وفى مطار القاهرة وقف شخص يرتدي جلباب فوقه جاكيت بيج اللونوفى قدميه خف بصباع يضع فوق رأسه عمامة يبدو من شكله ولهجته أنه عربي الأصل وتدلل عمامته عن أى دولة منها نزل علينا ضيفا. وقف الرجل امام مكتب تخليصجوازات المرور.. فينظر اليه ضابط الجوازات بامتهان وعامله بتلك الجليطة المفرطة التى اعتدنا رؤيتها فى وجوه من لا يعجبهم من يحادثونه وأخذ يتثاقل معه ذوقا وتثقيلافى اتمام الإجراءات الى ان انتهى الأمر بأن ألقى له جواز سفره وأمره أن يذهب الى مكتب أمن المطار ورفض الرجل ورد عليه بمنتهى التأنى والعزة يطالبه أن يأتيه أمنالمطار عنده وما كان من أحد الواقفين إلا أن طلب من موظف الجوازات أن يتعرف على هوية المسافر ويهدأ حتى يتم حل المشكلة.. وكان ما ان ركز ضابط الجوازاتوتسمرت عيناه بالجواز حتى احمر وجهه وكادت أن تدمع عيناه .. واتضح ان الرجل عضو هيئة سياسية كبرى لدى الأممالمتحده وفى لحظات ساد الخوف والسكون والتوتروالرهبة كل أرجاء المكان .. وأعيد نفس الموقف مرة اخرى بين تذلل الأسف والعقاب على خطيئة الامتهان. والسؤال :على مدار حياة المصريين الذين عرفوا بالإنسانية أكان الجلباب والبذلة هم سمات التقييم!؟ هل يري هؤلاء كيف تطورت دول العالم وهى ترتدي الجينز والحذاءالكاوتش ولملمت شعورها الى الخلف رافعة الجباه للأمام لترتفع وتعلوا ..ومازلنا نحن ننظر الى ماركة الساعة والكرافت وأى سيارة يعتليها اصحاب الجاه.. النظر إلى الغير لن يضفى علينا شموخا يا قوم.. ولن يزيدنا رفعة ولن يجعلنا نرمح بين الأمم رمحا لتحقيق الرفعة والنجاح.. إنما الانسان بعمله ومكانته ليس بما يرتديه أويلبسه.. فكم من ناس ارتدوا الحرائر ولم يعرفهم التاريخ ولم يساهموا فى إثراء البشرية بل رحلوا دون أن يعلم عنهم أحدا حتى نسوهم ذويهم من أصحاب الجاه ..ما يسترالبدن ليس بالقطع ساتر للعقل والابداع فاستقيموا يرحمكم الله.