ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن المُحادثات الأمريكية – الأفغانية حول دور القوات الأمريكية في أفغانستان على وشك أن تصل إلى طريق مسدود، في ظل تزايد التكهّنات بالانسحاب الكلى للقوات الأمريكية من أفغانستان العام المُقبِل. وصرّح مسئولون أمريكيون بأنه من المُتوقّع تعليق المفاوضات مع أفغانستان في الأسابيع القادمة في ظل عدم التوصّل لحلول تُرضي الطرفين، وقال مسئول كبير بالإدارة الأمريكية إن استئناف تلك المفاوضات مع خليفة الرئيس الأفغاني حامد كرزاى – الذي من المُفترض أن يأتي بعده في الانتخابات الرئاسية في أبريل القادم- هو أمر غير مُرجّح. وأوضحت الصحيفة أن المأزق يكمن في تزايد احتمالات الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من أفغانستان حينما تنتهي المهام القتالية لحلف شمال الأطلسي " الناتو" في 2014، وهو الأمر الذي لا يود الأمريكيون حدوثه خاصًة وأن القوات الأمريكية قد دخلت في إشكالية الانسحاب قبل ذلك في العراق قبل عامين. وعلاوًة على ذلك فإن الاحتمالات تشير إلى أن انسحاب القوات الأمريكية الكامل من أفغانستان قد يكلّف الولاياتالمتحدة أكثر مما كلّفها في العراق؛ لا سيّما وأنه يمكن أن يقود إلى سحب كل القوات الأوروبية، بشكل يمكن أن يؤدى إلى زعزعة الثقة بين الأفغان ويعطي دفعة قوية تُزيد من نفوذ طالبان التي لا تزال تُشكّل تهديدًا قويًا، إلى جانب تأثير هذا الأمر على المعونات الأمريكيةلأفغانستان، خاصًة أن أفغانستان ظلّت لعقود بعيدة عن سياسة الاكتفاء الذاتي وتقوم على سياسة المعونات الخارجية؛ فهى لا تغطى سوى 20 % من الموارد اللازمة لمشاريع قوانينها والباقي تتكفّل به الولاياتالمتحدة وحلفائها. وفى هذا الصدد، أشار أحد مسئولي الإدارة الأمريكية إلى إنه في ظل عدم التوصّل لحل بشأن تواجد القوات الأمريكية في أفغانستان، فمن الصعب أن تفي الإدارة الأمريكية بوعودها فيما يتعلّق بإمداد أفغانستان بالمعونات المادية المُعتادة، وعلى الجانب الآخر، قال مسئولون أفغان وأمريكان إن المحادثات بين الطرفين قد خلصُت إلى حل بعض المسائل الخلافية كالحصانة القانونية للقوات الأمريكية. ومن جانبه، اقترح المتحدث باسم الحكومة الأفغانية "إيميل فايز" أن تضمن أفغانستان تقديم الولاياتالمتحدة الأمن والرعاية والمعونة مثلها في ذلك مثل أيٍ من حلفائها في حلف الناتو، وأن يقوم كرزاى برفض السماح للقوات الأمريكية بالبحث عن عناصر القاعدة في أفغانستان، بدلًا من أن تقوم الولاياتالمتحدة بتقديم معلومات لأجهزتها الاستخباراتية، وتقوم هى بدورها بإبلاغها للقوات الأفغانية للبحث عن عناصر القاعد، ولكن المسئولين الأمريكيين رفضوا كلا الاقتراحين بحجة أنها يمكن أن يقودا إلى إجبار القوات الأمريكية للعبور إلى باكستان بشكل قانوني بما يمكن أن يؤدي إلى حدوث مواجهات مُسلّحة مع أي من حلفائها. وأضاف "فايز" أن الرئيس الأفغاني حامد كرزاى يتمتع بدور قيادي في المُحادثات مع أمريكا ولكنه حذِر من أن يوافق على أي صفقة يمكن أن تؤدي إلى السماح للقوات الأمريكية بمداهمة قُرى الأفغان أو مُلاحقة المُتشدّدين في باكستان، بما يقود أفغانستان لحرب والإرهاب. ورأى مسئول أوروبي بارز مُطّلع على الشأن الأمريكي أن القوات الأمريكية تُفضّل البقاء في أفغانستان ولكن دون أن تكبّد خسائر، كما قال آخرون إن الإدارة الأمريكية تُماطل في الأمر لحين الانتخابات الرئاسية الأفغانية وإن كانوا لا يحبّذوا فكرة إدماج تلك القضية بالانتخابات الرئاسية الأفغانية، كما توقّع البعض أن تُرسل الإدارة الأمريكية وزير الخارجية "جون كيري" ليتدخّل في هذه المُحادثات بشكل شخصي الأسبوع الجاري، خاصًة وأنه على علاقة جيدة بكرزاى. ولم تكن المُحادثات بين الطرفين لم تسير بشكل جيد منذ الصيف الماضي، ولكن لم يكُن الطرفان يصرّحان بهذه الانقسامات الدائرة حتى هذا الأسبوع حينما أصدر القصر الرئاسي بيانًا يُفيد بأن الرئيس كرزاى قد اجتمع بقبائل الشيوخ لبحث مسألة عدم السماح للقوات الأمريكية بالاستمرار في أفغانستان العام المُقبِل، والتزمت الإدارة الأمريكية الصمت حيال هذا البيان. في حين أعرب مسئولون أمريكيون عن عدم نيّتهم لقتال طالبان بعد 2014، والجزء الذي سوف يتبقى من القوات الأمريكية في أفغانستان- والذي سيبلغ نحو 9000 أو أقل - من شأنه أن يقوم بتدريب القوات الأفغانية، ولكن الولاياتالمتحدة ترغب في استمرار استخدامها لقوات العمليات الخاصة لاستهداف مقاتلي الجماعات المسلحة.