"كتبتُ عن أناس يعيشون بيننا"..، تلك الكلمة كانت مدخلًا لحديث "العادلي" عن روايته "كتالوج شندلر"، خلال الندوة التي أقيمت مساء أمس، ب"ورشة الزيتون" لمناقشتها، حيث أزاح الستار عن الكواليس قائلًا: "حتى أتعايش مع الأجواء والشخصيات، كنت أذهب كل يوم، إلى مقر مركز الصيانة بالشركة، حتى أرصد بعيني، كل شيء، من الحوائط والملابس والأرضية والحمام، ومن ثم كان هناك تفاعلًا من القاريء مع أحداث الرواية. وتابع "العادلي": "إن شخوص الرواية، يعيشون بيننا، ولكننا في الغالب لا نشعر بهم". شخصيات الكاتب الروائي عمرو العادلي، في روايته الجديدة "كتالوج شندلر"، الصادرة حديثًا عن دار نهضة مصر، أناس يعانون الفقر والبؤس ولكنهم في نفس الوقت لا يشعرون بالانهزام أو الانكسار، بل يتقبلون البؤس ويتعايشون معه، مجسدين حالة من الرضا، يعتبرها البعض بلاده، فعمال شركة "شندلر" المتخصصة في صيانة وتركيب المصاعد، يلعبون مع الفقر كل يوم ولكنه لم يهزمهم حتى الآن. وفي مداخلته، قال الناقد الدكتور حسين حموده، أن "كتالوج شندلر"، رواية محكمة قدمت له متعه خالصة، لأنها تقدم إجابة عملية إبداعية، عن سؤال يتصل بقضية كبيرة تغافل عنها الكثيرون، وأجاب عنها آخرون باستسهال شديد، وهذا السؤال يتمحور حول التحديث والحداثة ومابعد الحداثة. ويتابع "حموده": تتناول الرواية في جانب عميق منها، تعاملنا مع مفردة من مفردات التحديث متمثلة في المصعد، ولدينا ميراث إبداعي كبير، ولقد تناول "إبراهيم الكوني"، هذه التجربة حيث صور السيارة، بوحش ينهش الصحراء؛ وطاحونة الشيخ موسى، عند "يحيى الطاهر عبدالله"، والتي تحتاج لدماء لكي تعمل، والترام عند "يحيي حقي"، الذي يمثل شكلًا من أشكال القدر المباغت. وعن الشخصيات، يقول "حموده"، أن هناك وطأة واضحة تشمل الجميع، فهناك شخصيات تشعر بالزمن وتتحايل عليه، وشخصيات أخري تتحول وتمر بمراحل استثنائية، لكنه يري أن الكاتب ركز بشكل كبير على عمال الشركة الذين يتحايلون على العيش، ويعملون في مهن أخرى، بجانب وظائفهم بسبب "صعوبة المعايش". من ناحيته، قال عماد العادلي- مسئول النشاط الثقافي بمكتبة "أ"، أنه أطلق على شخصيات الرواية "كائنات"، لأنهم ليسوا فاعلين بالحياة، بقدر ما تفعل الحياة بهم، فهم طبقة الكادحين الذين يقتاتون بأحلامهم البسيطة حتي النهاية. بينما رأي الناقد الدكتور مدحت الجيار، أن اختيار الكاتب لشركة "شندلر"، له دلالات سياسية كثيرة، وأوضح قائلًا "الشركة تقع في ميدان لاظوغلي، وتطل على أمن الدولة ووزارة الداخلية، كما أن انهيار الشركة بدأ التسعينيات، وهي الفترة التي شهدت بداية الفساد في مصر، كما أن اختيار المصعد فيه أشارة إلى الطبقات، المتسلقة التي صعدت على حساب الآخرين، وانهياره وعجزه على، الصعود يلمح إلى حاجتنا إلى ثورة حقيقية". أخبار مصر- البديل