على غرار ما يفعله عتاة الاجرام الاقتصادي من إضافة الشرعية على مكتسباتهم من العوائد المالية للجرائم عبر عمليات غسيل الأموال، تلعب عدة قنوات أهمها مواقع التواصل الاجتماعي هذا الدور مع الأخبار الكاذبة والشائعات بحيث تدخل الشائعة الى ماكينة التواصل الاجتماعي ومع سرعة تدويرها تجد الشائعة طريقها الى وسائل الاعلام التقليدية بغض النظر عن حسن أو سوء النوايا. وكما تمر عملية غسيل الأموال بمراحل ثلاث هي الايداع والتي عبرها يتم ايداع الأموال في مؤسسات بعينها والتمويه والتي يتم خلالها التعتيم على مصادر هذه الأموال وصولا الى الادماج وهي المرحلة الختامية التي يتم فيها إضفاء طابع الشرعية على الأموال ودمجها في الدورة الأقتصادية.. فكذلك عملية (غسيل الأخبار) فهي لا تخرج عن هذه المراحل. فعلى الرغم من مُساهمة "الإعلام الجديد" المتمثل في مواقع التواصل الاجتماعي في نقل الخبر بالصوت والصورة وبسرعة واضحة الا ان انعدام الرقابة وتلاشي المهنية الاعلامية جعل من السهل اختلاق الإشاعات وبثها بكل يسر وسهولة، حيث تُنقل المعلومة خلال دقائق دون وجود تحري من دقتها أو صحتها. وتزداد خطورة هذا الأمر بعد أن أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مكونا أساسيا من الحياة اليومية مع تراخي الكثيرين في الحرص في التعامل مع كل ما ينشر أو ينقل وعدم استيعاب حجم الأضرار التي يمكن ان تلحق بالمجتمع جراء هذا الأمر. وتبدأ دورة الشائعة في مواقع التواصل الاجتماعي عبر حملة من التغريدات المتضمنة خبرا ينال بجدارة رتبة الكذب اذا ما تم اخضاعه لأبسط المعايير الاعلامية الا أن هذه الشائعة تنتشر انتشار النار في الهشيم عبر كثرة النشر (التشيير) عبر خاصية المجموعات التي توفرها هذه المواقع أو عبر لجان الكترونية من مصلحتها انتشار هذه الشائعة ليصبح انتشارها معيارا غير صادق لمصداقيتها وبهذا تكون قد تحققت مرحلتي الايداع والتمويه. وبعد ذلك تدخل الشائعة في مرحلة الادماج في العملية الاعلامية أي مرحلة تجفيف الأخبار القذرة بعد غسلها وذلك من خلال تلقف وسائل الاعلام التقليدية لها والمساهمة في انتشارها مع الخروج من مأزق عدم المصداقية من خلال استهلال الخبر بعبارة (تبادل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي …) لتقوم هذه المواقع بدورها بنشر الخبر نقلا عن وسائل الاعلام التقليدية لاضفاء المزيد من المصداقية الكاذبة عليه وتكتمل الدورة. واذا كانت مواقع التواصل الاجتماعي ذات أهمية من حيث الانفتاح على العالم الخارجي وما أوجدته من انفتاح معلوماتي لا يمكن تجاهله, وفورية في تناقل الأخبار وصناعة الحدث، لكنها على الوجه الآخر باتت وكالة أنباء لنشر الإشاعات ما ينبغي على الجميع أو على الأقل كل من نصب نفسه (مواطنا صحفيا) يسعى الى نشر الأنباء أن يلتزم بأبسط أخلاقيات الصحافة وهي تقصي الحقيقة قبل النشر. [email protected][email protected]