محافظ المنيا يتفقد محطة رفع صرف صحى بردنوها لخدمة 30 ألف مواطن بمركز مطاى    حسن عبدالله يشارك في اجتماع محافظي البنوك المركزية لمجموعة «G20» بجنوب أفريقيا    رويترز: إصابة أكثر من 20 في لوس أنجلوس بينهم 4 في حالة حرجة بعد دهس سيارة حشدا    معسكر الأهلي في تونس.. محاضرة للاعبين حول برنامج التدريب    انتشال جثمان غريق «شاطئ الكناري» بمنطقة الهانوفيل غرب الإسكندرية    توقيع اتفاقية تعاون بين جامعتي بنها ولويفيل الأمريكية    "الخارجية الفلسطينية" تدين مجزرة "المجوعين" في رفح    مسيرة إسرائيلية تقصف منطقة مطل الجبل في بلدة الخيام جنوب لبنان    "الداخلية" تواصل فعاليات المرحلة ال 27 من مبادرة "كلنا واحد" لتوفير السلع بأسعار مخفضة للمواطنين    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يُقر تعويضات إضافية لعملاء الإنترنت الثابت    بعد كارثة سنترال رمسيس…لماذا لا تتوقف الحرائق فى زمن الانقلاب ؟    أخبار الطقس في الإمارات.. أجواء مستقرة مع فرص لتكون السحب الركامية والأمطار    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    استمرار هطول أمطار غزيرة في كوريا الجنوبية وسط خسائر بشرية ومادية    الخارجية الفلسطينية تدين مجزرة «المجوعين» وتدعو لوقف هذه الجرائم    وكيل "عربية النواب": مصر والسعودية حجر الزاوية لأمن واستقرار المنطقة    إسرائيليون يعبرون إلى الأراضي السورية بعد اشتباكات مع جيش الاحتلال    1072 فرصة عمل ب11 تخصصًا.. بيان من العمل بشأن وظائف الإمارات    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    ليفربول يعزز هجومه بهداف أينتراخت    "استعان بأصدقائه".. كيف يعمل رونالدو على إعادة النصر لمنصات التتويج؟    بعد فسخ عقده مع القادسية السعودي.. أوباميانج قريب من العودة لمارسيليا    وزير الري يتابع إطلاق المرحلة الثانية من مشروع إدارة مياه دلتا النيل    رفع نواتج تطهير الترع بقريتي الكوم الأحمر والنواورة بأسيوط    ما جدوى مجلس الشيوخ؟    التعليم: إتاحة الاختيار بين الثانوية والبكالوريا أمام طلاب الإعدادية قريبا    عرض "طفل العسلية" على مستشفى المحلة لإعداد تقرير طبى بما فيه من إصابات    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    ب4 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    ضبط طن من زيت الطعام المستعمل داخل مصنع مخالف لإعادة تدوير زيوت الطعام ببنى سويف    «طب قصرالعيني» يستقبل المستشار الثاني لسفارة السنغال    بأطلالة متألقة وحضور جماهيري غير مسبوق .. أنغام تتصدر التريند بعد حفلها بمسرح U أرينا ضمن فعاليات مهرجان العلمين 2025    ختام أسبوع الثقافة الكوري 2025 بالمتحف القومي للحضارة المصرية    بسبب تشابه الأسماء.. موقف محرج للنجم "لي جون يونغ" في حفل "Blue Dragon"    بينهم "إليسا والحلاني ونانسي".. نجوم الفن بحفل زفاف نجل إيلي صعب (صور)    أحدث ظهور ل ليلى أحمد زاهر.. والجمهور:"احلويتي بعد الجواز"    الواعظة أسماء أحمد: ارحموا أولادكم صغارًا تنالوا برهم كبارًا.. والدين دين رحمة لا قسوة    عاوزه أوزع الميراث على البنات والأولاد بالتساوى؟.. أمين الفتوى يجيب    اتفاقية تعاون بين جامعتي بنها ولويفيل الأمريكية لإنشاء مسار مشترك للبرامج    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    «الرعاية الصحية»: إنشاء مركز تميز لعلاج الأورام في محافظة أسوان    طريقة عمل البليلة.. وجبة مغذية ولذيذة للفطار أو العشاء    «350 من 9 جامعات».. وصول الطلاب المشاركين بملتقى إبداع لكليات التربية النوعية ببنها (صور)    شاهد أعمال تركيب القضبان بمشروع الخط الأول بشبكة القطار الكهربائى السريع    اتحاد منتجي الدواجن: الاتفاق على توريد 2000 طن لصالح جهاز مستقبل مصر لضبط السوق وتشجيع التصدير    هل يُفسد معسكر إسبانيا مفاوضات بيراميدز مع حمدي فتحي؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 19-7-2025 في محافظة قنا    «الأرصاد» تحذر: طقس اليوم شديد الحرارة على معظم الأنحاء    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    ثورة يوليو 1952| نقاد الفن.. السينما.. أثرت في وعي المصريين    ترامب يتوقع إنهاء حرب غزة ويعلن تدمير القدرات النووية الإيرانية    «شعب لا يُشترى ولا يُزيّف».. معلق فلسطيني يدعم موقف الأهلي ضد وسام أبوعلي    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. علاء عوض : حكومة الثورة.. أم تسيير الأعمال.. أم عفا الله عما سلف
نشر في البديل يوم 21 - 07 - 2011

أثارت التعديلات الوزارية الجارية حالة واسعة من الجدل بين أطراف سياسية وشعبية متعددة خلال الأيام الماضية، وبرغم اتساع هذا الجدل الا أنه لم يتجاوز فى أغلبه نطاقا ضيقا طرح الأمر فى سياق تناول تاريخ الشخصيات المرشحة للحقائب الوزارية وعلاقتها بمبارك الأب والابن ورجالاتهما، دون التطرق لجوهر الأزمة.
لقد جاءت هذه التعديلات كأحد أهم ردود الأفعال للمجلس العسكرى وحكومة شرف أمام حركة جماهيرية آخذة فى التصاعد لم تطرح تعديلا وزاريا ضمن لائحة مطالبها، ولكنها رفعت شعارات انجاز مهمات الثورة فى محورين أساسيين: العدل والقصاص. أى أن الجماهير أدركت أن محاولات حماية قتلة الشهداء والتستر على جرائمهم لا تنفصل عن حماية مصالح من نهبوا ثروات هذا الوطن ومارسوا ضد مواطنيه سياسة افقار منظم، ان القتلة هم من كانوا يحمون مصالح اللصوص، والآن جاء دور اللصوص لحماية القتلة، هكذا أدركت الجماهير أن العدل والقصاص لا ينفصلان، وأن محاسبة القتلة لن تكتمل دون محاسبة اللصوص والفاسدين واستئصالهم ودون اعادة توزيع الثروة الوطنية بشكل عادل. لا توجد أى علاقة بين ما طالبت به الجماهير وبين التعديلات الوزارية، وهو ما أدى إلى عزوف القطاع الأوسع من معتصمي التحرير عن متابعة أزمة التعديلات أو مناقشتها وتركت تلك المهمة لما يسمى بالنخب السياسية.
غير أن هذه التعديلات تطرح الآن سؤالا جوهريا وملحا، أى حكومة نريد؟ بعد الإطاحة بالدكتاتور مبارك فى الحادى عشر من فبراير طرحت جماهير الثورة مطلب تشكيل حكومة تسيير أعمال أو تكنوقراط لادارة شئون البلاد، ولكن هذا المطلب لم يكن منفردا، فقد سبقه على لائحة المطالب تشكيل مجلس رئاسى مدنى لادارة المرحلة الانتقالية، وهو المطلب الذى رفضه المجلس العسكرى بشكل قاطع ونجح فى تنحيته من مليونيات التحرير التالية، أى أن المطالب الأولى للثورة طرحت مجلسا رئاسيا لادارة المرحلة الانتقالية وحكومة لادارة شئون البلاد، وهناك فارق شديد بين الاثنين، فالمرحلة الانتقالية هى مرحلة استكمال مهمات اسقاط النظام بكل أدواته السياسية والتنفيذية والتشريعية، وهذا يعنى اسقاط كل القيادات الفاسدة فى مختلف مؤسسات الدولة والبدء فى عملية تطهير شاملة من كل رموز الفساد السياسى والمالى، كما يعنى اسقاط البنى التشريعية الحاكمة لتلك المؤسسات والتى تم صياغتها بالكيفية التى تسمح باندماجها فى النظام السياسى والتى تتيح دورا واسعا لأجهزة الأمن بالتدخل فى أدائها الوظيفى. نحن اذن أمام ضرورات ملحة لهدم هذه الأدوات فى مجمل جهاز الدولة لفتح الطريق أمام خلق آليات ديمقراطية جذرية على المستوى السياسى والتشريعى والتنظيمى مما يسمح بانجاز مهام التحول الديمقراطى والتنمية.
فى هذا السياق طرحت الجماهير المصرية مهمات التغيير الجذرى تحت قيادة المجلس الرئاسى على أن ينحصر دور الحكومة فى تسيير أعمال الدولة، ولكن الأمر يختلف فى حال اصرار المجلس العسكرى على رفض المجلس الرئاسى، ان عجز الحركة الجماهيرية عن تحقيق مطلبها فى المجلس الرئاسى لا يعنى تخليها عن انجاز مهام التغيير الجذرى واسقاط النظام بالكامل، كما أنه لا يعنى أن تثق الجماهير فى قدرة المجلس العسكرى على انجاز هذه المهمات لأسباب عديدة أهمها أن هذا المجلس يمثل القيادة العسكرية لنظام مبارك وأنه يقوم بادارة مساحة ضخمة من الاستثمارات الاقتصادية فى البلاد وأن هناك شبكة واسعة من المصالح تربط بينه وبين رموز نظام مبارك والطبقة الاجتماعية التى يمثلها، ان المجلس العسكرى حين يطرح استئثاره بقيادة المرحلة الانتقالية، ويتجاهل مهمات استكمال اسقاط النظام، هو فى الواقع يحاول أن يحول ثورة شعبية كبرى الى مجرد انقلاب عسكرى ضد سيناريو التوريث، ويفرغ هذه الثورة من محتواها الديمقراطى والاجتماعى لتصبح مجرد حركة احتجاجية تستهدف اصلاحات سياسية ودستورية محدودة، ان ماقدمه الشعب المصرى من دماء غالية وتضحيات عظيمة يستحق بالقطع ما هو أعظم من تلك الاصلاحات بكثير. ولقد تأكد دورالمجلس العسكرى خلال الستة أشهر الأولى من عمر الثورة، فلم يستطع المجلس أن يقدم انجازات ملحوظة بل على العكس تماما، فقد وقف المجلس فى وجه المطالبات الشعبية بالديمقراطية، وتصدى للاضرابات والاعتصامات العمالية والطلابية وحاكم المواطنين المدنيين أمام المحاكم العسكرية وأصدر تشريعات معادية للديمقراطية مثل قانون تجريم الاضرابات والاعتصامات وقانون الأحزاب الذى وضع شروطا تقصر تشكيل الأحزاب على أصحاب الثروة، وكانت التظاهرات والاعتصامات الأخيرة -والتى مازالت مستمرة حتى كتابة هذه السطور- أصدق تعبير عن حالة فقدان ثقة الجماهير فى المجلس العسكرى وفى قدرته على انجاز مهام الثورة أو أن يكون معبرا عنها.
وهنا يجب أن نتوقف عند طبيعة الحكومة التى نريدها، فى تقديرى أن فكرة حكومة تسيير الأعمال قد فشلت لاسيما فى وجود المجلس العسكرى فى السلطة، لأنها ببساطة ترسخ القواعد التشريعية والمؤسساتية لنظام مبارك، ولا تملك أى صلاحيات تسمح لها بتعديل بناء تشريعى فاسد واعادة هيكلة حقيقية لجهاز الدولة، واذا كانت المرحلة الانتقالية تستهدف خلق المناخ السياسى والتشريعى والمؤسسى الملائم لانتاج سلطة حكم تقوم على أسس ديمقراطية حقيقية، فان الناتج النهائى لحكومة منزوعة الصلاحيات ولا تستطيع أن تلعب أكثر من دور السكرتارية الادارية، سيكون بالقطع هو الوجه الآخر لمبارك وأركان نظامه مما يعنى وأد حركة الثورة المصرية وتفريغها من محتواها. ولم يكن غريبا أن نسمع تصريحا من أحد المرشحين للوزارة يؤكد فيه أن رئيس الحكومة طلب منه عدم فتح ملفات الفساد و”عفا الله عما سلف”، هذا هو المنهج الذى يحكم تلك الحكومة، غض الطرف عن الفساد وتكريس رموزه وتشريعاته، ومقاومة كل محاولات التصدى له، هذا المنهج لا يمكن أن يكون معبرا عن الثورة ولا عن مصالح القطاع الأوسع من جماهير الشعب التى تصدت لكل أشكال القمع الوحشى فى سبيل الحرية والكرامة والعدل الاجتماعى ومحاربة الفساد. نحن اذن فى حاجة الى حكومة ثورية، حكومة تعبر عن مطالب الثوار ومصالح الأغلبية الساحقة من جماهير الشعب، حكومة تحاكم قتلة الشهداء ومن أصدر لهم هذه الأوامر وتوجه لهم تهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية وليس مجرد جرائم قتل عادية، حكومة تتصدى للفاسدين وناهبى ثروات الوطن وتحاسبهم، حكومة لا تخدم أصحاب الثروة و تتبنى مطالب الفقراء وتطرح موازنة تنحاز الى الطبقات الشعبية فى حد أدنى وأقصى للأجور وسياسات ضبط الأسعار وخدمات عامة كالتعليم والصحة، حكومة تسقط كل التشريعات المعادية للديمقراطية وتفتح الباب أمام القدر الأوسع من الحريات السياسية والنقابية والمدنية، حكومة تستعيد ملكية الشعب لشركاته التى نهبها اللصوص والمرتشين فى صفقات الفساد المسماة ب”الخصخصة”، حكومة تتبنى انتاج تشريعات تسمح بالديمقراطية فى الجامعات والمؤسسات الأكاديمية وقوانين حق التشكيلات النقابية المستقلة. هذه هى الحكومة التى يحتاجها الوطن، حكومة لا تستمد شرعيتها من قوانين الدكتاتور المخلوع ولكنها تمتلك شرعية الثورة التى لا تعلوها أى شرعية وهى الوحيدة القادرة على انجاز مهام المرحلة الانتقالية نحو تحقيق التحول الديمقراطى والعدالة الاجتماعية. والسؤال هنا، هل يستطيع المجلس العسكرى بناء هذه الحكومة؟ الاجابة بالقطع هى بالنفى، ان حكومة الثورة لن يبنيها سوى الثوار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.