القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل العملية الانتخابية في الرياض وجدة    أخبار × 24 ساعة.. السياحة: 1.5 مليون سائح ألمانى زاروا مصر منذ بداية 2025    إعدام كميات كبيرة من الأغذية والمشروبات غير الصالحة بالمنوفية    رسالة من الغرفة التجارية إلى الحكومة بشأن رسوم الإغراق على البليت والمصانع المتوقفة    مصر تتصدر جلسات الاستدامة في معرض دبي للطيران 2025    خطوات استخراج السجل التجاري للشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر 2025    عاجل | ترمب: لم أناقش مع ممداني ما إن كان سيعتقل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا زار نيويورك    مسئول إسرائيلى: سنحصل على الشرعية لنزع سلاح حماس إذا لم ينجح الأمريكيون    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب: ممدانى رجل عقلانى جدا ونتفق فى الغاية وهو ليس جهاديا.. طوارئ فى فرنسا استعدادا لحرب محتملة مع روسيا.. وزيلينسكى عن الخطة الأمريكية للسلام: نواجه لحظة حاسمة    تباطؤ إنفاق المستهلكين فى كندا خلال الربع الثالث بسبب الرسوم الأمريكية    الرئيس اللبناني: هناك أطراف داخلية تنكر تطورات المنطقة    ترامب: ممداني اعتمد على نفسه وحقق فوزاً رائعاً    أحمد حسن يكشف أسباب عدم ضم حجازى والسعيد للمنتخب الثانى بكأس العرب    محلل أداء الأهلى السابق: الفريق استقبل أهدافا كثيرة بسبب طريقة لعب ريبيرو    شيكو بانزا: وفاة شقيقى وراء تأخرى عن مران الزمالك    فالنسيا يكتفي بهدف أمام ليفانتي بالدوري الإسباني    قائمة بيراميدز - عودة جودة وغياب مصطفى فتحي أمام ريفرز    اكتشاف عجز 44 طن سكر داخل مضرب بكفر الشيخ.. وضبط أمين المخازن    رمضان صبحي أمام المحكمة في قضية التزوير| اليوم    بسبب ركن سيارة.. قرار هام في مشاجرة أكتوبر    زفة تتحول إلى مأتم.. مصرع عروس وإصابة العريس وآخرين في حادث بالقليوبية    التحفظ على سائق سيارة تسبب في مصرع سيدة وابنتها بالطريق السياحي بالهرم (صور)    النيابة تكلف "القومي للطفولة" بمتابعة حالة أطفال مدرسة السلام ضحايا هتك العرض    ترند «دولة التلاوة» فى الكويت.. متابعة جماهيرية واسعة للحلقة الثالثة    محمد أبو سعدة ل العاشرة: تجميل الطريق الدائري يرتقى بجودة حياة السكان    صلاح بيصار ل العاشرة: أحمد مرسي علامة كبرى في الفن والأدب السريالي    أحمديات: برنامج دولة التلاوة رحلة روحانية مع كلمات الله    طه النعمانى يواسى المتسابق أحمد رشاد: فى فرص جاية كتير وأمل بدولة التلاوة    11727 مستفيدًا في أسبوع سلامة الدواء بالمنوفية    متحدث أممي: نازحو الفاشر تعرضوا لفظائع وحشية.. ومناطق بالسودان تشهد مجاعة    مصطفى حجاج ينفي الخلافات مع هاني محروس: هو شريك النجاح وأستاذي وقدوتي    رئيس جامعة المنيا يناقش إعداد الخطة الاستراتيجية للجامعة 2026–2030    كونسيساو يشيد بأداء الاتحاد السعودي بعد الفوز على الرياض    هالاند يقترب من كسر رقم شيرار قبل مواجهة مانشستر سيتي ونيوكاسل    رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة يدعو الحكومة لمراجعة رسوم الإغراق على البليت لضمان التنافسية وتشغيل المصانع المتعطلة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو اختطاف طالب بالسويس    نيكول سابا تتألق خلال تكريمها بأفضل ممثلة عربية: مصر دايمًا مغرقاني بحبها    صوته نازل من السما.. برنامج دولة التلاوة يحتفي بالشيخ محمد رفعت    ترامب يعلن قرب استئناف التفاوض مع مادورو: سنقدم له أمرا محددا للغاية    تعرف على تشكيل نيس ومارسيليا بالدوري الفرنسي    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    بسبب رسامة فتيات كشمامسة.. الأنبا بولس يطلب من البابا تواضروس خلوة بدير العذراء البراموس    إقبال كثيف وانتظام لافت للجالية المصرية في الأردن بانتخابات النواب 2025    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    المصري الديمقراطي يطالب خطوات "الوطنية للانتخابات" لمنع تكرار مخالفات المرحلة الأولى    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الجمعة فى سوهاج    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    دعاء يوم الجمعة لأهل غزة بفك الكرب ونزول الرحمة.. اللهم يا فارج الهم ويا كاشف الغم فرّج عن أهل غزة فرجًا عاجلًا    بعد إحالته للجنايات.. تفاصيل 10 أيام تحقيقات مع المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية    السفير المصري بنيوزيلندا: انتخابات النواب تسير بسهولة ويسر    وزيرة التخطيط: ملتزمون بتمكين المرأة اقتصاديًا بما يتماشى مع رؤية مصر 2030    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    اسعار الدواجن اليوم الجمعه 21 نوفمبر 2025 فى المنيا    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    مرشحون يتغلبون على ضعف القدرة المالية بدعاية إبداعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عبد النبي: حكاية الموز والقهوة فصل من رواية : رجوع الشيخ
نشر في البديل يوم 13 - 11 - 2010

بعد عامين من عمل أبي، عبد المتعال أفندي دنيا، مدرساً للغة العربية، بمدرسة حكومية، قرر أن الوقت قد حان ليكمل نصف دينه.
كان هذا نهاية الأربعينيات، بالمناسبة، إن كان لهذا معنى أو ضرورة.
استخار أبي الله، وسافر إلى بلدتهم الصغيرة، التابعة لمحافظة الشرقية، ليعثر على بنت الحلال، بمعاونة أمه وشقيقاته، وكانت العروس جاهزة، بانتظاره، بنت من بنات عائلة كبيرة، تأخر نصيبها قليلا، يعلم الله لماذا، وأسرتها ذات جاه ومال، وقد جست إحدى الخاطبات النبض فرحبوا بعبد المتعال، الخوجة فى مصر، على الرغم من رقة حال أسرته، من صغار الملاك، أو بالأحرى من صغار صغار الملاك.
ذهب مع عمه، الذى جاء خصيصا من طنطا حيث يعمل إماما بإحدى مساجدها، فى رحاب السيد البدوى، ولأن الشاب، أبي أيام كان شاباً، لم يكن طامعاً فى حسبٍ أو مال، وكان تطلعه للجمال رقم واحد في أولوياته، فقد اتفق مع العم المُعمم الظريف على حيلةٍ، وهى أن يسأله عمه عن رأيه بسيمٍ محدد بينهما، فلو قدمت العروس الشربات مثلا يسأله عمه عن الشربات، هل أعجبه، وهكذا، ولم يعلنوا للأسرة عن سبب الزيارة، وتَواطأ الأهل على اعتبارها مجرد زيارة تعارف لكى يتسنى للعريس رؤية العروس التى تكبره فى السن، كما يشاع.
استقبلوهم بالترحاب وأجلسوهم فى مندرة واسعة تكاد تكون مكشوفة للهواء والشمس من الجهات الأربع. وراح الرجال يتبادلون المجاملات، وبين الحين والآخر تدخل سيدة لتسلم ثم تنصرف، حتى دخلت العروس بصينية القهوة.
كان كل شئ يوحى بأنها العروس، زينتها وملابسها وشعرها المسبسب المطل من تحت غطاء رأسها الأسود ولكن اللامع أيضا.
كانت مشيتها متخبطة ومتعثرة، كما لو أن عودها الطويل الجاف سوف ينقصم فى أية لحظة، وحين اقتربت ومالت لتضع الصينية على مائدة واطئة وسط مقاعد وآرائك المندرة، بان وجهها الملون والشاحب رغم ألوانه، وبدت أكبر مما توقع العريس وأقل حسنا أيضا مما يُرضيه.
غادرت على عجل فى حياء أشد، وقد خلفت فى نفس المدرس الشاب غصةً ومرارة، ودام الحديث دون أن ينتبه لأن يرفع فنجان قهوته إلى فمه.
وما هى إلا دقائق، حتى ظهرت صبية لعلها لم تبلغ السابعة عشرة بعد، بثياب سوداء مهلهلة أقرب إلى ثياب الخادمات، ووجه مثل طبق البلور، وضعت بسرعة وهدوء، بين أيدي الرجال، طبقا كبيرا ممتلئا بالموز، ثم ذهبت كأن شيئا لم يكن، فعادت الدنيا لظلمتها أمام عين العريس، أمام أبي، وهنا خاطبه العم الأزهرى الأريب:
ما تشرب قهوتك يا ابني، خلينا نلحق العصر حاضر.
ماليش تقل ع القهوة يا عمي، آني هاكل موز، الموز ده لا يُعلى عليه.
لم يفهم الأهل الإشارة، وقال له بعضهم “ألف هنا وشفا يا أستاذ”، دقائق وفوجئ الجميع بعم أبي يطلب يد ابنتهم الكريمة لنفسه، وكان أرملا منذ عامين ولديه طفلة وحيدة يشقى بتربيتها وحده فى غربته بطنطا. انعقد لسان أهل البنت، وطلبوا منه مهلة للتفكير.
وفى اليوم التالي، أخذ أبي عمه من يده لزيارة منزل آخر، دار طينية من طابق واحد، غير أن البدر المنور كانت ابنة أهل هذه الدار. يا سلام على العبر!
أبوها مسنٌ وطريح الفراش منذ سنوات وأمها تعمل في مختلف الأعمال لتطعم الأفواه، والبنت تساعد الجميع هنا وهناك لينوبها هى وأخواتها من الحب جانب. رفضت أم عبد المتعال أفندى، ابنها الوحيد وطالعة به القلعة. وحذره عمه أنها سوف يأخذها بالجلباب الذي عليها، فأجاب الشاب: “سآخذها ولو من غير جلباب يا عمى.”
أعرف أنني أملأ فجوات الحكايات العائلية قدر ما استطعت.
عُقد قران العم وابن أخيه بعد صلاة جمعة واحدة، فى المسجد الكبير للقرية.
ودون عُرس تقريبا أخذ العم زوجته إلى طنطا فى موكب من سيارات محملة بأثاثها وجهازها الذى طال تخزينه، دون أن يدرى الشيخ الأريب أين سيضع كل هذا، إلا إذا قرر أهلها شراء منزل جديد لهما. سيختفي هذا العم الأزهري الآن وعلى طول.
وتم زواج آخر دون ضجيج كبير أيضا، آثر عبد المتعال أفندى أن يوفر المال ليسافر بزوجته إلى الإسكندرية أو مطروح، كما يفعل الناس المحترمون، وبعد أسبوع من العسل قضياه فى مرسى مطروح جاء بها، بحقيبة ثيابها إلى شقته المجهزة من مجاميعه، آخر شارع منية السيرج بشبرا مصر، غير بعيد عن المدرسة التى يعمل بها.
أتخيل أن تلك الحكاية الصغيرة لم تختف من البلدة لسنوات، وكثيرا ما ردد الناس عبارة “الموز لا يُعلى عليه” عندما يفضل بعض الشباب الجمال على المال والحسب، مع الأيام نُسيت الحكاية وإن ظلت العبارة معلقة فى الهواء، وجهل الكثيرون بأصلها، وبقى الشباب يرددونها على مسامع الفتيات، وكأنها رمز معلوم فيما بينهم.
مواضيع ذات صلة
1. ” الصورة .. حكاية ” ورشة جديدة لتشجيع الإبداع المشترك
2. الطبعة الخامسة من رواية ” گولستان والليل” بالقاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.