في مارس 1954 كتب الراحل ” إحسان عبد القدوس ” سلسلة مقالات في مجلة ” “روزاليوسف” تحت هذا العنوان ينتقد منهج إدارة الضباط الأحرار للبلد .و الآن لا أجد أفضل من العنوان ذاته للتساؤل عما يجرى للبلد. ولكي أعرب عن مخاوف من أيام مقبلة ، رغم استجابة المجلس الأعلى للقوات المسلحة للضغوط الشعبية في الشارع . صحيح أن الضباط الثوار 1954 شئ وضباط المجلس العسكري في 2011 شئ آخر .على الأقل هناك الاختلاف بين الشباب والكهول. والاختلاف بين الرتب الدنيا والوسطي المنقلبة على النظام وبين الرتب العليا شريكة النظام. لكن في الحالتين عرفت مصر قرارات مصيرية في مرحلة انتقاليومن يدفعهرى اتخاذها بعيدا عن الرأي العام والديمقراطية.و هذه الأيام أيضا لا أحد يعرف من يستشير المجلس العسكري ومن يدفعه إلى إصدار إعلان دستوري يعيد إنتاج دستور 1971 و قانون أحزاب لا يلبي أشواق حرية التنظيم السياسي، فضلا عن قانون تجريم التظاهر والاعتصام. ولا أحد يعرف من وراء إجراءات أخرى غير شعبية من قبيل محاولة الجيش فض اعتصام عمال “غزل شبين” في الأسبوع الأول من إبريل 2011 .ومن بالأصل يمسك بإيقاع السلطة ، فتقوم بالإسراع فيما لا يستحق ثوريا كإجراء الاستفتاء على تعديل الدستور.و تبطئ فيما لا يجب ثوريا.تبقى على المحافظين والمجالس المحلية وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات وغالبية قيادات الإعلام والصحافة القومية المتورطين في فساد سياسي.وتحمي “مبارك” وعصابته وتحول دون مصادرة أموالهم الحرام قبل تهريبها ومحاكمتهم قبل أن يتملك الناس الغضب . وبالأصل فإن هيئة أركان السلطة السياسية بعد 11 فبراير 2011 تقوم على مفارقات مربكة وقد أمسكت بالتشريع والتنفيذ معا. ونكتفي بالإشارة إلى أن الفريق ” طنطاوي ” يرأس المجلس العسكري أعلى سلطة في البلاد الآن، بينما يرأسه في مجلس الوزراء المهندس ” شرف ” بوصفه وزيرا للدفاع (!). معضلة غياب الديمقراطية هي هي . وإذا كانا نصدق وعد المجلس الأعلى بأن العسكريين غير طامعين في السلطة ومتلهفين على العودة إلى ثكناتهم و إذا كانا نتفاءل لأن مصر وعالم 2011 ليست مصر وعالم 1954 لأنه لم يعد مقبولا في أي مكان وفي هذا الزمان حكم العسكر ، فإنه أصبح من الضرورة الإسراع بتشكيل مجلس رئاسي أغلبه من المدنيين ، يرعى شئون البلاد في المرحلة الانتقالية ،و يراقب أعماله مجلس أمناء من شخصيات عامة نصفها من الشاب. هذا إذا أردنا ألا تحكمنا “جمعية سرية “. كارم يحيى صحفي بالأهرام في 8 إبريل 2011 @ مقالات “الثورة وميدان التحرير”و” الأهرام .. تمرد في الثكنة”و”الشبيهان : سيرة مزدوجة لمبارك وبن على “و مقالات ودراسات أخرى عن الصحافة والسياسة المصرية على موقع جريدة “البديل” الالكتروني .