انتقد خبراء الاقتصاد تصريحات الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية، حول تبني الحكومة لخطة «مارشال» وهي نفس الخطة التي طبقها الجنرال جورج مارشال رئيس هيئة الأركان الأمريكي للخروج من الأزمة الاقتصادية التي مرت بها بلاده عقب الحرب العالمية الثانية؛ بأنها لا تتلاءم مع مكانة مصر خاصة وأنها تنتهج نفس سياسة جماعة الإخوان المسلمين في الاقتراض من الخارج بالإضافة إلى زيادة فاتورة الديون الخارجية للبلاد والبالغة نحو 48 مليار دولار حتى الآن، مطالبين بضرورة الإنتاج والتفكير في إعادة تنظيم وادارة موارد الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية بجانب استعادة التواجد الامني لتشجيع الاستثمارات الاجنبية علي المجيئ للبلاد مجددًا. قال الدكتور أحمد فرغلي أستاذ المحاسبة والتكاليف بجامعة القاهرة وعميد كلية التجارة الأسبق: إن مجموعة من الدول الخليجة أرسلت لمصر قرابة 12مليار دولار بداية الشهر الجاري كنوع من الدعم للبلاد، لافتًا إلى أن الحكومة الحالية تسير على نهج من سبقتها بالنسبة للقروض الخارجية وإحدى الطرق لتنمية الاقتصاد دون الاقتصار علي إنتاج السلع وزيادة الصادرات والحد من الاستيراد باعتبارها الحلول للأزمة الاقتصادية الراهنة. وأضاف أن مصر بحاجة لإعادة ترتيب ما أسماه ب«البيت الاقتصادي»، مرة أخرى، لافتًا إلى ضرورة عدم الاعتماد على القروض كأحد الحلول للأزمة الاقتصادية أو الاستعانة بها لتمويل الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي فقط دون أن تتطرق خطط التنمية للتشجيع على وجود عوائد انتاجية. واعتبر أن ما اعلن عنه الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية حول تبني الدولة لخطة مارشال للتنمية الاقتصادية لن يتحقق ما دام سيعتمد فقط علي التمويل الخارجي، مطالبًا الحكومة بالتنسيق مع وزراء المجموعة الاقتصادية وتبني برنامج وطني حقيقي يسعي للتنمية الاقتصادية، مشيرًا إلى أن المنح التي حصلت عليها الحكومة مؤخرًا سترد وسيتحمل تبعتها الأجيال القادمة وستكون من رصيد الديون الخارجية وفوائد اقساط تلك الديون. وقال فرغلي: إن مصر تعاني حربًا عالمية مصرفية فالتنمية الحقيقية تهتم بزيادة الإنتاج اكثر من الاستهلاك، مطالبًا الحكومة بالاهتمام بالإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري دون الاعتماد فقط علي تصدير خدمات قناة السويس دون وجود عائد حقيقي للناتج القومي، وطالب الحكومة بتبي خطة للاستثمار تسعي لزيادة حصيلة الدولة من العملات الأجنبية و التصديرية بجانب حصر الموارد المهدرة وإعادة توظيفها بشكل أمثل، حتى ينعكس بشكل مباشر على الدخل القومي والشخصي. واقترح فرغلي للقضاء على حالة التوتر السياسي كأحد الأسباب لاستعادة النشاط السياسي، أن تفض الحكومة بفض الميادين من جميع الاعتصامات بما فيها احتجاجات المعارضين أو تواجد المؤيدين علي حد سواء والإعلان عن بدء العمل والانتاج لإعادة اجتذاب الاستثمارات للبلاد، مشيرًا إلى أنه ينبغي عليها أيضًا أن تفعل الحد الأقصى والأدنى للأجور كما أعلنت في وقت سابق لتحقيق العدالة الاجتماعية بين فئات المجتمع بالإضافة إلى إنشاء جهات لتخطيط تكاليف الأسعار للسيطرة على التضخم ومنع ارتفاع الأسعار، معتبرًا أن السيطرة على أسعار السلع يعتبر هندسة للاقتصاد المصري بالإضافة إلى المحافظة على العملة الوطنية من التدهور. وعلى نفس السياق أكدت الدكتورة عالية المهدي الخبيرة الاقتصادية وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة بجامعة القاهرة، أن حكومة الدكتور الببلاوي إن كانت تنوي تحقيق خطة مارشال للتنمية الاقتصادية فعليها أولًا أن تبدأ في مكافحة العشوائيات المنتشرة في أرجاء البلاد كافة خاصة في منطقة وسط البلد وتنظيم حركة المرور وتوفير العنصر الأمني كاحد الحلول العاجلة لاستعادة النشاط الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية واستعادة قطاع السياحة. وطالبت المهدي بضرورة القضاء أيضًا على البور الإجرامية المنتشرة بالشارع المصري، معتبرة أن أي مستثمر لن يجرؤ على المجيء ما دام هناك انفلات أمني بالشارع الأمر الذي يحول قدوم أي استثمارات للدولة بما في ذلك الاستثمارات المحلية. واستنكرت المهدي قيام الحكومة الحالية بالاعتماد علي المعونات الخارجية دون القيام بعمليات اصلاحية للاقتصاد المصري يمكنه من التعافي وتخطي ازمته، معتبرة ان ما اعلنت عنه الحكومة من تبني خطة مارشال يعد تصريحا وهميا. وأشارت إلى أن ما أعلنت عنه الحكومة من وضع اليات للسيطرة علي عجز الموازنة العامة للدولة، لافتة إلى أن ذلك لا يحتاج لخطط أكثر من ترشيد النفقات والقيام بأنشطة توسعية لزيادة الموارد التي تعاني الركود. وكان الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية، صرح بأن الحكومة بصدد تبني خطوات سريعة لتنشيط الاقتصاد وكذلك إعداد خطة مارشال بشكل واسع للحصول على منح ومساعدات من الدول الخليجية وبعض المانحين الآخرين، لافتًا إلى أن الحكومة ستسعى لتسهيل إجراءات واستئناف الاستثمارات المتوقفة لإنعاش الاقتصاد المصري والسيطرة على عجز الموازنة العامة دون فرض أي ضرائب جديد خاصة وإن الوقت ليس ملائمًا لها ودون الإخلال بمنظومة الدعم وتوفير الغذاء.