كصحفي ، لم يكن يخطر علي بالى أن أرى سطرا واحدا عن “الجيش” في صحفنا المصرية، إلا في المناسبات أو احتفالات 6 أكتوبر، فأي كلمة عن القوات المسلحة المصرية في وسائل الإعلام – المصرية برضه – بحساب.. ده فيه مادة في القانون تمنع ده أصلا.. وكان دائما أول ما تسمعه من رئيس تحريرك” ده لو أنت زميل يعني” جملة: ما ينفعش نجيب سيرة الجيش”.. لدرجة أن صحفي زميل سألني قبل أن يسلم خبرا لصفحة المجتمع عن حفل زفاف “هو ينفع أقول إن الفرح كان في قاعة القوات المسلحة؟”.. وكان صادقا في سؤاله.. وحتى يوم 25 يناير خليها 28 لم يكن سيحدث ذلك.. ولا حتى كان باين أن مصر ستشترك في حروب أخرى بعد “ما ريحت” لتتوقع قراءة أخبار عن ” الجيش”.. ومناوراته لمفاجأة العدو وكلام الحروب ده ربنا يكفينا شرها.. لكن أهو حصل اللي لا يخطر على بال بشر.. وبقى الجيش يبعتلي رسايل أكتر من خطيبتي.. وبفكر أكتب مقال ساخر عنه كمان.. يا راجل ده كفاية اللي حصل مع الراجل السكرة اللي واقف ورا عمر سليمان..الشهير ب المقدم أركان حرب حسين شريف.. نزول الجيش وحكم البلاد عن طريق المجلس العسكري بعد ثورة 25 يناير.. لم يغير عناوين الجرائد فقط ، بل حتى هو شخصيا لم يعد هو الجيش الذي كان في حوديتنا الجانبية عنه.. ليس كمؤسسة ولا علي مستوى الممارسات..أنا راجل بتكلم عن حاجات شايفها بعيني..ونتكلم في الموضوع ده تحت شوية.. ولا تظن أنى غافل عن فكرة إن الثورة هي التي تفعل وليس الجيش.. ولكن أنا بتكلم عن حاجات تانية.. بعيدا برضه عن الجماعة اللي نزلوا يتصورا جنب الدبابات هما وحمادة.. طب أنت نفسك لما بقيت تشوف حد من الجيش في الشارع بقي تفكيرك فيه هو هو؟ زمان كنت لو قابلت “دفعة” في الشارع ممكن ما تاخدش بالك منه.. ولو تحدث معك فلن يسأل سوى عن “أركب إيه عشان أروح هناك؟”..وأنت بدورك لن تحدثه إلا لتحذيره بأخوية ” فيه شرطة عسكرية في المترو يا دفعة خلي بالك”.. حتى أحلام الطفولة تبدلت.. وأي عيل صغير كنت تسأله “نفسك تطلع إيه يا حبيبي؟” علي طول يقولك “ظابط” عيال سادية..دلوقتي كل العيال نفسهم يبقوا ظبابيط برضه.. لكن في الجيش.. مش العيال بس وشرفك.. لأني أعرف ناس بتتمني دلوقتي يجيلها استدعاء.. ده غير اللي بينزل بجاكت مموه قديم كان راميه لمجرد أن تظن وأنت تراه في الشارع إنه اسم الله عليه “ظابط في الجيش”.. مؤكد لاحظت أيضا.. أو تبقي تاخد بالك من دلوقتي.. أن “كاب الشرطة” الذي كان يزين نصف سيارات مصر علي التابلوه أو حتى أعلي الكنبة الخلفية.. قد إختفى من الشارع .. وكمان “بدلة الظابط” المعلقة بشماعة علي الباب الخلفي.. كل هذه الظواهر اختفت .. إذا كان رجال الشرطة نفسهم اختفوا ياعم.. ولكن الأمر تحول لصالح كابات وبدل الجيش في السيارات أيضا.. دلوقتي نص عربيات مصر جواها بدلة جيش متعلقة.. فارس الأحلام أيضا بالنسبة للبنات قد تغير.. تبقي تلاحظ دلوقتي لو بنت ماشية مع خطيبها” المجند” ويا سلام لو ظابط مثلا.. ولا كأنها ماشية جنب ظابط أمن دولة، فيما قبل 25 يناير.. وهذا ما تأكدت منه عندما كنت أجلس علي مقهي بوسط البلد ومر بالشارع ضابط بالجيش شاب حليوة ،لأجد الخمس ست فتيات اللاتى بجواري يتنحن ويذبهللن مع تنهيدة جماعية و ” الللله ده أمور خاااالص”.. ولو صودف وركبت المترو والعربية فيها”ظابط جيش”.. تلاقي المترو بالكامل بيتكلم معاه.. وهاتعملوا فينا إيه يافندم؟.. وربنا يحفظكوا للبلد.. وشاب ثورجي ينصح الظابط بجدية وكأنه قاعد مع سامي عنان شخصيا ” انتوا لازم ترجعوا ثكناتكم”.. ويختمها متوسلا “الله يخليكم”.. ولكن ليس كل ما يحدث للجيش في صالحه.. ومصلحة رجاله.. فلو توقف الأمر عند الكام أوبشن دول فلن نستخسرهم في بواسل قواتنا المسلحة لحين استتباب الأمن بالبلاد.. ونبوس فوق رؤوسهم كمان.. أركان .. أركان .. لواء لواء ..مجند مجند.. علي حماية الثورة والثوار وكل الكلام الحلو ده. فالمؤسسة المجهولة والمغلقة علي نفسها و التى لم يكن يجرؤ أحد الحديث عنها سوي لتوجيه التحية والشكر.. تحولت مع الثورة لمؤسسة في وش المدفع..اللي هو الشارع والمواطن المصري.. ولا تستهين بهذا المدفع.. حتى لوكان في وش مين.. وكلما طالت الفترة المؤقتة لحكم المجلس العسكري كلما كان المدفع أشد تأثيرا..خصوصا مع ممارسات المجلس العسكري وقراراته_ تحديدا في الفترة الأخيرة_ والتى تأتى دائما عكس بل وضد رغبات الأغلبية من الشارع.. ويكفي فقط ذكر المحاكمات العسكرية لمن تم القاء القبض عليهم في التحرير.. وطريقة فض اعتصام طلبة كلية إعلام القاهرة.. وموضوع تجريم الاعتصامات وقانون الأحزاب الجديد.. وبصراحة دلوقتي خلاص.. بدأت الناس تبحث في “ملفات الجيش” ورجاله وقادته.. الناس دي بتعمل إيه؟ ومع مين ضد مين؟.. وبدأ الكلام يكتر عن من كانوا بعيدين عن الشبهات وفوق المساءلة قانونا وأخلاقا.. إوعي تجيب سيرة الجيش بكلمة عيب.. وقد ختمها لى”عم سامي” بتاع الولاعات عندما أردت أن أسأله بقوله: “يا بني المثل بيقول اللي يخرج من داره”..ودار الجيش مش سياسة.. صدقت يا “عم سامي”. محب سمير