(1) "النزاع السُني - الشيعي؛ بدأ يتربع محل النزاع الأوسع بين المسلمين والغرب... وقد يتصدر الحياة السياسية العربية؛ ويحل محل القضية الفلسطينية؛ في سلَّم الأولويات"؛ يقول تقرير معهد بروكينجز؛ الصادر في شهر أبريل/ نيسان 2013 (2) الصفر هو الرقم الوحيد الذي لا يقبل القسمة على اثنين؛ ما يسري بدوره على "الحقيقة". التي شربنا كأسها المُرَّ حتى الثُمالة؛ فما يمْنعنا وقد أُتخمنا منها أن نُجرِّب حديث الصراحة؛الذي لا تعمية فيه ولا إبهام؛ غير عابئين برذاذ سخافات طائفية مَقيته؛ يُلقيها هذا النفر؛ أو ذاك. الحقيقة المُجردَة تقول أن حزب الله حارب وحيداً؛ في مواجهة أعتى ترسانة سلاح في المنطقة؛ تحت وطأة ميزان قوى فادح الاختلال؛ لمصلحة العدو؛ الذي أمَّن له الأميركي منذ كان؛ تفوقاً نوعياً على جيوش الدول العربية مجتمعة (على فرض أنها ستحاربه؛ مُجتمعة؛ وهو ما لم يحدث؛ قط !). ثلاثة وثلاثون يوماً كاملة. في ذلك الصيف قبل سبع سنوات؛ و المقاومة تسأل: "هل مِنْ ناصرٍ ينصُرني"؟ فيكون الجواب خُذلانُ وتخذيل؛ إن من "الجبهة" الداخلية؛ حيث الكل "طوابير خامسة"؛ تكاد تكون مُعلَنة؛ أو "الخارجية" حيث الكل يفرِك يديه حُبوراً؛ بانتظار انتهاء هذه "الظاهرة" النبيلة التي كشفت تهافتهم؛ وهوانهم على عدُّونا؛ لا عدُّوهم؛ وعرَّت تخاذلهم؛ وأقلقت سُباتهم الطويل! من دون "سلاح النفط" (بالأحرى كان النفط وأهله؛ خنجراً في خاصرتها)؛ حاربت المقاومة؛ بشرف وكرامة؛ كما يليق بها؛ وبشرف الجندية؛ وكرامة السلاح؛في آن. فيما تحتفظ الذاكرة بما تعرفه عن "جيوش" حاربت أقل من إسبوعين؛ فقط؛ قبل أن يصرخ قائدها "الأعلى" بالشكوى؛ طلباً لوقف القتال بذريعة خائبة/ خائرة/ خائنة: "إنني لن أستطيع أن أُحارب أميركا"! (3) "هل يجوز نُصرة ما يسمى حزب الله الرافضي؟ وهل يجوز الانضواء تحت إمرتهم؟ وهل يجوز الدعاء لهم بالنصر والتمكين؟ وما نصيحتكم للمخدوعين بهم من أهل السنة؟ الإجابة: لا يجوز نُصرة هذا الحزب الرافضي, ولا يجوز الإنضواء تحت إمرتهم, ولا يجوز الدعاء لهم بالنصر والتمكين, ونصيحتنا لأهل السنة أن يتبرؤا منهم, وأن يخذلوا من ينضموا اليهم, وأن يبينوا عداوتهم للإسلام والمسلمين وضررهم قديماً وحديثاً على أهل السنة, فإن الرافضة دائماً يضمرون العداء لأهل السنة, ويحاولون بقدر الاستطاعة إظهار عيوب أهل السنة والطعن فيهم والمكر بهم, وإذا كان كذلك ؛فإن كل من والاهم دخل في حكمهم لقول الله تعالى " وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ " ! 4) ما سبق هو نص "فتوى" الشيخ السعودي عبد الله ابن جبرين؛ أثناء حرب الثلاثة وثلاثين يوماً؛ صيف العام 2006. حيث كان حزب الله؛ آنذاك؛يخوض؛ وحده؛ معركة الأُمة العربية؛ضد عدوها الوجودي. لكن هذا لم يكن لِيشفع له؛ عند الذين رهنوا أنفسهم ل "دار الإفتاء الأميركية"؛ فهم يضبطون "فتاواهم"؛ على موجتها! فما نصروا؛ السيد نصر الله؛ ولو بشِق كلمة؛ بل خذَّلوا الناس؛ عن نُصرته؛ ولو بِشق كلمة؛ أيضاً. ما يجعلنا نوقن؛ مثل مَنْ كان له قلب أو ألقى السمع؛ وهو شهيد؛ أن لا سلاح عربياً سيُرفع بوجه "إسرائيل" ؛من تلك الأسلحة الأميركية التي يتم استيرادها؛ بعشرات بلايين الدولارات سنوياً؛ بما يكفي لتزييت ماكينات السلاح الأميركية؛ بينما تنام تلك الأسلحة في مخازنها تتشكى الظمأ؛ فيما يأكلها الصدأ! (5) لا أحد بمقدوره أن يُطالب أحداً؛ أن يتخذ موقفاً مُغايراً لقناعاته ( فهذا فوق طاقة "البشر") لكن ما لا يليق؛ حقاً؛ هو أن يستمرىء البعض التذرع بجهله؛ و بأنه "لم يكن يعرف"؛ ساعة يتبين له أنه كان "ِمعول هدم" من حيث ظن نفسه "بنَّاءاً " وأن ما ظنَّه "الحق الفصيح" لم يكن سوى "الباطل الصريح"! فليس خفياً على أحد؛ سوى أصحاب "الغرض"؛ الذي يبقى "مرضاً" عُضالاً؛ ولا ريب؛ أن إلباس الحرب الأهلية في سورية؛زياً طائفياً؛ يُمثل مصلحة "إسرائيلية" مُباشرة؛ هذا ما كشفه؛ علناً؛ مؤتمر "هرتسيليا"؛ المعني باستراتيجية "الأمن الوطني الإسرائيلي" ( في انعقاده السنوي؛ في شهر مارس/ آذار؛ الماضي) وأشار إليه الباحث الأميركي المتخصص في شئون "الحركات الإسلامية"مارك لينش؛ بقوله: "يرمي إسباغ صفة الشيعي على محور سورية - ايران- حزب الله إلى تقويض شعبيته؛ عن طريق تذكير الجماعات بعصبياتها المذهبية" ( "فورن بوليسي" ؛23/5/2013) فهل كان ما أعلنه؛ د. محمد مرسي؛ في خطابه الكارثي؛ بما غلب عليه من انفعال ( 15/6/2013)؛ بعيداً عن هذا السياق؛ أم أنه كان في صُلبه؟! (6) لا يتوقف القوم عن لَوكِ سؤالهم؛ الذي يظنونه ذكياً؛ بما لا يُقاس: "كيف سمح حزب الله لنفسه بأن يتدخل في سورية؛ على هذا النحو العلني؟!"وكأن العيب كل العيب؛ في إعلانه ما يفعل؛ فليس في وارد هؤلاء؛ أن يرى حزب الله تدخله هذا" طبيعياً"؛ لذا لا يجد فيه ما يخجل منه؛ فيدعوه لإبقائه طيْ الكتمان. وبدون أسئلة؛ مُضادة؛ عن أسباب دخول آلاف "الجهاديين الإسلاميين" من أربعة أنحاء المعمورة؛ لحمل السلاح ضد الجيش العربي السوري؛ دعونا نتساءل عمَّا دعا تحتمس الثالث وسيف الدين قُطُز وصلاح الدين الى الخروج؛ من حدود مصر؛ لمُلاقاة أعدائهم؛ خارج حدودهم ؟! إنها "البصيرة الاستراتيجية"؛ لا سواها: حزب الله قاتل في "القصير" حيث "الممر الأهم" لعتادِه العسكري؛ وحيث كان يتمترس أُلوف من التكفيريين الذين أتوا الى سورية؛ من كل حدب وصوب .ولم يتحرجوا من الإعلان؛ أن معركتهم التالية؛ "بعد إسقاط الأسد؛ ستكون في لبنان؛ وضد حزب الله"! هنا نستطيع أن نقرأ المشهد من أكثر من زاوية: حزب مقاتل يبدو مُستفرَداً في "بيئة معادية" حيث قطاع كبير من "السُنة"؛ المنتمين سياسياً لتيار سعد الحريري؛ (الواجهة "السعودية"؛ في لبنان) يرونه "عدواً"؛ وقطاع أعرض من المسيحيين الموارنة؛ في معسكر 14 آذار ( القواتيين والكتائبيين) يرونه كذلك. والدروز أعادوا تموضعهم بعيداً عنه؛ (وفق بوصلة زعيمهم وليد جنبلاط؛ المتذبذبة) فأصبحوا هم أيضاً في الخندق المعادي؛ للمقاومة. على الجانب الآخر؛ سمعنا "المعارضين" السوريين وهم يُكررون غير مرة؛ تدلُههم في حب العدو "الاسرائيلي"؛ بما يُنبىء حزب الله وقيادته بما ينتظره على يد هؤلاء؛ فتكون "الكماشة" قد اكتملت: سورية تحولت؛ على يد الحُكام "الاسلاميين" الجُدد؛ من حليف الى عدو؛ و"الاسرائيلي" سيشن الحرب القاصمة التي يُعدُ لها منذ سبع سنوات. والطابور الخامس في لبنان على أُهبة الاستعداد للتحرك متى دقت ساعة الصفر! (7) ويبقى السؤال: ما الذي كان مطلوباً من حزب الله؛ تحت هذه الظروف المُعقدة؟! أكان مطلوباً منه أن "يبيع" حليفه السوري؛ الذي طالما شكَّل رافعة للمقاومة؛ وظهيراً لها فكان هو الصوت "العربي" الوحيد الداعم للمقاتلين؛ بالسلاح قبل الإسناد المعنوي؛ في "ساعة العُسرة"؛ صيف العام 2006 . يوم كان الثلاثي غير المرِح: مبارك والعَبادِلة إلا واحداً (الأردني؛ والسعودي)؛ يطعنون المقاتلين في ظهورهم؛ بتشفٍ لا يختلف البتَّة؛ عن نظيره الصهيوني؛ فيما يُجاهرون بالتحريض على المقاومة مُدينين "مغامراتها"؛ التي لم يرفع رؤوس أُمتنا من وحل التسويات المُذِلة؛ سواها ؟! و هَبْ أن المقاومة "باعت حليفها"؛ كما كان يطلُب إليها "الناصحون"؛ من "الإخوان المُسلمين"؛ هل كان النظام السوري الجديد؛ وهو بطبيعة الأشياء؛ موالٍ بالكُلية للأميركي (و بالتبعية ل" الإسرائيلي") سيمنح المقاومة فرصة إقامة علاقاتٍ "استراتيجية" عميقة كتلك التي بَنَتْها المقاومة مع النظام السوري؛ في عهدي الأب والأبن؛ معاً ؟! وكيف يُمكن لنظام سوري "جديد" (على فرض إمكانية ذلك؛ أصلاً) أن يُؤَّمِن للمقاومة؛ خطوط إمدادها ومخازن سلاحها (بما في ذلك من مُخاطرة مُهلكة؛ مع حلفائه الغربيين) فيما المقاومة نفسها لم تحفظ "صنيع"؛ ذلك النظام الذي عادى العالم؛ لأجلها؛ وحَمى ظهرها؛ كأوفى صديق؟! ببساطة: هل قيامك ببيع صديقك الذي وقف بمُفرده إلى جوارك "في وقت ضِيق"؛ يُمكن له أن يُكسبك صداقة آخر "شاهد على خيانتك" ؟! هل يبدو هذا مٰتسقاً مع مسيرة "المعقولات"؛ التي رعى العقل مسيرتها؛ منذ الأزل؟! ودعونا نستمر في طرح الأسئلة التي تبدو غائبة في مشهد زحام الذين يُحبون أن يُحمَدوا بما لم يفعلوا: ليُخبرنا أحدهم عما "فعله" الذين يَمُنُون على المقاومة؛ بوقوفهم إلى جوارها؛ في حرب ال 2006 ؟! أكان لديهم "سلاح" سوى "منصة إطلاق التصريحات"؛ بعد "مصمصة الشفاه" كالعجائز ؛اللواتي لا يملكن من أمر أنفسهن شيئاً؟! ولا يتورع بعض المُرجفين في المدينة؛ عن تكرار هذه الجملة التي تشي بسذاجة قائلها: "لقد خُدِعنا في حزب الله"؛ ما يستدعي سؤالاً منطقياً: و ما الذي يضمن لنا؛ألا تكونوا مخدوعين في موقفكم المناوىء للمقاومة اليوم؛ بمثل ما خُدعتُم فيما تزعمون أنه موقف داعم؛ بالأمس ؟! فمَن كان مُغفلاً مرة ( بإقراره ؛ هو نفسه) ما الذي يمنع من استغفاله ألف مرة ؟! ويبدو طبيعياً أن مَن يتهم نفسه ب "الغفلة" لن يتورع عن إلصاق تُهم تُجافي كل منطق من عينَّة: "هؤلاء أخطر من اليهود"؛ والإشارة طبعاً إلى "حزب الله"؛ ودعونا نُسايره في زعمه: وماذا فعلتَ لليهود "الأقل خطراً" ؟! أيها الصنديد؛ "حامي حِمى الإسلام"؛ وحامل تذاكر دخول الجِنان؟! ألم تُعلن؛ بلا مواربة لفظية؛ إلتزامَك الكامل باتفاقية العار والشنار ( "كامب ديفيد") وتُدلِس على سامعيك؛ ذوي الوعي البسيط؛ بأقوال مُرسلة على شاكلة أن الرسول ( ص)؛"عاهَدَ اليهود في المدينة"؛ وكأننا نحن الذين نزلنا"ضيوفاً" على الصهاينة؛ ولم يحتَّلوا هُم أراضينا ؟! (8) اقتضت مشيئة الله؛ جلَّت مشيئته؛ أن يجمع الإنسان بين جانحيه مزيجاً من الحكمة والحماقة؛ فتشكَّل تاريخ الإنسانية؛ كما عرفناه؛ من هذا المزيج والحكمة (التي وُصفَت يوماً بأنها "يمنية"؛ حيث أصل العرب)؛ تبدأ من إدراك حقيقة ناصعة: النهار يستمد وضوحه من نفسه؛ لا من اعتراف الآخرين به. فاعترافهم يبقى "تحصيل حاصل"؛ وهو؛ في عُرف أهل المنطق "مُحالْ" ؛ تماماً كالسعي لاكتساب "رضا" كل الناس؛ ولا يعني هذا؛ مطلقاً؛ أننا نُنزه "حزب الله" عن النقد؛ بل لعلنا لا نتجاوز الحقيقة إذا ما عددنا ذلك النقد ضرورياً؛ ولازماً لتصويب المسار؛ أمس واليوم، وغدًا، حرصًا على المقاومة؛ التي طالما حمل حزب الله رايتها؛ لثلاثة عقود ونيِّف. لكننا نُطالب، في المقابل؛ كلُّ من ينتقد حزب الله؛ بأن ينظر في مرآته أولاً؛ كي يتأكد من أنه فعل شيئًا، ولو صغيرًا، ضدّ "إسرائيل". ويستيقِن قبل أن يسترسل في نقد حزب الله، من أنه أطلق رصاصة ( ولتكن رصاصة "خرطوش"؛ من التي يقتلون بها شباب الثوار؛ في الميادين) ضدّ "إسرائيل" فإنْ لم يفعلْ أيًّا من ذلك، فسيكون نقدُه لحزب الله، أو لأيّ فصيل مقاوم؛ قدّم ولو شهيدًا؛ أو جريحًا واحدًا؛ ضدّ "إسرائيل" ، مدعاةً للتشكيك. يبقى التأكيد على أن نقدَ المقاومة ينبغي أن يأتي من باب تجذيرها، وتعميمِها على أوسع فئات المجتمع العربي، وتجنيبِها الفئويةَ والمذهبيةَ والطائفية والتبعيّةَ، لا من باب خدمة أميركا وقطر وتركيا والسعودية و "إسرائيل"! وعلى نحو شخصي ستظل ُ فلسطين هي بوصلتي؛ و"المعيار الصادق" الذي أقيس به مواقف "القوم"؛ صواباً وخطأً. و ما دامت "إسرائيل" تُصنِف حزب الله؛ على قائمة أعدائها اللدودين؛ فلن أبتلع شيئاً من ألعاب الحُواة؛ المُتسترين بالدين؛ فيما هم يخدمون أجندة أعدائنا؛ يستوي عندي أن يتِّم ذلك بوعْي؛ أو في غيابه! وما دام هؤلاء يدفعون بفلذات أكباد الناس؛ إلى التهلكة في الحرب الأهلية العبثية؛ في سورية؛ تحت مزاعم "الجهاد"؛ فيما يُرسلون أبناءهم ليتعلموا في جامعات "الغرب الكافر"؛ فلن أتزحزح أُنملة عن محبتي وتقديري اللذان لا يقفان عند حد؛ للسيد حسن نصر الله "أبو الشهيد"؛ الذي ما ضنَّ بولده البِكرُ؛ على الصفوف الأمامية للجبهة مع العدو؛ وسأظل أدفع عنه سهام "المؤلفة جيوبهم"؛ ما دام هو الإسم الأول على قوائم "الإغتيال" الصهيونية؛ فيما يتمتع آخرون بقوائم "طعام" أميركية. أقلَّهُ ؛من باب الإمتثال للأمر النبوي الكريم؛ الذي ما أظن أحداً من هؤلاء " المتنطعين" قد أداره برأسه مرة: " ليس للقاعد؛ أن يلُوم المجاهد"!