نالت دعوة الشيخ محمد العريفي، للجهاد إلى سوريا، خلال خطبته بجامع عمرو بن العاص بالقاهرة، الكثير من الانتقاضات والرفض، فيما أكد الخبراء السياسيين أنها تؤدي إلى إرباك الأوضاع السياسية في مصر، مؤكدين أن الدعوة لا علاقة لها بإلهاء الإسلاميين للمصريين عن 30 يونيو. قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ل"البديل": إن دعوة الجهاد إلى سوريا لا تتعلق بأحداث 30 يونيو، لأن دعوة الجهاد تتفق مع طريقة الإسلاميين المصريين، فهم أكدوا منذ البداية تضامنهم مع الثوار السوريين ضد نظام الأسد، كما أنهم حشدوا بعض أعضاء التنظيمات المختلفة على الذهاب للجهاد في سوريا. وأضاف أن الوضع الآن ينبع من اعتبارات طائفية أكثر منها دينية حقيقية، وهذا الأمر يفتقد للرؤية السياسية الواضحة للصراعات الدائرة، على المستوى الإقليمي والدولي. وأوضح أنه ربما تكون الدعوة للجهاد لها علاقة بأمريكا، ولكن ليس بالضرورة تواجد ضغط أمريكي مباشر، لأن أمريكا نفسها متخوفة من بعض الجماعات الإسلامية التي تحارب في سوريا، وخاصة جماعة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة. وتابع: أظن أنه حتى اللحظة الأخيرة كانت أمريكا مترددة في تقديم السلاح للجماعات الجهادية في سوريا، ولكن مجرد أن ينخرط الإسلاميين تحت لواء الغرب وفي الجهاد ضد النظام السوري، فهم يكررون مأساة ما حدث في العراق، وبالتخطيط تم بالفعل احتلال العراق من جانب الولاياتالمتحدة. فيما أكد الدكتور عادل سليمان، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن اجتماع العلماء المسلمين سبق تحديد فعاليات 30 يونيو، والذي دعا أيضًا إلى الجهاد، والفكرة بشكل عام تأتي في سياق النواحي الطائفية. وأوضح أن خطورة الدعوة تكمن في خروجها من السياق الوطني إلى السياق الديني، مؤكدًا أن الثورة السورية بدأت ثورة شعبية. ومن ناحية أخرى، رأى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن جماعات الإسلام السياسي تقف حائط سد أمام الوصول إلى حدث 30 يونيو، وهذا الأمر اتضح كثيرًا ليس من تصريحات ومواقف والخطب التي حفلت بها القاهرة أمس، وعلى ألسنة بعض الدعاة الإسلاميين، أو ما إلى ذلك، لأن استدعاء الشيخ محمد العريفي تحديدًا يثير علامات استفهام، وفي المرة السابقة تم استدعاؤه وربما لتوظيف شهرته، ولكن الموضوع أعمق من هذا. وتابع: كل هذا يشير إلى أن الإسلاميين يريدون تحويل الصراع إلى صراع ديني، لأن إعلان الجهاد بدون رؤية واضحة المعالم يستهدف جر المنطقة العربية إلى مواجهات جديدة، كما أن التنظيمات الجهادية والسلفية سواء تنظيم النصرة في سوريا والتنظيمات الفرعية للقاعدة، تشير إلى تحول دراماتيكي في المسألة السورية. وقال: إن من الضروري الآن أن يكون هناك دعوى جهادية لحسم المعارك في سوريا، هل الهدف هو إسقاط النظام أم استبدال النظام ومحاولة جر سوريا إلى حرب أهلية الموجودة بالفعل الآن؟ ولكن استدعاء الملف الجهادي بتنظيماته في الشأن السوري له تكليف كبير ليس على سوريا فقط، لكن على دول الجوار الإقليمي سواء في تركيا والعراق والأردن، يتم توسيع دائرة المعارضة. وأضاف أن تصريحات المهندس خالد القزاز، مستشار العلاقات الخارجية للرئيس مرسي، حول عدم محاكمة من يسافر للجهاد في سوريا بعد عودته إلى مصر، فإن هذا الأمر شائك إلى أمرين، الأول تعبيرا عن مؤسسة الرئاسة في مصر، رغم أنه ليس متحدثًا رسميًا، لكن ما صرح به وما يفهم من تصريحاته هو أن مصر تلعب على كل الخيارات، فمصر هي التي دعت للمبادرة الرباعية، على لسان الدكتور محمد مرسي بهدف حقن دماء الشعب السوري، مؤكدا أن مصر بصورة أو بأخرى تريد أن تتواجد في الملف السوري، إضافة إلى أن هناك مساعي مصرية إلى تقريب وجهات النظر من خلال هذه المبادرات. وأشار إلى ربط المواقف السياسية بمواقف أيديولوجية، سواء فتح الباب للتطوع أو الدخول إلى سوريا أو تسهيل إجراءات، أو ما إلى هذا، ويفهم من ذلك أنها مجرد أفكار رومانسية أو عاطفية، ولكن مصر منذ هذه اللحظة ملتزمة بالمبادرة الرباعية وبالحفاظ على الشعب السوري.