في غيبة الوعي الأثري من جانب الدولة ومسؤوليها ، ازداد الخطر على تراثنا من الآثار ، فما رأيناه من تعديات على الآثار، (نقش السائحين لأسمائهم على جدارن المعابد) ، يعكس حالة العبث التي وصلنا إليها ، بل تخطى الأمر لأن تمتد أيادي الأفاقين والمغامرين للتنقيب أو النبش عن الآثار وتهريبها للخارج ، وكم من قطعة نادرة أو تماثيل فريدة شاهدناها تباع في مزادات عالمية ، ولا نملك غير " الفرجة " عليها ، والعويل على ما ضيعناه بغفلتنا وإهمالنا. قال محمود ياسين مدير عام الحفريات السابق بوزارة الأثار، "هناك اهمال جسيم من الدولة تجاه الاثار المصرية، من حيث عدم توفير حماية كافية للمتاحف والمخازن التي تحتوي على أكثر من 30 الف قطعة أثرية ولا يقوم بحراستها سوى غفيرين غير مؤهلين لمواجهة العصابات المحترفة". وأوضح، انه في ظل انتشار اعمال البلطجة وعدم الاستقرار الامني، نجد الشرطة ترفع يدها عن المنشأت الأثرية وتخفف الحراسة بحجة أن هناك أمور أهم يجب أن يعمل الأمن من أجلها، مشيرًا الى أن حماية تلك الاماكن العريقة منذ الاف السنين يجب أن لا يقل لان اهماله كارثة ولو كانت البلد تمر بحالة حرب وليس مجرد انفلات امني. وطالب "ياسين"، بفصل كلًا من السياحة والأثار، حيث نجد أن مقرات المشتغلين بالسياحة قريبة من الاثار ولكن لا يهتمون بها ويعملون من أجل الترويج وتوفير الراحة اللازمة للسائح، كما طالب بضرورة تفعيل ادارة الامن بوزارة الأثار التي تحتوي على أصحاب المؤهلات، الذين لا ينزلوا الى المواقع ويتفقدوها ويكتفوا فقط بالجلوس على الكراسي ويستمتعون بالتكييف داخل مكاتبهم. كما طالب بمنح هؤلاء المشتغلين ب الامن، دورات تدريبيه على حمل السلاح وتوفيره لهم في اطار قانوني يقوما من خلال بالعمل جنبًا الى جنب شرطة الأثار والسياحة. وأشارالى أن بناء اي جدار او صرح مجاور لمناطق الاثار يجب أن يسبقه دراسة وتحليل للمياه الجوفية بالمنطقة التي اذا ارتفع منسوبها سيكون مصير تلك المباني الانهيار وعدم التحمل، تلك مسئولية المسئولين عن الاثار بكافة المناطق وأخرها حرم معبد سيتى الأول الجنائزي بمنطقة القرنة غرب الأقصر، الذي انهار أحد الاسوار الملاصقه له في ظل غياب اداري وامني يمنع بناء ذلك الجدار البدائي المصنوع من الطوب اللبن. اما الدكتور عبد الحليم نور الدين رئيس المجلس الأعلى للآثار الأسبق فيقول،"إن التعديات التي تحدث للأثار المصرية لها أسباب عديدة ، اولها غياب الأمن بشكل عام ، وعدم تأمين المعابد والمقابر ، كما أن الدولة لا تضع الآثار ضمن أولوياتها" ، لافتا النظر إلى ان المسئولين بداية من الرئيس والوزير ورئيس المجلس الأعلى للآثار ، لابد أن يضعوا إستراتيجية لحماية الآثار وحراستها ، سواء كانت مقابر أو معابد وتشديد الرقابة على المساجد والكنائس الأثرية وأشار إلى أن الوزارة تعاني من ظروف مادية صعبة ، خاصة في ظل غياب السياحة ، ولكن إذا إستمر الإهمال بهذا الشكل ، ستكون النتيجة هي ضياع الآثار التي تمثل ذاكرة الأمة ، ولذلك لابد أن تكون ميزانية المجلس الأعلى كلها لصرف رواتب العاملين ، والحفاظ على ما تبقى لنا من آثار ، بدلا من التنقيب عن جديد ، والإنشغال بالتوثيق والترميم ثم تركها للصوص. وشدد نور الدين على ضرورة أن يعمل صناع القرار على إتباع أحدث الأساليب ، للحفاظ على الآثار من السرقة والنهب والتعديات التي زادت بصورة فجة ، مؤكدا أنه لابد من تقوية المخازن وتشديد الحراسة عليها ، كما أن رجال الأمن أو شرطة الأثار تحتاج لمضاعفة عددها عشر مرات ، وأن يكون لديهم قدرة تسليحية عالية لمواجهة المعتدين ، لأن التعديات أكثر من قدرة رجال الأمن والمخازن غير محصنة ، وبالتالي فلابد من تزويدها بأجهزة إنذار للسرقة والحريق وكاميرات مراقبة . وطالب الحكومة بضرورة وضع أولوية للآثار مثل باقي المشكلات التي تشغلهم كالسولار والكهرباء وغيرهم ، وعليهم ان يعلموا أن تاريخ البلد وحضارته إذا ضاعت فلا يمكن إسترجاعها مرة أخرى. ومن جانبه قال الدكتورعبد الله كامل، رئيس قطاع الآثار الإسلامية الأسبق ، "إن أزمة التعديات على الآثار المصرية لا يمكن حلها إلا من خلال السيطرة على الإنفلات الأمني ، وتشكيل إدارة أزمات يكون إختصاصها هو حصر الآثار والمواقع التي تحتاج إلى ترميم عاجل ، والأخرى التي يمكن التعامل معها بشكل آجل أو يمكن إرجاءها ، وهذا يتوقف على الحالة المعمارية والفنية للأثر" ، مؤكدا أن زاهي حواس تسبب في إهمال الآثار وضياع الكثير منها ، ولم يكن هناك خطة لتأمين المواقع والمتاحف ، وهو زاد بشكل ملحوظ بعد الثورة ، وتفاقمت الأمور بشكل لايمكن السكوت عليه ، فقد تردت الأوضاع من عهد إلى عهد. وأوضح كامل أن من يسأل على الكثير من السرقات التي لم يحاسب عليها أحد هو المجلس العسكري في المرحلة الإنتقالية ، ثم الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية وحكومته ؛ بإعتبارهم الجهة المنوط بها حماية الآثار ، ولا توجد لديهم رؤية واضحة أو إستراتيجية للتعامل مع التعديات والسرقات التي تحدث كل يوم وتتم بشكل ممنهج وعلى مرأى ومسمع من العالم ، لافتا النظر إلى أن التضارب الناتج عن تصريحات التيارات الإسلامية ، التي كانت تنادي بهدم الآثار والتماثيل ، أدي إلى تراجع مصر على مستوى الخريطة الآثرية العالمية ، وساهم في تدهور وإنحطاط السياحة والثقافة والفن. وأضاف أن المواقع الأثرية والمتاحف والمقابر وحتى الأثريين يتم التعدي عليهم ، في ظل صمت الدولة التي لم تصن كرامة هذا القطاع أو حتى العاملين فيه ، وناشد الوزارة بأن تصدر قرار فوري لإزالة جميع التعديات على الآثار من إسكندرية وحتى أسوان بإختلاف عصورها وأنواعها ، وإعادة المنظومة الأمنية للمواقع التي تُضار. وطالب بضرورة الإستماع إلى العمال الذين يقومون بإضرابات في البر الغربي بالأقصر ودهشور ، وقطع الطريق في أبو سمبل ، لما له من مردود سلبي للبعثات الأجنبية والترميم والسياحة ؛ لأنننا مرتبطين بنسق عالمي يجب مراعاته. محمود ياسين: فصل الآثار عن السياحة وتفعيل إدارة الأمن بالوزارة أولى الخطوات لحل المشكلة عبد الحليم نورالدين : لابد من وضع استراتيجية جيدة لحماية الآثار من السرقة والنهب عبد الله كمال : الإهمال في قطاع الآثار بسبب تصريحات التيار الإسلامي بهدم التماثيل والمعابد