لا تنظر الحركة الصهيونية العالمية الى بسط سيطرتها على فلسطين فقط، وإنما المشروع الصهيوني حدد أن الدولة التي يطمح الى إقامتها تمتد من النيل الى الفرات، كما تعتمد الحركة الصهيونية على التوراة لتبرير جرائمها والتطهير العرقي ضد الشعب العربي. وعدم وعي وفهم الحركة الصهيونية بكيفية تعاملها وتعاطيها مع القضايا العربية عامة والقضية الفلسطينية، سيلحق بالامتين العربية والاسلامية المزيد من الهزائم، وان التصدي للمشروع الصهيوني والحاق الهزيمة به بحاجة الى استراتيجية مواجهة ليست فلسطينية فقط وانما عربية ايضا، لان المشروع الصهيوني يسعى الى الحاق الهزيمة بالمشروع العربي الوحدوي الذي يعتبر اساسا نقيضا للمشروع الصهيوني. الحركة الصهيونية تعتمد بحربها ضد الأمة والمنطقة العربية على ادعاءات توراتية، كأرض الميعاد وحقوقا دينية بفلسطين أو بأي دولة عربية أخرى، وبهذه الادعاءات تأجج الحركة الصهيونية الصراعات الدينية بالمنطقة ليأخذ الصراع منحى اخراً، وما يجري بالمنطقة العربية من صراعات داخلية وطائفية لا تخرج بالواقع عن جوهرالمشروع الصهيوني. فإقدام الكيان الصهيوني على تقسيم الحرم الابراهيمي، والسيطرة على قبر راحيل على مدخل بيت لحم، ومحاولاته الرامية للاستيلاء على قبر يوسف بنابلس، بالإضافة الى محاولاته الرامية لهدم المسجد الاقصى وبناء الهيكل المزعوم وتهويد القدس الى جانب سيطرته على حائط البراق، وادعاءات دينية ببيت ايل على مشارف مدينة رام الله، تطرح العديد من الاسئلة الهامة اذا كان الكيان الصهيوني سيتخلى عنها ضمن الاستراتيجية الصهيونية لمشروعه. منذ زمن والحركة الصهيونية تعمل على إحصاء رسمي ودقيق حول أعداد اليهود الذين خرجوا من الاراضي العربية، مع تقديرات قيمة الاملاك العقارية وغيرها التي تم تركها بالدول العربية التي تعود ملكيتها لليهود العرب، حيث تسعى الحركة الصهيونية بمطالبة الدول العربية بدفع تعويضات عن املاك اليهود التي تركت بالدول العربية وتعويضات عن الاذى الذي اصابهم، حيث تقدر الحركة الصهيونية املاك اليهود بمئة مليار دولار عام 1948، وهذا لا يمنعها نتيجة نفوذها الكبير بالمؤسسات الدولية ودول العالم المؤثرة من استصدار قرارات دولية من أجل تحقيق أهدافها بالهيمنة على خيرات الأمة العربية. ومطالبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبل تقريبا سنتين بتعويضات بقيمة 100 مليار دولار عن أملاك يهود بني قريضة وبني النضير، تدل على النوايا التي يكنها العدو الصهيوني ضد الامة العربية، وان لا نستغرب اطلاقا بظل التدهور العربي والانهيار التي تمر به المنطقة العربية من ان يقدم الكيان الصهيوني والحركة االصهيونية بالمطالبة بمئات المليارات من الدولارات أيضاً عن أملاك يهود خيبر ومحاسبة العرب على معاملتهم لهم بتلك الفترة. كما أن الاستفزازات الدينية التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد الأمة العربية ومقدساتها بهذه الفترة بالذات، التي تتصارع بها الطوائف الدينية بالمنطقة العربية، يشجع ايضا الكيان الصهيوني لاستغلال هذا الظرف من أجل بسط سيطرته وتمهيد الطريق لهيمنة وسيطره على كافة المقدسات الدينية الاسلامية وصولا الى المسجد الحرام باعتبار ان تاريخ بنائه يعود الى عهد سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام. ومن يعتقد أن المقدسات الإسلامية بالأرض الحجازية ستكون بعيدة عن انتهاكات الحركة الصهيونية وكيانها، فهو واهم، لأن طبيعة العدو العدوانية والإجرامية تدفعه الى ارتكاب كافة أنواع الجرائم التي تسمح له باستمرار التوتر بالمنطقة بمرحلة اختلال موازين القوى بالمنطقة لصالحه وأمام تفتيت المنطقة العربية أرضا وشعباً. ومشروع شمعون بيرز الرامي الى شرق اوسط جديد، بمحصلته فهو يصب بخدمة الهدف الاستراتيجي للمشروع الصهيوني لبناء مملكة "اسرائيل" أو المملكة "اليهودية" وان المبادرات التي يطرحها العديد من قادة الحركة الصهيونية سواء بالكيان أو خارجه يجب اخذها على قاعدة أنها تصب باتجاه تطبيق المشروع الصهيوني ولا تتعارض معه من الناحية الاستراتيجية. والرهان على الكيان الصهيوني بالليونة العربية التي أبدتها قيادة قطر والجامعة العربية أنها قد توقف المشروع الصهيوني عن التقدم، فهي أوهام لا تقود إلا الى المزيد من الهزائم، حيث أن المقاومة واستراتيجية المواجهة هما الكفيلاتان بإيقاف المشروع الصهيوني أولا ومنعه من التمدد وهزيمته أخيرا، من أجل تحقيق الحلم العربي بالوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية. ان مواجهة الحركة الصهيونية وكيانها المزعوم تتم من خلال استراتيجية عربية شاملة، وتعبئة عربية يرافقها الوعي والفكر الثوري القادر على مواجهة الفكر الصهيوني، فالمشروع الصهيوني الرامي الى تفتيت المنطقة العربية هو استمرار لمشروع سايكس بيكو، فالوحدة العربية هي الكفيلة لهزيمة المشروع الصهيوني، وهذا يفرض على القوى القومية أن تعيد دورها وتطور من فكرها الوحدوي وتعيد نشاطها وتفاعلها مع الجماهير وتعبئتهم لوعي المشروع الصهيوني ومواجهته وهزيمته، لتعود للأمة العربية كرامتها الوطنية ومكانتها بين حضارات الأمم وتقدمها.