حالة من السخط والغضب تنتاب أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المصرية نظرا لقرار المجلس الأعلى للجامعات الأخير، الذي وافق خلاله على إنشاء صندوق مركزي بوزارة المالية يستقطع 10% من إيرادات دخول الإداريين العاملين بالجامعات، على الرغم من ارتفاع أجورهم العام الماضي بنسبة 35%، الأمر الذي يراه الكثير من الأساتذة يضرب العملية التعليمية في مقتل نظرا لاستخدام تلك الصناديق في سد الفجوة بين الموازنة الضعيفة التي تتقاضاها الجامعات من الحكومة و الإنفاق الذي يزيد عليها، مؤكدين أن 5% فقط من ميزانية التعليم تستقطع للإنفاق على العملية التعليمية ويذهب الباقي منها للأجور والخدمات. كما أن الأساتذة يشكون من عدم تنفيذ الاتفاقية التي أبرمتها الحكومة معهم في العام الماضي برفع رواتبهم بنسبة 100% على 3 مراحل لم ينفذ منها سوى المرحلة الأولى، الأمر الذي جعلهم يدشنون حملة لجمع توقيعات وإرسال تلغرافات إلى الرئيس محمد مرسى يشكون فيها من تردي أوضاعهم المالية التي لا زالت أقل من أن توصف بأنها متوسطة، ولم تزل أقل من الحد الأدنى اللائق للمعيشة الكريمة، وغير كافية للوفاء بمتطلباتهم الوظيفية. و يرى الدكتور خالد سمير، رئيس النقابة المستقلة لأعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس، أن ما يحدث الآن ما هو إلا اعتداء على الجامعات واستباحة لأموالها، لافتا إلى قرار لرئيس الوزراء صدر العام الماضي والذي يسمح لوزارة المالية بالاستيلاء على 20% فوق النسبة التي يحددها القانون تستقطع من أرصدة الصناديق الخاصة والوحدات الخاصة بالجامعات، ونتج عن ذلك أن قاربت معظم الجامعات على الإفلاس، لأن هذه الموارد كانت تستخدم لسد الفجوة بين التكلفة الحقيقية لتعليم الطلاب والميزانية المقررة التي تحددها الحكومة، ويصل هذا العجز في بعض الجامعات إلى ما يقارب %50 وأوضح أن الموظفون حينما طالبوا بزيادة الأجور تهربت منهم وزارة المالية وأعلنت أنها ستتنازل عن 10% من نسبة 20%، التي تستولي عليها من الجامعات أي أنها خدعت الجامعات وتصرف للموظفين من مواردها وليس من موازنة الدولة . وأشار إلى أن 85% من ميزانية التعليم تخصص للأجور 85% و 10% للخدمات والنسبة الباقية 5% تمثل الإنفاق الحقيقي على العملية التعليمية نفسها وهي نسبة ضئيلة جدا وستعتبر المتضرر الأول من هذا القرار.. ولفت سمير إلى أن أعضاء التدريس لهم كادر خاص، ورواتبهم مذكورة في القانون رقم 49 لسنة 1972 وتعديلاته، و القانون 84 لسنة 2012، الذي احتفظ بهيكل راتب أعضاء التدريس كالعاملين بالدولة، وجعل الزيادة في الراتب عن طريق البدلات التي تمول من الصناديق، و لذلك فلابد من تعديل القانون أو تغييره، مشيراً إلي أن ضغوط جادة تمارس على الحكومة خلال العامين الماضيين وانتهت تماماً بعد تولى الدكتور مصطفى مسعد الوزارة. من جانبه قال الدكتور محمد كمال، عضو هيئة التدريس بجامعة بني سويف وعضو اللجنة التنفيذية ب"مؤتمر 31 مارس لأعضاء التدريس" والذي عقد أول مؤتمر له في نهاية مارس من العام الماضي لمناقشة أزمة أجور أساتذة الجامعات، إن أعضاء هيئة التدريس لا يرفضون حصول أي فئة على حقوقها ولكن في الوقت نفسه نسأل "رجل الأعمال" الدكتور مصطفى مسعد وزير التعليم العالي " أين اللحم الحي" الذي تحدثت عنه من قبل في حديثك عن أساتذة الجامعات، و تساءل: هل توافرت الآن الموارد المالية حين تم حاصرك الموظفين داخل مكتبك بالوزارة.. وهل أصبحت الحقوق لا تنال لديك إلا بالقوة. وأوضح كمال، أن الصناديق الخاصة بالجامعات هي نفسها التي أخذت منها وزارة المالية 20% قبل ذلك لمساعدة الدولة في أزمتها الاقتصادية، واختتم حديثه قائلاً: "لا نرى في الوزير والمجلس الأعلى للجامعات إلا أدوات للتقليل من أساتذة الجامعات والإضرار بالطلاب والعملية التعليمية كافة وعليهم جميعاً أن يرحلوا". و وصف الدكتور عبد الله سرور، رئيس نقابة علماء مصر القرار ب"الخدعة" معتبرا إياه هزليا، و يزيد من اشتعال أزمة أعضاء هيئة التدريس والذين لم تنفذ مطالبهم كاملة، وإنما تم تنفيذ المرحلة الأولى منها فقط وهي زيادة ال50% الأولى، لافتا إلى الاتفاق المبرم بين نقابة علماء مصر والتي تضم 45 ألف عضو هيئة تدريس وعالم، مع الوزير السابق الدكتور حسين خالد، والتي تقضي بأن ترتفع أجورهم على ثلاث مراحل، الأولى منها بنسبة 50% والثانية 25% والثالثة 25%.. وأضاف أن القرار يمثل خدعة للعاملين، لأن أي زيادة في المرتبات لابد لها من تعديل في الموازنة المالية، والذي يصعب تحقيقه نظرا للعجز في الموازنة الذي تعاني منه الحكومة، مشيرا إلى أن أحد مستشاري الوزير هو من صنع القرار مع وفد العاملين حينما اتفقوا على الحصول على نسبه من 20%، دون الانتباه إلى أن هذا القرار هو بمثابة "عطاء من لا يملك ولا يستطيع"، لافتا إلى أن علماء مصر سيناقشون القرار في مؤتمرهم الذي سينعقد في 11 مايو المقبل. وأشار الدكتور فتحي نافع، أستاذ المحاسبة بجامعة الزقازيق، إلى أنه لا يعترض على زيادة أجور الإداريين كونه حقا مشروعا، ولكنه يعترض على عدم حصول أعضاء هيئات التدريس على حقوقهم طبقا للاتفاقية التي أبرمت مع الحكومة والتي قضت بزيادة أجورهم بنسبة 100% على 3 مراحل لم ينفذ منها سوى المرحلة الأولى وعرقلت المرحلة الثانية من قبل الوزير الذي ربط الزيادة بالتقارير النصف سنوية التي تقدم عن أعضاء هيئات التدريس بالمخالفة للقانون. واقترح نافع تأجيل مطالب الإداريين والأساتذة للعام المقبل لتنفيذ مطالب الفئات الأقل والأكثر احتياجاً مثل الأطباء والصيادلة، ويكتفي العاملون بالجامعات خلال هذه المرحلة بتحسين الوضع الصحي والمعاشات وخاصة لحالات الوفاة قبل بلوغ سن المعاش. و شدد نافع على ضرورة إعداد العدة للضغط على الحكومة في العام المقبل لتعديل القانون 49 لسنه 1972 فيما يخص المرتبات والمعاشات، ووضع خطة لإعداد مشروع قانون، مؤكداً أنه سيعلن تضامنه مع بقية أعضاء التدريس إذا اتخذوا جميعهم موقف عام بالإضراب أو الاعتصام، لافتا إلى أنأساسي راتب الأستاذ الجامعي أقل من أساسي الموظف المساوي له في الأقدمية بنحو 35%، وأن علاوة الموظف الحديث بالجامعة تبلغ 5 جنيها، في الوقت التي تبلغ فيه علاوة المعيد المعين في نفس التوقيت 2 جنيه، وعلاوة أقدم أستاذ جامعي ورئيس جامعة تصل أقصاها إلى 6 جنيهات وربع. رئيس النقابة المستقلة: قرار المجلس الأعلى اعتداء على أموال الجامعات رئيس نقابة العلماء: خدعة دبرتها الدولة لإسكات الإداريين