تحسن التصنيف الائتماني مرتبط بحصول مصر على موافقة صندوق النقد الدولي على القرض الذي تقدمت له مصر بقيمة 4.8 مليار دولار. هذا ما أجمع عليه المصرفيون الذين استطلعنا آراءهم؛ حيث إن موافقة صندوق النقد الدولي على القرض هي شهادة دولية من إحدى أكبر المؤسسات العالمية بمتانة الاقتصاد المصري وقدرته على تخطي الصعاب خلال المرحلة الحالية. فيما استبعد المصرفيون أن تشهد مصر أي تخفيض للتصنيف الائتماني خلال المرحلة القليلة المقبلة في حالة إرجاء مفاوضات صندوق النقد الدولي، خاصة بعد الدعم القطري والليبي وهما ما ساهما في حل أزمة انخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي. ويتوقع المصرفيون أن يتجه صندوق النقد الدولي للموافقة على القرض في ظل عودة الروح للاقتصاد المصري ببعض الاستثمارات العربية والخليجية وكذلك الخطة التي أعدتها الحكومة والتي تتفق مع مطالب صندوق النقد الدولي. وكانت وكالة "فيتش" العالمية قد قالت إن قرار قطر بدعم إضافي لمصر ب 3 مليارات دولار سيكون ذا مردودٍ إيجابي. وأضافت "فيتش" في مذكرةٍ بحثية أن "هذا الدعم سيكون دفعةً كبيرةً لاحتياطيات النقد الأجنبي في ظلِّ استمرار غياب اتفاق صندوق النقد الدولي، على خلفية التدهور الاقتصاديط. وأوضحت أن قرار قطر بدعم مصر جاء في الوقت المناسب، خاصةً مع تأجيل موعد انعقاد الانتخابات البرلمانية، وفي الوقت الذي تشهد فيه الساحة السياسية مزيدًا من الاستقطاب. وأوضحت أن الانتخابات قد لا تُجرى حتى الخريف المقبل؛ وذلك رغم عدم التيقن من تأثير ذلك على توقيت إتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والذي تجري الحكومة المصرية مفاوضات معه حاليًّا، وترى "فيتش" أن موقف محادثات الحكومة مع صندوق النقد لا يزال غير واضح. وتوقعت فيتش أن يتصدر ضبط الأوضاع المالية العامة الاهتمام في أي برنامج اقتصادي جديدة، مشيرةً إلى أن العجز زاد خلال السبعة أشهر الأولى من العام المالي 2012-2013 بمقدار 55%؛ وذلك عن الفترة المقارنة من 2011-2012. وأكد الدكتور عبد المجيد السيد، مراقب المخاطر بأحد البنوك الخاصة، أنه في حالة موافقة صندوق النقد الدولي على منح مصر القرض، سوف يدعم ذلك موقف مصر خلال المرحلة القادمة، من خلال حصوله على شهادة من إحدى أهم المؤسسات العالمية بقوة الاقتصاد المصري، وهو ما يمكن أن ينعكس على تغيير النظرة السلبية لمؤسسات التصنيف الائتماني العالمية لمصر. وأضاف أن وضوح الرؤية السياسية خلال المرحلة القادمة يدعم أيضًا التصنيف الائتماني لمصر إيجابيًّا خلال المرحلة المقبلة، مشيرًا إلى أن المؤسسات العالمية للتصنيف تضع الاستقرار السياسي ووجود انتخابات نزيهة وحقيقية في أولويات دراسة الوضع الائتماني لمصر، ووضوح الرؤية للمستثمر حول الوضع الاقتصادي خلال المرحلة القادمة. وأضاف أن تحديد موعد للانتخابات التشريعية لمجلس الشعب والتأكيد على سيرها بشكل ديمقراطي ونزاهة كبيرة سوف يسهم بشكل كبير في جذب استثمارات أجنبية جديدة، مشيرًا إلى أن المستثمر الأجنبي يدرس الوضع السياسي ومدى الاستقرار الأمني. ويتوقع السيد أن تعاود المؤسسات العالمية وفي مقدمتها مؤسستا "استاندر أند بورز" و"موديز" النظر إلى التصنيف الائتماني لمصر، بل ورفع التصنيف خلال المرحلة المقبلة، وإزالة النظرة السلبية للوضع الاقتصادي في مصر، مشيرًا إلى أن خفض التصنيف لمصر جاء بناءً على رؤية سياسية وليست اقتصادية، وهو ما يدعم رفع التصنيف مع دخول الانتخابات. ويتفق الدكتور وليد الوكيل الخبير المصرفي مع الرأي السابق في أنه في حالة موافقة صندوق النقد الدولي على منح مصر القرض المتفق عليه بقيمة 4.8 مليار دولار، فإن ذلك سيدعم التصنيف الائتماني لمصر خلال المرحلة المقبلة ويغير النظرة السلبية للمؤسسات العالمية للاقتصاد المصري والتخوف من منح مصر أي قروض نتيجة هذا التخوف، وكذلك الاتجاه إلى تحديد الانتخابات التشريعية، وهو ما يؤكد استقرار الأوضاع السياسية، ووضوح الرؤية حول النظام السياسي لمصر خلال المرحلة القادمة: هل سيكون نظامًا برلمانيًّا، أم رئاسيًّا، والتوجه الذي سوف يحكم مصر. أما بسنت فهمي، مستشار رئيس بنك أبو ظبي الوطني، فترى أن مؤسسات التصنيف العالمية لن تعيد النظر في مستقبل مصر الائتماني خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة بعد آخر تخفيض لتصنيف السندات المصرية والذي وصل لمستوى مُتدنٍّ. وأرجعت فهمي ذلك إلى ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي بعد قرار قطر باستثمار 3 مليار دولار بالسندات المصرية وإيداع ليبيا قرضًا بقيمة 2 مليار دولار بدون فوائد، فضلاً عن قرض تركي بقيمة مليار دولار وهو ما يشير إلي ارتفاع الاحتياطي الأجنبي لنحو ال 19 مليار دولار. وأضافت فهمي أن خفض مؤسسات التصنيف العالمية لمستوى التصنيف الائتماني لمصر جاء بناءً علي النظرة السلبية للأوضاع السياسية في ظل استمرار حالة التوتر السياسي في مصر والخلافات الشديدة بين المعارضة المصرية والحكومة والقيادة الحالية للبلاد، إضافة إلى استمرار توتر الأوضاع الأمنية واستمرار حالة الاحتقان في الشارع المصر، بجانب عدم وجود مجلس تشريعي رسمي يقوم بالدور المطلوب منه في ظل قيام مجلس الشورى بهذا الدور بشكل استثنائي. وقال أحمد رامز، مسئول عمليات مصرفية بأحد البنوك الخاصة، إن تخفيض وكالة "موديز" الائتمانية للسندات الحكومية المصرية الأخير كان متوقعًا؛ نتيجة استمرار التوترات فى الشارع السياسى والتحذيرات السابقة لوكالات التصنيف الائتماني، مضيفًا أن التصنيف الائتماني للدولة والبنوك المصرية لن يتحسن ويعود لمستواه الطبيعي فى ظل التوتر الذى تعيشه البلاد. وأشار إلى أن الأحداث الأخيرة حالت دون قدرة الدولة على الحفاظ على تصنيفها الائتماني الحالي، وأكد أن استقرار الأوضاع السياسية وحسم الجدال على قرض صندوق النقد الدولي، سيرفع من التصنيف الائتماني لمصر مرة أخرى.