عادت من جديد لتردد في الأفق السياسي المصري بعدما حالت القوانين دون تطبيق العدالة التي داعبت خيال الكثيرين، إنها "المحاكمات الثورية" التي أكد البعض أنها السبيل الوحيد لإحقاق الحق . "البديل" طرحت النقاش حول المحاكمات الثورية وهل يمكن أن تُطبق فعليًا أم أن الأمر مجرد "أوهام" تداعب الحالمين، وما هو أثر ذلك على الشارع المصرى حال تطبيقه. قانونيون يستنكرون الدكتور رأفت فودة أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة إن الحديث عن المحاكمات الثورية اليوم وبعد صدور الدستور ونفاذه يعني أن الدستور والقوانين النافذة ودولة القانون وكيان حقوق الافراد وحرياتهم سقطوا من مخيلة الذين ينادون بذلك. وأضاف فودة "لا يمكن قيام مثل هذه المحاكمات الثورية ضد رموز النظام السابق بما فيهم مبارك إلا بعد تشييع جنازة كل العناصر المشار إليها في موكب رسمي". من جانبه، أكد عصام الإسلامبولي الخبير القانوني أنه لا يمكن إعادة محاكمة رموز النظام السابق محاكمة ثورية، لأنه تم بالفعل محاكمتهم محاكمة عادية وطبيعة، فموافقة القوى الثورية من البداية على تلك المحاكمات الطبيعة تجعلهم رغمًا عن أنفهم يتحملون عواقبها حتى وإن كانت لن تتناسب معهم ومع من ظلموا مصر من مبارك وأعوانه. وأشار إلى أن مفهوم المحاكمات الثورية هو مفهموم يتم ترديده الآن دون فهم، لكن المحاكمات الثورية في مفهومها هي محاكمات تتم عقدها عقب الثوارت بفترة قليلة،بموافقة شعبية، لكن إذا وافق الشعب على محاكمة هؤلاء الذين قاموا بثورات على محاكمتهم في القضاء العادي فعليهم قبول كل النتائج. ونشطاء ينتقدون هاني عبد الراضي القيادي باتحاد الشباب الاشتراكي قال إن المحاكمة الثورية تتطلب مرحلة ثورية، مضيفاً أن الإخوان ورئيسهم يواجهون الشعب المصري دائما بأنه رئيس منتخب بالصندوق ويحكم بشرعية دستورية لا يمكن الخروج عليها. وتساءل عبد الراضي كيف يريدون إعادتنا إلى شرعية ثورية والحديث عن محاكمة ثورية.. مؤكداً أنهم لا يعارضون ذلك بل يطالبون بإعادة المشهد الثوري بكامله وإعادة البحث عن التوافق بأي طريقة دون التقييد بالدستور المعيب والصناديق المشبوهة التي أشبعوا الشعب حديثا عنها. هشام فؤاد، المتحدث باسم حركة الاشتراكيين الثوريين، أكد على ضرورة إنشاء المحاكم الثورية بعد أى ثورة، ولكن بشرط وصول الثوار إلى سدة الحكم، مشيرًا إلى استحالة تطبيق تلك المحاكم الآن، بعد وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم؛ لتواطؤها مع النظام السابق، ولاستخدام تلك المحاكمات ضد شباب الثورة الحقيقيين، والعمال أصحاب الإضرابات. وأضاف فؤاد، أن تلك المحاكم هى محاكم سياسية، تعاقب على ما ارتكبته السلطة من إفساد للحياة السياسية، وارتكاب الأخطاء التي ساعدت على تفجير الثورة؛ حتى تتمكن من إكمال مسارها، حيث نشأت في الكثير من الدول التي شهدت ثورات،وتختلف تمامًا عن المحاكم الجنائية. مطالب بالإعدام المهندس محمود سلطان عضو الهيئة العليا لحزب الاصالة أيد من جانبه فكرة إقامة محاكمات ثورية عاجلة ضد رموز النظام السابق وعلى رأسهم "مبارك"،لأن القضاء الذي يقع على كاهله إقامة العدل وتطبيق القانون فشل في تنفيذ ذلك، والدليل مسلسل البراءة للجميع الذي تُوج في النهاية بحكم قضائي بإخلاء سبيل رأس النظام. وأشار سلطان ل"البديل"، إلى أن الثورة في الأساس قامت لعدم تحقيق العدل من قبل القضاء في العهد السابق، نظرًا لانعدام سبل حقيقية للرقابة على الهيئات والمؤسسات، وغياب الاجراءات القانونية ضد الشخصيات الوزارية، ممن نشروا الفساد في الأرض وقتها وجنوا على حقوق المواطنين. وأكد أنه لا بديل عن تلك المحاكمات الثورية بل وإعدام مبارك في ميدان عام تحقيقًا للعدالة، وذلك كان رأي الحزب منذ أول يوم من ثورة 25 يناير، ولتأخر العدالة مما يؤدي الى غضب عارم في الشارع المصري الذين ثاروا من أجل تحقيقه.