مهرجان ابن عربي السينمائي في مدينة مورسيا الاسبانية - مسقط رأس الفيلسوف الكبير- ليس مثل غيره من المهرجانات السينمائية في العالم، بل هو أقرب إلي إعادة اكتشاف دورية شديدة العمق والتأني والكلية أيضاً لتجليات حياة وفكر المتصوف والمفكر والفيلسوف العربي الذي ظلل تاريخ الفكر الأوربي لعقود طويلة ولا يزال. حوالي مائتي دولة من أنحاء العالم شاركت باثنين وثلاثين فيلما في المسابقة الرسمية التي تضم أربع فئات هي الوثائقية الطويلة والروائية الطويلة، ثم فئة الأفلام الوثائقية القصيرة، والفئة الأخيرة هي فئة الأفلام الروائية القصيرة. افتتح المهرجان بفيلم "الغياب" تلاه الفيلم الأمريكي الألماني المشترك "النبات الوحيد" بطولة الممثل المكسيكي جارسيا جيل بيرنال، وانتهي اليوم الأول بعرض الفيلم الفرنسي القصير "الحياة الباريسية". بالتوازي مع المسابقة هناك قسم يعتبره النقاد السينمائيون أهم من المسابقة الرسمية نفسها، وهو قسم إعادة اكتشاف الأفلام الهامة في تاريخ السينما العالمية، وفي هذا العام أعيد اكتشاف الثنائي السينمائي السوريالي لويس بونويل وكاتب السيناريو جان كلو كارير المولود عام 1931 ، ولن تقتصر إعادة الاكتشاف علي أعمالهم السينمائية فقط ولكن على إسهامهم في مجالات المسرح والتليفزيون والأدب، مما يحقق أهداف المهرجان. قابل "بونويل" كارير عام 1963 وتشاركا سويا في كتابة ستة أفلام،عرض منهما فيلم بيل دو جور، ومايكي واي، وسحر البرجوازية الخفي الذي أنتج عام 1972 وحقق شهرة فنية ونقدية ضخمة، كذلك فيلم "ذا فانتوم ليبرتي". على هامش الأعمال الإبداعية، هناك مجموعة ورش العمل فكرية بعنوان " الرمز والإبداع والتخيل.. دور محي الدين ابن عربي في المجتمع الاسباني"، ويبدو للوهلة الأولى، الثقل الثقافي والفكري الكبير لهذه المجموعة، كونها تهدف إلى إعادة تعريف الكون من الداخل عن طريق اكتشاف الإشارات الداخلية العميقة، وعلاقة ذلك بمفهوم الفن ومجالات المعرفة، وفي هذا الإطار تم التوقف كثيرا عند مفهوم التخيل وعلاقته بالرمز عند ابن عربي ونسقه الصوفي، وامتداد ذلك في الفكر المعاصر خلال نموذج متعمق زمنيا. هنا بدأ التأسيس الميتافزيقي، والمؤشرات الروحانية للعالم المتخيل ولعالم الروح ، هو نفسه التأسيس لعالم الفنون بخبراته المرنية والمسموعة، للإحلال بما لها علاقات شعورية ذهنية وبالتالي كانت العلاقة ما بين الفنون المختلفة ما بين السماعي والمرئي. قدم المخرج "بيل فيولا من الولاياتالمتحدة شهاداته عن خبرته الإبداعية وتأثير ابن عربي عليها، أما لا نا جرسبو الباحثة من قارة أمريكا اللاتينية فقدمت قراءة لعالم الألوان في صوفية ابن عربي، بينما قرء جوزية ميجيل المظاهر المختلفة للتقليدي والمعاصر لفنون الخط. المرتبطة بأفكار ابن عربي فيما خص الفنون الجميلة، بل لقد كانت العلاقة بين محي الدين ابن عربي وفنون البلاستيك مثار بحث ودراسة أيضا، ومن المملكة المتحدة قام الباحث جال كارول بتحليل حقل العلامات في فنون الهندسة المعمارية الاندلسية وعلاقة ذلك ب"كوزمو بوليتانية "ابن عربي وبالطبع لا يمكن لحلقات بحثية بمثل هذا التفرد والعمق أن لا تقف عند شعر المتصوف الكبير. وفي هذا الإطار قامت المستشرقة الإنجليزية جين كلارك بالوقوف عند النظام الشعري عند ابن عربي ودراسة الرموز داخلها عن طريق التأمل في وسائل الإيحاء والمصادر التعبيرية معطية مفاتيح خمسه للتعرف علي عملية دقمنه محطوطات ابن عربي في البيبلوغرافيا الخاصة به والمتوفرة في جامعة اكسفورد، لم ينتهي الأمور علي هذه الجوانب بل امتدت للمعالجة السيكولوجية لشخصيات الأندلس حيث قام اللبناني سعد حكيم بدراسة تنوع النماذج التي واجهها ابن عربي وخبرها في عالمه المتخيل منعكسة علي أعماله الإبداعية في دراسة قيمة لما بين الواقع والمتخيل، في نهاية الأسبوع الذي امتد حتي الخامس عشر من ابريل سيتم تجميع هذه الأطروحات وسوف يتم تقديم جائزة" ابن عربي " لا فضل دراسها مترجمة أو بلغه اسليه. رغم اختلاف الفعاليات وتنوعها وتعددها فإن النقطة المحورية التي تبدأ من عندها مختلف هذه الأنشطة الابداعية هي فكرة الفيلسوف الكبير "بأن الحياة هي رحلة لا نهائية" بميزانية لم تتجاوز العشرة آلاف دولار استطاع ال أي بي ايه اف اف وهو اختصارهم المهرجان أن يقدم اتهاماً فكريا وأدبياً وابداعيا راقيا متخطيا الثمانيات الجغرافيا والمكانية فقد جلس الأمريكي إلي جانب الايراني واللبناني إلي جانب الأمريكي إلي جانب الأمريكي اللاتيني متواصلين بصورة هي من أرقي الصور التي قدمتها العولمة وكذلك لتحظو الزمان فالعلاقات ما بين القرن ال 12 الميلايين لا تزال موصولة بالقرن ال 21 والعشرين بلا انقطاع وبلا عنصرية وبلا ثوفية تجعل أحد ما يدعي أنه هو ولا أحد غيره صاحب اليد العليا علي الإنسانية بن عربي هو تراث يجمع البشر أجمعين الذي ولد في اسبانيا وتوفي في مشق عام1240 ودفن في سفح هبل قاسيون. هكذا أتكلم ابن عربي وهكذا استمع إليه الكون,