"عندما أتأمل حياتي واستدعي الذكريات، أقول يكفيني أن اسمي منقوش علي جدران السجون والمعتقلات"، هكذا يتحدث المناضل السياسي والباحث والمترجم "خليل كلفت"، الذي نحتفل بعيد ميلاده اليوم، وهو المثقف الحقيقي الذي اختارأن يعمل في صمت، وتواضع وتفان بعيدًا عن الأضواء، لم ولن تغريه شاشات الفضائيات التي أغرت غيره من المثقفين وجعلتهم يتركون قضيتهم الأساسية حبا في المال و الشهرة. فهو واحد من هؤلاء المثقفين الذين لا يتنازلون عن مشروعهم الثقافي مهما كان الثمن، وهو من هؤلاء الذين يحفرون في الصخر، حتي يقدموا لنا الثقافة الحقيقية، بعيدًا عن الغوغائية والشعارات الجوفاء، حيث أفني فترة شبابه في البحث والتأليف والترجمة، ومازال قادرًا على العطاء، لأنه يفضل أن يعطي ولا يأخذ، ولكن مثله لابد أن يدفع الثمن في هذا العصر الذي نعيشه. هناك في بلاد النوبة بأسوان ولد "خليل كلفت" يوم 9 أبريل 1941، ولا شك أن هذه النشأة كان لها تأثيرًا كبيرًا عليه، حيث جعلته يهتم بالجانب الثقافي كما يقول هو، بدأ كلفت حياته الثقافية ناقدًا واستطاع أن يبشر بعدد كبير من الأدباء والشعراء المصريين والعرب، من خلال تناوله لأعمالهم بالنقد ومنهم الشاعر الفلسطيني توفيق ذيادة والكاتبان المصريان "سعيد الكفراوي، جار النبي الحلو". ثم اتجه إلى الترجمة، فكانت ترجمته الراقية لإبداعات "يودقيس"، وكان مكتشفًا لعميد الأدب البرازيلي والأب الروحي لكافة الإبداعات البرازيلية الحديثة "ماشادو دي أسيس"، عندما ترجم رائعتيه "دون كازمورو والسرايا الخضراء". تمتد ترجمات "كلفت" لتشمل العديد من الإبداعات السياسية والفكرية، ومؤخرا حصل علي جائزة رفاعة الطهطاوي عن ترجمته لكتاب " النظام القديم والثورة الفرنسية". ولكلفت العديد من الإسهامات، في مجال اللغة، حتى أن الكثير من المثقفين يعتبرونه حجه لغوية قوية، أنشأ العديد من القواميس والمعاجم اللغوية أشهرها "إلياس، هاراب التجاري- ومعجم تصريف الأفعال". ولم ينس "خليل كلفت" القضية الفلسطينية ففي عام 1982 صدر له كتاب "الكارثة الفلسطينية"، منتقدًا فيه بعض الأفكار السياسية، التي رآها آنذاك مدمرة للقوة الباقية من المقاومة. "عيد ميلاد خليل كلفت، هو عيد ميلاد لكل المثقفين الحقيقيين" بهذه العبارة فضل الكاتب والقاص د- أحمد الخميسي تهنئة كلفت بعيد ميلاده، ويضيف الخميسي "عيد ميلاد خليل كلفت لا يخصه فقط، لأنه عيد ميلاد لكل أصدقائه ولكل محترمي الثقافة الحقيقية، فهو قيمة إنسانية وثقافية، أعطي عمره كله للنشر الثقافي، لم يسع في حياته إلى الشهرة أو المال، وهو مناضل سياسي من جيل الستينيات، دفع ثمن نضاله من أجل حرية الوطن واستقلاله وتعرض للاعتقال مرات كثيرة، كما أنه مترجم دقيق وباحث متفاني في عمله ولغوي مجدد ومن أهم كتاباته في علم اللغة كتابه "نحو عربي جديد" بالإضافة الي ترجماته التي تقدم لنا المعرفة الموسوعية". أخبار مصر- البديل