* التقرير يكشف عن اتفاق رجل الأعمال مع بنوك مصر والأهلي والإسكندرية علي تمويل شركاته الخاسرة مع احتفاظه بحق استرداد مساهمات البنوك إذا ربحت الشركات * «العميل السوبر» وقع عقداً مع 3 بنوك لتسوية ديونه فخرج البنك الأهلي مديناً ب 107 ملايين وتم إعفاء العميل من سداد 375 مليون جنيه «فوق البيعة» * البنك الأهلي منح رجل الأعمال 2 مليار قروضاً حوّل منها ملياراً و977 مليون جنيه إلي مساهمات في شركاته ودخل شريكا في الخسائر * البنك أعاد تقييم نفس الأرض بأربعة أضعاف قيمتها الأصلية.. ومنح العميل قرضاً ب 370 مليون جنيه ليسدد ثمنها كتب: خالد البلشي- سناء عبدالوهاب يكشف الجزء الثاني من تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات حول أعمال البنوك المصرية خلال عام 2006 مساحات أخري من التجاوزات في عمليات الإقراض داخل البنوك المصرية راسماً صورة لانحيازات الحكومة المصرية عبر إدارتها وإدارة البنوك المصرية لأموال المودعين.. وكيف استغلت الحكومة هذه الأموال في لعبتها السياسية والاجتماعية لخلق رأسمالية علي مقاسها عبر دخولها كطرف في صناعة ثروات مجموعة بعينها من رجال الأعمال سواء عبر منحهم مساحات واسعة من أراضي الدولة بدون ضمانات بل حتي دون دفع أثمانها المخفضة واستغلال هذه الأراضي كضمانات في عمليات إقراض واسعة تتجاوز الحدود المسموح بها.. ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوزه إلي منح قروض لتمويل عمليات ومشروعات رجال الأعمال في الخارج بالمخالفة لكل القواعد المصرفية.. ويمتد الأمر إلي حد منح قروض تجاوزت المسموح به بل منح العملاء قروضاً لسداد قروض سابقة لنفس البنوك، هذا فضلاً عن دخول البنوك كشركاء في مشروعاتهم المتعثرة، بل ضخ مليارات الجنيهات لإعادة إحياء هذه المشروعات وإقالتها من عثرتها، هذا بخلاف دخولها كشريك في الخسائر السابقة لهم، وإسقاط أجزاء كبيرة من أصول الديون، التي هي في الأساس أموال لمودعين، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول الإدارة الآمنة لأموال المودعين في البنوك المصرية. «البديل» ترصد لعبة الحكومة وانحيازاتها لفئة بعينها في عمليات الإقراض، وطريقة تكوين كبار رجال الأعمال المصريين ثرواتهم عبر استثمارات كلها ممولة من أموال المودعين.. حتي وصل الأمر إلي بناء مشروعات كاملة من الصفر، وهو ما يكشف طبيعة إدارة الحكومة أيضا لأموال المصريين، فضلاً عن طبيعة هذه المشروعات التي دارت في أغلبها في شكل مشروعات سياحية ومدن «ملاهي» وقنوات إعلامية غالباً ستدافع عن الطبقة التي خلقتهم ومنحتهم ثرواتهم. أظهر التقريركيف تم إهدار أموال المودعين المصريين في عمليات بناء ثروات لرجال أعمال بعينهم تحول بعضهم فيما بعد لملاك إمبراطوريات إعلامية أي أن النظام في مصر تولي صنع رأسمالية خاصة علي مقاسه ومنحها رؤوس أموال من إيداعات المصريين بدلا من القيام باستثمار هذه الإيداعات، بل قام بجبر هؤلاء الرأسماليين اكثر من مرة وضخ الأموال لتعويض خسائرهم وإحياء شركاتهم في لعبة عبثية لا أحد يعلم من يقف وراءها. ولعل النموذج الأكثر دلالة هو قصة لرجل أعمال أوردها التقريربتحفظ في مواضع متفرقة منه وإن لم يحدده بالاسم ولكن من خلال تجميع شتات المعلومات تكتشف أنه «صاحب مجموعة شركات كبري تمتلك شركات عقارية وصناعية ومجموعة ملاه» وهذا الرجل – الذي تناثرت شائعات حول علاقاته بابن مسئول كبير جدا- بلغت مديونياته للبنوك العامة أكثر من 3 مليارات جنيه وهو ما دفعها لعقد اتفاقية تسوية معه أصبح البنك الأهلي بموجبها وكيلا للدائنين من خلال الاشتراك في الإدارة ومراقبة التدفقات النقدية وامتلاك النسبة العظمي من رأسمالها. وبموجب هذه التسوية حصل العميل علي حصة بقيمة اسمية في مشروعاته بمبلغ 733 مليون جنيه، بينما بلغت حصة البنوك 2 مليار و518 مليون جنيه رغم أن التقريركشف أن القيمة الدفترية لأصول شركات مجموعة العميل والتي حصل بموجبها علي كل هذه الأموال من البنوك لم تتجاوز 61.2 مليون جنيه، وذلك قبل رسملة المديونيات، وبعد الرسملة. ورغم فداحة الأمر إلا أن ماسبق يظل مجرد عناوين هادئة لتفاصيل أكثر مأساوية وعبثية تكشف عن كيفية بناء إمبراطوريات مالية لأشخاص من العدم فإلي التفاصيل ومن خلال وقائع مجردة وردت في التقرير.. يشير التقرير إلي أن نصيب البنك الأهلي من مديونية العميل السوبر بلغ نحو 2 مليار و178 مليون جنيه، حول البنك منها ملياراً و977 مليون جنيه إلي مساهمات في رأسمال شركات المجموعة، لتتقلص المديونية إلي 210 ملايين جنيه، بينما يتحمل البنك خسائر ضخمة وهو ما كشفه التقرير في ثناياه. وأشار التقرير إلي قيام العميل «صاحب مجموعة الشركات العقارية والصناعية ومجموعة الملاهي» بتوقيع اتفاقية تسوية لمديونية مجموعته بتاريخ 22/11 / 2004 مدتها 7 سنوات تنتهي في 30/6/2011 مع كل البنوك الدائنة له «الأهلي ومصر وإسكندرية» بإعادة رسملة البنوك الدائنة بالقيم الاسمية وبتخارج البنوك مرة أخري أو استمرارها، وتضمنت الاتفاقية فيما يخص البنك الأهلي فقط تحميله ب 107 ملايين جنيه حسابات خسائر كجزء من نصيبه في خسائر الشركة في عملية الرسملة بخلاف إعفاء المجموعة من سداد 375 مليون جنيه «علي البيعة»، كما تضمنت الاتفاقية قيام البنك بالمساهمة في شركات العميل وتحميل البنك بخسائر أخري تقدر ب 673 مليون جنيه كفروق تقييم أي أن الاتفاقية قامت باقتطاع مئات الملايين من أصل القرض تحت بند حسابات الخسائر. ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد أتاحت الاتفاقية للشركات العقارية المملوكة للعميل الحصول علي مليار و200 مليون جنيه إضافية من البنك (خارج القروض)، وذلك كمساهمة من البنك في زيادة رؤوس أموال الشركات الصناعية والملاهي في محاولة لاستيعاب خسائر تلك الشركات، بالمخالفة لتعليمات البنك المركزي المصري في 30/8/2000، والتي تقضي بعدم السماح بمنح قروض قصيرة الأجل لتمويل زيادة رأسمال الشركات. والأكثر من ذلك أن الاتفاقية حسبت قيمة مشاركة العميل في الشركة بزيادة قدرها مليار و44 مليون جنيه علي قيمتها الحقيقية، حيث أشارت الاتفاقية إلي أن قيمة مساهمة العميل تساوي ملياراً و360 مليون جنيه، هي قيمة 1800 فدان أراض حصل عليها من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وكانت المفاجأة أنه لم يسدد قيمتها، وقام البنك بإعادة تقييم الأراضي «التي لم يدفع ثمنها» بأربعة أضعاف القيمة الأصلية لها. وبحسبة بسيطة فإن إجمالي ما حصل عليه «العميل المحظوظ» من ودائع المصريين لدي البنك كفارق مديونية وإعفاءات ومنح وفوارق تقييم أصول يصل إلي مليار و812 مليون جنيه من إجمالي مديونيته البالغة 2مليار و178 مليون جنيه، بخلاف الأرض المجانية التي حصل عليها ولم يسدد قيمتها. بل قام البنك طبقا لما ورد في التقرير بمنح العميل قرضا جديدا بقيمة 370 مليون جنيه لسداد قيمة الأرض لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وهي نفس الأرض التي تم تقييمها كأصل وضمان للقرض بمليار و360 مليون جنيه. أي أن البنك قدر الأرض بقيمة مبالغ فيها أربع مرات، رغم علمه بالقيمة الحقيقية للأرض ورغم علمه أنها لم تصبح ملكه أصلا بما يعني أن العميل بني كل ثروته من أراضي الدولة وأموال المودعين دون أن يدفع مليما واحدا. وتستمر الحكاية ليرصد التقريرمنح العميل 84 مليون جنيه أخري فروق إعادة تقييم 558 فداناً حصل عليها من هيئة المجتمعات العمرانية، وبدلا من قيامه بتوزيعها علي جميع أطراف الاتفاقية «البنوك الدائنة»، فإنه تم منحها للعميل وحده، الذي قام باستثماره في أنشطة أخري... ونتيجة لكل هذه المخالفات، فقد أوصي الجهاز بضرورة إعادة النظر في مديونية العميل وتحميله مبلغ مليار و225 مليون جنيه تم خصمها من مديونيته. ولا تقف عمليات بناء العميل وألاعيب منحه القروض عند حد البنك الأهلي، بل امتدت إلي بقية البنوك، حيث يشير التقرير إلي أن مديونيات «العميل السوبر» لبنك مصر بلغت 318.5 مليون جنيه، ورغم ذلك وبناء علي الاتفاقية الموقعة مع البنوك، فإن البنك قام بمنحه قروضا جديدة بلغت حصة بنك مصر فيها 21 مليون جنيه، كما صدرت موافقات أخري خلال العام المالي 2005/ 2006 بمنح نفس العميل قروضا إضافية، بلغت حصة بنك مصر منها 5.5 مليون جنيه، وكانت المفاجأة – طبقا لما ورد بالتقرير- أن العميل لم يقم باستخدامها حتي 30/6/2006. وبناء علي كل ماسبق انتقد التقرير استمرار البنوك في منح قروض للعميل، مشيرًا إلي أن الاتفاقية التي وقعت معه ألزمت البنوك بتقديم تمويل لشركات خاسرة، بينما وفرت للعميل فرصة ذهبية لاسترداد المساهمات في حالة نجاحها وبفائدة بسيطة لا تتعدي 8% وبحد أقصي 56% في نهاية مدة الاتفاق أو تركها للبنوك في حالة استمرارها في تحقيق خسائر واقرأ أيضاً: رجل أعمال كبير يملك مجموعة شركات «عائلية» حصل علي 7 مليارات جنيه من البنوك لتمويل استثماراته في مناطق غير مستقرة في العالم