في الوقت الذي كانت مصر كلها تحتفل بانتصار الثورة كانت العريش على موعد مع حمامات دم بدأت ولم تنته , لحظات بالفعل عصيبة مرت على المدينة التي احتار أهلها هل يحتفلون بانتصار الثورة أم يعدون شهداءهم وجرحاهم ؟ , الأهم من هذا أن حمامات الدم هذه تبعتها حالة من الانفلات الأمني تؤشر على كوارث لا أحد يتوقع إلي أين ستؤدي بالجميع , ملثمون لا أحد يعرف لأي جهة ينتمون ينهبون مركز سوزان مبارك بكل محتوياته , كذا قسم ثالث العريش الفارغ من العناصر البشرية بعد انسحابها , أحاديث عن تهجم على مساكن في حي الزهور وأحياء أخرى , تفجير كنيسة ونهب أثاثها , مدرسة أيضا ً تعرضت للنهب المنظم , كل هذا وغيره حدث أمس السبت , وقد كانت هناك محاولات أخرى لتفجير كنيسة أخرى في العريش , لولا تصدي الجيش وقوات الدفاع الشعبي لها , آخرون حدثوني عن قاطعي طريق في الطريق من العريش إلي الشيخ زويد يثبتون السيارات . أوضاع كارثية مثل هذه في العريش وغيرها من مدن سيناء من الطبيعي أن نسأل : إلي أين تؤدي بنا خصوصا ً في ظل التحذير الذي أطلقته إسرائيل اليوم لرعاياها لمغادرة سيناء وأهم من هذا ما ذكره موقع دبيكا العسكري وثيق الصلة بالجهاز العسكري الإسرائيلي اليوم عن خطط لتدخل محتمل في سيناء لتأمين أمنها ضد ما تعتبره تدخلا إيرانيا في سيناء ؟ . الموقع تحدث عن دخول طيارات بلا طيار لتنفيذ عمليات نوعية للتجسس وتنفيذ عمليات عسكرية في سيناء ! كما تحدث أيضا ً على ضرورة تدخل سريع لحسم الموقف تماما كما تدخلت أمريكا في باكستان لمطاردة القاعدة وطالبان هناك . أذن الموقف جد خطير والكلام عن لجان من الدفاع الشعبي لتأمين المنشئات الحيوية وغيره كلام متأخر وغير موضوعي فإذا لم يتدخل الجيش سريعا ً في سيناء فقد يكون البديل هو تدخل إسرائيل بحجة أمنها القومي وساعتها لن تفكر هي لا في كامب ديفيد ولا غيرها وستجد من المصفقين في الغرب من يدعمها , وهنا لا أستبعد من مجال تفكيري أن تكون نية إسرائيل احتلال شريط ضيق بطول حدودها مع مصر على أمل التفاوض عليه مع أي نظام مصري قادم لخلق كامب ديفيد جديد تضع هي شروطها فيه مادامت تشك كثيرا ً أن أي وضع جديد لن يكون مثلما كان الوضع في عهد مبارك . حسنا في ظل أوضاع مثل هذي هل من المنطق الإنصات لما تفرضه إسرائيل من قيود على تحرك الجيش في سيناء ؟؟؟ , نعم التزم بيان القوات المسلحة أمس بكافة المعاهدات الدولية والمواثيق الدولية وأنا وأظن الكثيرين مثلي مع هذا الالتزام , لكن أليست مصلحة الأمن القومي المصري ترتفع فوق كل المعاهدات والمواثيق , نحن لن نذهب لمحاربة إسرائيل وليست اللحظة التي نرغب فيها بذلك , نحن لا نرغب في خرق كامل للمعاهدة ولا لجوهرها وهو حالة السلام مع إسرائيل , نحن فقط سنتدخل لحماية أمننا القومي في سيناء المهدد بالفعل , لابد للطيران الحربي أن يدخل , أربعة طائرات هليكوبتر أو أقل أو أكثر وفق ما يراه قادة الجيش بوسعها إعادة شيوع حالة من السيطرة على هذا الانفلات الخطر الذي لا يعرف أحد نواياه . وأهم من هذا كله أرى أن إرسال مبعوث رفيع من قيادة الجيش إلى سيناء وتسلم الملف الأمني بها سيحدث نقلة نوعية ينتظرها الناس هنا . الوضع في سيناء من الخطورة بمكان لأن نحول انتباهنا إليه , الوضع هنا يختلف عن الوضع في أي مكان أخر في مصر , هنا سلاح ينتشر بكثافة لا يمكن تقديرها , وبنوعيات أيضا ً لا يمكن حتى للداخلية مواجهتها , ثمة مضادات للمدرعات وقيل للطائرات, وقد انطلقت بالفعل قاذفات أر بي جي في سيناء في أيام الثورة وبعدها , نعم معظم هذا السلاح في الأزمة التي مرت بها مصر أثبت نوايا حسنة , لكن بعض هذا السلاح الآن بدأ يتحرك بنوايا غير حسنة على الإطلاق . الناس هنا في سيناء بكافة سماتهم , بدو وحضر , نخبة وأغلبية يحبون الجيش ولهم نوازع طيبة معه , هم وأنا معهم ينتظرون تدخله بشكل سريع , أتمنى أن يستجيب . هي بالفعل لحظة حاسمة ولو لم يتدخل الجيش بشكل حاسم سنعود بسيناء إلي عصور بائدة لا تبشر سوى بالخراب بكل معنى الكلمة .