على الرغم من تعهد الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية المحافظة على أمن الخليج في مقابل عودة العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي شهدت قطيعة منذ سبعينيات القرن الماضي على خلفية استضافة مصر لشاه إيران الذي أطاحت به ثورة إسلامية قادها الإمام الخوميني، إلا أن متخصصين في الشأن الإيراني أكدوا تخوف دول الخليج من عودة العلاقات المقطوعة بين البلدين والتي كانت تستغلها إبان حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك في التصدي لأطماع إيران في دول الخليج. وزير خارجية مصر الدكتور محمد كامل عمرو أكد في تصريحات له أثناء المؤتمر الصحفي الذي جمعه بنظيره الإيراني على أكبر صالحي أن التقارب مع دولة إيران لن يأتي على حساب دول الخليج. حسابات كثيرة لا بد وأن توضع في حُسبان الجماعة بعودة علاقاتها مع دولة إيران، أولها مدى تقبل التيارات السلفية في مصر لهذا الوضع، وخاصة استقواء الجماعة بتلك التيارات خلال الفترة الماضية؛ مما قد يتسبب في فقدان الجماعة لحليف قوي في الشارع، بالإضافة إلى علاقة مصر مع دول الخليج لعربي التي لا ترغب في إتمام هذا التقارب، كذا تكريس حالة الانقسام في المنطقة بين دول شيعية في مقابل دول سنية أخرى، خاصة وأن بعد اندلاع الربيع العربي في المنطقة وتهاوى أنظمة وقيام أخرى. المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمود غزلان أكد على رغبة الجماعة في إعادة العلاقات مع إيران، طالما سيكون هناك عائد على مصر من وراء هذه العلاقة، مشدداً على ضرورة الاستفادة من هذه العلاقة في الجانب التجاري والاقتصادي بين البلدين، مضيفاً من الممكن أن تخفف هذه العلاقات من حدة الاحتقان بين دول الخليج وإيران، لوجود مصر كضمانة لذلك. واستنكر غزلان من موقف دول الخليج الرافضة لإقامة علاقات مع إيران مؤكدًا على أن بلاد الخليج لها من التمثيل الدبلوماسي مع إيران ما يفوق تمثيله بين مصر وإيران، بالإضافة إلى تبادل الزيارات بينهم. وشكك غزلان في توتر العلاقة بين الجماعة والتيار السلفي مشددا على أن التيار السلفي لا يمكن ان يقف حجر عسرة ضد ما يحقق مصالح مصر، مقللا من حجم ما يقال من أن إيران تعمل علي تصدير الفكر الشيعي لمصر، متسائلاً: متى حدث ذلك؟ وإن حدث فلماذا لا نصدر نحن فكر أهل السنة والجماعة لهم؟ بينما عبر المفكر الشيعي أحمد راسم النفيس عن سعادته من إعادة العلاقات مع إيران، موضحًا انه يوم أن تُعيد مصر علاقتها مع إيران ستكون دولة سيدة وصاحبة قرار ولا تخضع للإملاءات الأمريكية والخليجية، فالأمريكان الآن يضغطون على مصر لعدم استكمال ملفها النووي في حين أن إيران تعرض على مصر التبادل في مجال التكنولوجيا النووية، بالإضافة إلى أنه في الوقت الذي تأبى دول الخليج مساعدتنا في أزمتنا الاقتصادية، تعرض إيران علينا المساعدة. وأكد النفيس أن الأكذوبة التي يتناقلها السلفيين أن إيران تريد أن تعيد الإمبراطورية الفارسية غير صحيح، مشيرًا إلى أن الذي يريد إعادة إمبراطوريتهم هم الأتراك، مشدداً على عدم تصدير إيران للفكر الشيعي، قائلاً: إن كان هناك تصدير للفكر والعقيدة فالمملكة السعودية هي التي تصدر الفكر الوهابي، متمنياً أن تتطور العلاقات بين البلدين. بينما شكك نائب رئيس حزب "الوطن" السلفي يسري حماد في نوايا إيران من أنها تريد إعادة العلاقات الدبلوماسية مع مصر، معتبرا أن إيران بعد العزلة الدولية التي تمر بها الآن تريد أن تخلق ورقة ضغط جديدة من خلال إعادة العلاقات مع مصر، متهمًا إيران بمحاولة إعادة الإمبراطورية الفارسية مرة أخرى من خلال تصدير المد الشيعي لكل البلدان العربية أو الإسلامية، مشيرًا إلى ان كل ما جاءنا من إيران خلال الفترة السابقة هي محاولات اختراق لأكبر دولة تتبنى فكر أهل السنة والجماعة عبر سياحة تساعد على مد هذا الفكر الذي ظهر واضحا في الاحتفالات الحسينية في منطقة الحسين وما يحدث من تصدير أناس يبكون على أعتاب مزارت أهل البيت في مصر، وكذلك إقامة علاقات مع التيار الصوفي من خلال تبادل الزيارات وما ظهر على الفكر الصوفي من عداء للتيار السلفي. وأكد حماد أن إيران إن كانت تريد أن تقيم علاقات قوية مع مصر الفترة القادمة فعليها إثبات حسن نواياها من خلال إعادة فتح مساجد أهل السنة مرة أخرى في منطقة الأحواز الإيرانية وأن تتوقف عن إثارة القلاقل في المنطقة الشرقية في المملكة السعودية وان تتوقف عن لغة التهديد التي تمارسها على دول الخليج العربي. بينما شدد رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية عصام دربالة على ضرورة التفريق بين ما هو سياسي وما هو عقدي أثناء الحديث عن إعادة العلاقات مع دولة إيران، فدولة إيران بلغت من التقدم التكنولوجي والاقتصادي الحد الذي يجعلها تقف في وجه أمريكا رافضة أن تملي عليها رغباتها وأجنداتها ومن ينكر ذلك فهو لا يرى، مستنكرًا إقامة مصر علاقات مع "إسرائيل" في الوقت الذي قطعت فيه علاقاتها مع دولة مثل إيران؟ وخاصة أن العلاقة مع إيران قد تساعد على زيادة التوازن العسكري في منطقة الشرق الأوسط بعد التهديدات الواضحة والصريحة من الجيش "الإسرائيلي". ووضع دربالة شروطًا لإعادة العلاقات مع إيران فلابد أن تقدم إيران الضمانات الكافية من أنها لن تعمل على إرسال المد الشيعي لمصر ولدول العالم الإسلامي وإن لم تؤكد على ذلك فلم تنجح إيران في إعادة العلاقات مع مصر أو غيرها من البلدان العربية والإسلامية. أخبار مصر – تقارير - البديل Comment *