حين تتجول بين جنبات متحف الفنون الجميلة بالاسكندرية تدرك قيمة وقامة هذا الصرح الكبير فجدرانه وأروقته تزدان بروائع الأعمال الفنية التي تعود لمجموعة من أهم وأشهر فناني العالم ومبدعيه. وستكون البداية مع رصد أهم المقتنيات من أعمال فناني عصر النهضة (فن التصوير في أوروبا في القرن 16) وصولاً لأشهر مدارس التصوير الزيتي الواقعية والرومانسية في أوروبا في القرن 19 والقرن ال20، ولنبدأ ب " بورتريه سيدة " للفنان أدريان توماس كي في القرن 16 ثم من القرن 17 نذكر مجموعة الفنان بيتر بول روبنز "مريم المجدلية" ، وثلاثة أعمال (مناظر طبيعية وأطلال رومانية) للفنان الإيطالي فيفيانو كاتاجورا، ومع أعمال القرن 18 نصل لعمل الفنان الإيطالي العظيم جيوفاني باتستا تيبولو وهو مشهد رمزي. وتتوالى أعمال العظماء في القرن 19 مع عمل ينتمي لمدرسة الفنان الأسباني الشهير فرانثيسكو جويا بعنوان "القرود" ولروعته وجماله وأسلوبه الفذ يُعتقد أنه للفنان نفسه، كما يتواجد الفنان الفرنسي جان فيكتور آدم بعمل "محاربة الأمازون"، وأخيراً من القرن العشرين أعمال للفنانين الفرنسي جورج هنري رولات، وبول ريتشارد، والإيطالي إنريكو برانداني، وفيما يلي سنلقي الضوء على اثنين من أهم وألمع هؤلاء الفنانين وهما الإيطالي تيبولو والأسباني جويا. جيوفاني باتستا تيبولو – وُلد في مدينة فينسيا عام 1696وتوفي في مدينة مدريد الأسبانية 1770، أتبع الفنان تقليداً كان متبعاً لدى فناني فينسيا فأثرى لوحاته بالألوان المتعددة ودرجاتها المختلفة، وجاء بتكوينات معقدة تنبض بالحيوية تحت لمسات رقيقة وخفيفة ومتسارعة من فرشاته، على أنه ابتدع أسلوباً خاصاً به أضاف من خلاله إلى التقاليد التي اتبعها سابقيه، حيث جعل سطح لوحته لامعاً براقاً يغمره الضوء، كما اشتهر أيضاً بجدارياته من أعمال "الفريسكو" كبيرة الحجم. وفي نفس الوقت كُلف بعمل زخارف فنية ورسوم في عدد من القصور الملكية والكنائس، ليس فقط في فينسيا بل في المدن الإيطالية الأخرى، وفي عام 1750 سافر إلى ألمانيا بناءً على طلب الأمير بيشوب لتزيين مقر إقامته في مدينة فيرزبورج حيث قضى ثلاث سنوات لإكمال مهمته، وفي أواخر أيامه انتقل إلى مدريد لرسم وزخرفة حجرة العرش في قصر الملك تشارلز الثالث. وفي عمل تيبولو المقتنى بالمتحف يلاحظ المشاهد أن هذا المشهد الرمزي يزدحم بشخصيات، جاء ذكرها في الكتاب المقدس، في حركة دائرية في وجود خلفية من السحب وربما رسم "تيبولو" هذا المشهد كنواة لعمل جداري ضخم لسقف داخلي لقصر أو كنيسة. فرانثيسكو جويا لوثينتس؛ ولد في بلدة فونديتودوس في أراجون عام 1746 وتوفي في مدينة بوردو عام 1828، لقد كان واحداً من أساطير الفن العظام على مر العصور الذين قدموا أعمالاً أثارت ولا تزال الصدمة والدهشة والإعجاب والجدل في آن واحد، كما كان رسام البلاط الملكي في أسبانيا، إلى جانب تودد أفراد طبقة النبلاء له لعمل لوحات لهم، امتدت شهرته خلال حياته عبر القرنين 18 و 19، قدم لوحات تمتلأ بالحميمية تتميز برشاقة الألوان وخفة الأسلوب، بدا فيها حماسة لأسلوب "الروكوكو" الذي بدأ في فرنسا أول الأمر عام 1700 على وجه التقريب، قبل أن تتلقفه أوروبا بأسرها. Comment *