بدأ المثقفون بعد الثورة يحلمون بمشروع ثقافي قومي يستعيد قوة مصر الناعمة،وهنا لابد أن نتوقف لنطرح عددا لا بأس به من الأسئلة، ماذا فعلت وزارة الثقافة خلال عام 2012، أي بعد عامين على ثورة يناير،هل حققت آمال وطموحات المثقفين،أم أن أداء وزارة الثقافة مرتبط بالمناخ السياسي العام الذي يسود مصر ويشهد تدهورا واضحا على كافة المستويات؟! من جانبه فقد صرح الشاعر عبد المنعم رمضان ل "البديل: "أفتقد جابر عصفور وفاروق حسني عندما أنظر الى المسئولين الحاليين رغم إدراكي لفساد تلك الفترة،أحس بالحسرة عليهم لأن عصفور كانت لديه استراتيجية ما أما صابر عرب فهو أبيض من الغسيل بعد استخدام صافو فماذا نتوقع من وزير أدى الفترة الأكبر من حياته العملية في عمان، وكتبه لم تستطع أن تخرج خارج أسوار الجامعة، لنا أن نتأمل ما يحدث في وزارة الثقافة الآن، أصبحت كما مهملا حتي إنها لا تثير تساؤلا حول التغيير بعد الحديث عن التغيير الوزاري، وهذا ما يرجوه المسئولون، ونجد أن القيادات بوزارة الثقافة منفذين تلك الرغبة بامتياز فهم يمارسون الوهم، وليس لهم علاقة بالشأن العام رغم أن الفعل الثقافي مرهون به، وبشكل عام نستطيع القول أن حكومات ما بعد الثورة نجحت في وضع الثقافة في ثلاجة لتجميدها. أما حسن طلب "الحاصل على جائزة الدولة في التفوق" فيرى أن "عرب" هو أفضل الوزراء الذين تولوا وزارة الثقافة بعد الثورة، حيث يقول "وزارة الثقافة لم يكتب لها أن تستقر على سياسة واحدة ولكني أرى أن صابر عرب أفضل الوزراء الذين تولوا الوزارة بعد الثورة لأنه بدأ يخطط لاستراتيجية واضحة يسعى لتنفيذها،وهذه الاستراتيجية في ظني أنها تؤسس لمشروع ثقافي قومي متكامل، كما أنه قام بتطهير الوزارة من بعض القيادات الفاسدة الذين ينتمون الى النظام السابق منهم حسام نصار رئيس قطاع العلاقات الثقافية الخارجية الذي أقاله صابر عرب بالإضافة الي تغيير بعض القيادات بدار الكتب". أما الأديب والناشط السيناوي "مسعد أبو فجر" فقد أكد أنه لا يعرف اسم وزير الثقافة الحالي، حيث يقول أبو فجر: "لا أعرف شيئًا عن وزارة الثقافة ولا حتي اسم وزيرها ولكن بشكل عام الوضع الثقافي قوي، فهناك حركة ثقافية قوية خارج إطار وزارة الثقافة، وأعتقد أن هذه الوزارة اخوانية ووزيرها أيضا مرضي عنه من جانب الإخوان". ولا يفضل الشاعر الكبير "سيد حجاب" إبداء رأيه في أداء ونشاط وزارة الثقافة في عام 2012 حيث يقول "لا أفضل الحديث عن وزارة الثقافة لأن رأيي في أدائها سيكون صادما للجميع" يستفيض الناقد المسرحي د- أسامة أبو طالب في حديثه عن أداء المثقفين وأداء وزارة الثقافة، يقول "صوت المثقفين كان ضعيفا تماما في مقابل كل المتغيرات التي حدثت بدءا من الاحتجاجات والتظاهرات ورفض الدستور، فالمثقفون ظلوا وكأنهم طاقة سالبة أو مشاهدون يكتفون بالتعاطف مع من يتعرضون للظلم والقهر من جانب السلطة، وعلى المستوى المؤسسي فكان الأداء خافتا وشاحبا وهابطا فلم تأخذ وزارة الثقافة بأيدي شباب الثورة المبدعين من فنانين تشكيليين ومسرحيين الذين أحيوا ليالي الميدان وقدموا إبداعا ثوريا راقيا حتي ولو كان ليس ناضجا، فلم تقم وزارة الثقافة باحتضان هذا الاكتشاف البشري في لحظة تتكرر في حياة الأمم. وعلى مستوي مؤسسة المسرح يؤكد أبوطالب أن التجاهل كان أفدح وأكثر شراسة ويقول: "مسارح الدولة أكثرها معطل مثل مسرح السلام، ومسرح الطليعة في وضع أشد خطورة بمحاصرة الباعة الجائلين له ومسرح الغد نزعت وطردت منه مسرحية ليل الجنوب، ومسرح الهناجر لم يسمح المسئولون فيه باحتضان أي مسارح ناجحة أكثر من عدة أيام فلا يكاد العرض يبدأ حتي يعصفوا به ويطفئوا الأنوار، ومن هنا فمصر طوال عام 2012 تحت أضواء الثورة مطفأة المسارح. وعن أداء دار الأوبرا المصرية يقول أبو طالب "الأوبرا تحولت الى صالة أفراح على النمط السكندري، تعاني من قلة خبرة المسئولين وضحالة ثقافاتهم الفنية المتخصصة وانعدام الثقافة العامة، حيث أصبحت غارقة في الظلام الأعمال القديمة يعاد عرضها بنفس المخرج ومصمم الاستعراضات والباليه فهم غارقون في عايدة مكبلين بنفس العروض التي ملها جمهور الأوبرا المتذوق، وتحولت الى صالة مناسبات لمهرجانات قديمة باهتة وضيوف ثانويين خاصة لمهرجان الموسيقى العربية. ويرى أبوطالب أن أهم حدث ثقافي في عام 2012 هو رحيل المفكر والمترجم والفيلسوف د- عبدالغفار مكاوي. أما الفنان التشكيلي " محمد عبلة" فيري أن الصخب السياسي كان مصاحب له صخبا ثقافيا خاصة من جانب ائتلاف الثقافة المستقلة والفن ميدان، لكنه في الوقت نفسه يؤكد علي وجود الكاذبين والمصرين على الأفضل من المثقفين. ويعتبر "عبلة" أن أهم حدث ثقافي هو "مهرجان المسرح المستقل الذي استمر خمسة شهور، مضيفا: مهرجان المسرح المستقل كان حدثا ثقافيا متنوعا، كان به أكثر من 35 عرضا مسرحيا، ومعرض فن تشكيلي ، ومعارض كاريكاتير. تقول الكاتبة والروائية ، سلوي بكر: "وزارة الثقافة يجب النظر اليها في إطار الوزارات التي تم قيامها بعد الثورة وهي كلها وزارات لم تعبر عن آمال وطموحات القوي الثورية وهذا أداء عام لكل الوزارات، والوضع بالطبع ينطبق على وزارة الثقافة حيت تعاقب عليها عدد من الوزراء وجميعهم كانت يدهم مكبلة نتيجة للنهج العام للوزارة التي كانت موجودة في مصر، ولكن كانت هناك محاولات من البعض لإعادة هيكلة وزارة الثقافة ومؤسساتها إلا أن طموح المثقفين والشعب والقوى الثورية كان أكبر بكثير من هذه المحاولات. وتشير بكر إلى أن المثقفين خارج المؤسسة الثقافية مسئولون عما حدث لأنهم لا يتحركون ولا يملكون مشروعا حقيقيا لتحقيق النهضة الثقافية في البلاد. أخبار مصر – ثقافة - البديل Comment *