ثمة امرأة تجتاز الممر الأخير نحو النشوى ، تمتزج بفرحتك وحزنك ، تعبث بأحلامك ، وأنت لاشيء ، لاشيء أبداً ، فقط فراغ كاذب ، صدِّق أنك الأيدي الوهمية .. والروح التي تهتك جسدها النشوان . دقات المنبه تشتت تركيز امرأة وحيدة تجلس في صالة فارغة إلا من عبثك .. قبعتك السوداء البائسة .. قلم الفحم رائحتك المنسية وصمتك ، مزقها النظر من الشرفة نحو الشارع في انتظارك .. لماذا لاتخبرها أنك شبحاً هائماً في أحلامها ؟ ........................................ خلف النوافذ البحرية ، رسائل ملفوفة بخواتم صدئة ، خاتمها فقط ميزته الجنيات .. والعفاريت أقاموا مزادً لبيعه أيها العجوز المنسي مت في حضنها حتى تأتيك البشارة ، كن عبداً حتى تأتيك النبوة ، وكن طفلا جديداً حتى يأتيها المخاض . - اسمعي تلك الغنوة لا لن أسمع .. هو لايحبها - طظ ياعزيزتي .. اسمعيها من أجل قلبك وانسيه ........................................................ الهواء ينعق في الخارج وهي ترتعد من الوحدة .. لا وجود اليوم للنسيان .. فقط ابدأي حديثاً عفوياً مع جارك المسن .. وفي الأيام الباردة جدا كاليوم.. افتحي شبابيك الغرف ونامي دون غطاء .. لا تبحثي عن الدفيء كما أمرتك من قبل ألا تبحثي عن ملابسك المثقوبة من شظايا صغيرة تناثرت من رعشة يدك حطمي الزجاجات المعبأة بالفراغ وانسي أغاني فيروز لاترقصي لتلعني الأيام ولاتحكي عن البراندي والسجائر للعجوز الذي يقطن أسفل شرفتك ، اتركيه يحكي واتركي دماغك تنهمر في عوالمه المنسية .. العجوز سيموت قريباً وان لم تسمعيه ستتركين نفسك للعتاب والوجع .. العجوز الذي سيموت قريباً ؛ سيحكي لكِ عن البلدان التي زارها وعن النساء اللاتي عشقهن وسيحمر خجلا عندما يروي حكاية المرأة التي ضاجعته في فناء بيته الأوربي وسيخبرك عن أبنائه البعيدين وعن زوجته التي ماتت بأزمة قلبية وهي تعطيه دواء القلب .. سيحكي عن أول امرأة قبلها وأول ولد أنجبه ..عن كتاب لوركا وقصيدة المرأة المتكئة ” رؤيتك عارية تذكر بالأرض الأرض الناعمة ، الأرض بلا عشبة واحدة ، شكل خالص رؤيتك عارية تجعل المرء يفهم تلهف المطر الذي ينشد خصراً هشّاً أو حمّى البحر ذي الملامح الهائلة الذي لايجد ضوء خده ذاته ” سيجلس الرجل أمامك ليقبل يدك .. ويموت هكذا ؛ لن تشعري بالندم على نسيانك لجارك العجوز على رأسك ، يسقط ماء ساخن ويتصاعد بخار من روحك .. رتم الحياة البطيء لن يسعفك في الاستمتاع بنصف أحلامك ، ولن يعيد إليك خاتمك الذي احتضنه البحر في أمنية موءودة لأنها كانت لمن لا يستحق .. في صالة خاوية تماماً ستجلس امرأة عجوز تسرق ملامِحك تستمع لأغاني منسية وتطرز وجه الغياب بأقلام الفحم على أرضية الصالة لتملأها ، تضع في الشرفة غزالات وتعلق على حبل الغسيل فراشات ملونة وأزهار ميتة ، وتكتب اسمها على حيطان الغرف ، تخلع الشبابيك تماماً وتمزق فساتينها القليلة وتُبقى فستاناً واحداً .. تتمدد على وجه الغياب بفستانها وتقرر أن تموت تستيقظ ثانية وهي تقرر أن تفر لأعلى من الشبابيك المفتوحة ، لكنها تغضب عندما يرتطم برأسها ماذا فوق ؟ وأين فوق ؟ ولماذا فوق ؟ تبتسم عندما تصل ؛ ترفع أصوات الأغاني المتداخلة وتلقي بجسدها في شكل أفقي ، لترتطم بالأرواح السائحة .. ستهيم هنا على وجه العالم لتلتقي بوجه الغياب كي تقتله فقط و تعود .