لماذا ينجح الاشرار فى سيناء فقط دون غيرها؟ فرغم أن حالة الانفلات الأمنى شملت مصر كلها بعد الثورة، إلا أن سيناء هى المحافظة الوحيدة التى سقط فيها كل هذا العدد من شهداء الشرطة والجيش. *** إن ما حدث فى سيناء في الأيام الماضية هو تكرار لكل ما كان يحدث فيها ولها على امتداد سنوات طويلة، وبالأخص بعد الثورة: بدءاً باستشهاد للجنود المصريين فى أغسطس 2011 ثم فى أغسطس 2012 بالإضافة إلى قتل مواطنين عزل ورجال شرطة، وخطف وقطع طرق، وتجارة مخدرات وأعضاء بشرية وتهريب سلاح، واستشهاد جنود الأمن المركزي في حادث السيارة الشهير، والاعتداءات على مديرية أمن العريش...الخ كلها أعراض جانبية لمرض واحد مزمن وقديم الجميع يعلمونه ويتحاشون ذكره، هو القيود العسكرية والأمنية المفروضة علينا فى معاهدة السلام والتي تحول دون انتشار قواتنا المسلحة على كامل التراب الوطني فى سيناء. فهذه الأحداث لا يمكن أن تحدث مجتمعة وبهذا الكثافة فى أى بقعة من مصر إلا فى سيناء، لأنها الجزء الوحيد من وطننا المكبل بهذه القيود والمجروحة سيادته. فلدينا محافظات حدودية كبيرة أخرى تتشابه فى بيئتها مع سيناء مثل محافظة البحر الأحمر والوادى الجديد ومرسى مطروح وكلها ذات طبيعة جبلية وصحراوية وذات تركيبة قبلية هى الأخرى، وسكانها يعانون مثل اهل سيناء من مشاكل التهميش وقلة الخدمات وإهمال الدولة. ولكن رغم هذا التشابه فان أى منها لم يشهد مثل هذه الجرائم والحوادث والاعتداءات المستمرة، وإن حدث مثلها فسرعان ما يتم التصدى لها والتعامل معها والقضاء عليها. وكلنا يتذكر حادث خطف 19 من السياح الأجانب والمصريين فى المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا فى منطقة وادى الجلف الكبير بالصحراء الغربية عام 2008 اثناء قيامهم برحلة سفارى نظمتها إحدى شركات السياحة المصرية، وكيف نجحت الدولة فى تحريرهم بدون دفع أى فدية، بعد أن هددت كما تسرب وقتها بشن حملة إبادة جوية لجماعات الخاطفين. إذن السؤال هو لماذا ننجح هناك ونفشل فى سيناء؟ والإجابة واضحة وبسيطة ومعروفة و هى أن سيناء منقوصة السيادة عسكرياً وأمنياً. وما لم نعترف أن هذا هو السبب الحقيقى وما عداه مجرد أعراض وآثار، فإننا لن ننجح ابداً فى فرض الاستقرار هناك. إن كل ما يحدث هناك هو نتاج المعاهدة الظالمة، حتى حادث سيارة الأمن المركزي التى سقطت من ارتفاع كبير من على أحد المنحنيات الصعبة فى سيناء وراح ضحيتها 22 جندى مصري، نقول ان هذا الحادث هو الآخر من آثار كامب ديفيد التى حرمت قواتنا من التواجد فى سيناء والتدريب على أرضها والتعرف والإلمام بتضاريسها ودروبها ومسالكها ومواطن الخطر والأمان فيها. كثيرون تكلموا فى الأيام الماضية عن التجاوزات الأمنية وعن تهميش سيناء وإهمالها وعن انعدام خطط التنمية، وكلها حقائق ثابتة، ولكن السؤال ما الذى يقف وراء ذلك؟ والإجابة معلومة: يقف وراءها خوف رسمي وشعبي من التنمية بدون حماية مسلحة. ويقف وراءها انتهاكات وتجاوزات أمنية مصدرها الخوف وعجز الإمكانيات والتسليح التى يتم تعويضهما باستخدام العنف المفرط مع الأهالى من بعض العناصر الأمنية. ويقف وراءها شكوك دائمة من أعمال الاختراق والتجسس الإسرائيلية. ويقف وراءها شعور بضعف هيبة الدولة هناك مما يشجع البعض على تحديها وفرض هيبات و شرعيات أخرى قبلية أو دينية أو إجرامية أو خارجية. *** وأخيراً فإنه لا أمل فى إيقاف نزيف القتلى والشهداء والإجرام والإرهاب والتجسس والتهديد، مرة واحدة والى الأبد، إلا باسترداد كامل السيادة المصرية على سيناء من خلال التحرر من كافة القيود العسكرية والأمنية المفروضة علينا بموجب المعاهدة. [email protected] Comment *