طلع علينا د. محمد محيى الدين عضو لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية للدستور بخبر مثير مفاده أنه تم التوصل لحل وسط للخروج من قضية عدم ترشح المصرى حامل الجنسية الأجنبية لرئاسة الجمهورية، بأن يتنازل المرشح عن جنسيته الأجنبية وقت الترشح، وكذلك زوجته التى تحمل جنسية أخرى. إن هذا الحرص من جانب تيار الإسلام السياسى لإلغاء مبادئ وقواعد راسخة فى الدساتير المصرية تهدف لضمان انتماء رئيس الجمهورية وولائه لوطنه تثير كثيرا من الشكوك والريب والتساؤلات حول أهداف ذلك ودوافعه. لقد أوضح د.محمد محيي الدين أن السبب وراء الرغبة فى تغيير هذه المواد فى الدستور هو عدم حرمان د.أحمد زويل من الترشح لرئاسة الجمهورية، وأيده فى هذا التبرير د. شعبان عبد العليم رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب المنحل فى أحد البرامج التليفزيونية مؤخراً. وهنا قد نتساءل عن السر فى تحول موقف أعضاء من حزب النور السلفى الذى كان معادياً لزويل إلى موقف الداعم له؟ هل هم بالفعل يريدون إتاحة الفرصة لزويل لشغل منصب رئيس جمهورية مصر؟ وهل يرون أن حصوله على نوبل يؤهله لحكم مصر؟ أم هم يتعرضون لضغوط أمريكية لعمل ذلك؟ إذا كان بعض السلفيين وبعض الإخوان يرون ذلك بالفعل، فان هذا يدل على جهل شديد بالمواصفات المطلوبة فى رئيس الجمهورية. قد يجادل بعضهم مستخدماً الحجج التى يرددها زويل بأن إسرائيل عرضت على أينشتين شغل منصب رئيس دولة إسرائيل عام 1948 ولكنه رفض، وأن حاييم وايزمان أول رئيس لإسرائيل كان أستاذا أكاديميا، ولكن هؤلاء لا يدركون أن منصب رئيس إسرائيل هو منصب شرفى، وأن الرئيس لا يحكم، و الذى يحكم هو رئيس الوزراء، وأن تعيين وايزمان رئيساً لإسرائيل كان تكريماً له باعتباره مؤسس دولة إسرائيل، فقد حصل لها على وعد بلفور، وبذل جهوداً جبارة حتى تحقق الحلم الصهيونى بإنشاء دولة لهم فى فلسطين، فى حين أن زويل لم يقدم شيئاً لمصر، فمصر هى التى أوفدته من مالها فى بعثة إلى أمريكا كى يعود الى البلاد لتنتفع بعلمه، ولكنه فضل مصلحته الشخصية على مصلحة وطنه وآثر البقاء فى أمريكا، وفضلاً عن ذلك فإن رئيس الجمهورية فى مصر هو الذى يحكم وليس رئيس الوزراء- كما فى إسرائيل- ولذلك فان رئيس مصر يجب أن يكون ولاءه مصرياً 100% وأن يكون مؤهلاً للقيام بأعباء الحكم، فليس كل عالم أو حاصل على نوبل قادراً على القيام بأعباء الحكم، وإلا كان كل الحاصلين على نوبل يحكمون بلادهم الآن. من ناحية أخرى فان أحمد زويل لم يكن فى يوم من الأيام له اهتمام بالسياسة ، فقد حصل على الجنسية الأمريكية، وعاش فى الولاياتالمتحدة نحو 45 عاما، فى بيئة تسمح له بالعمل بالسياسى، ولكننا لم نره يوما حاكما لولاية، أو عضوا فى الكونجرس أو فى مجلس النواب، أو وزيرا فى إدارة أحد الرؤساء الأمريكيين. ان سعى بعض السلفيين والإخوان لتغيير مواد الجنسية فى الدستور فيما يتعلق بالمرشحين للرئاسة يعد جريمة عظمى فى حق الوطن لأسباب كثيرة أولها: أن مزدوج الجنسية إنسان مزدوج الولاء أى أن له نصف ولاء لوطنه الأم، فهو حينما يحصل على جنسية دولة أخري يقسم يمين الولاء لهذه الدولة، كما أن سفر بعضهم إلى الإقامة الأبدية بدولة أجنبية، والزواج من أجنبية ينم عن ضعف الانتماء للوطن الأم. ثانيا: يفتح تعديل مواد الجنسية الباب أمام القوى الأجنبية وخصوصاً الولاياتالمتحدة و إسرائيل اللتين لنا فيهما مهاجرين حصلوا هم وأبناؤهم على الجنسية الأمريكية والإسرائيلية لتجنيد أحد المصريين المقيمين لديهما للترشح لرئاسة الجمهورية والتنازل تكتيكيا عن جنسيته الأجنبية، لنفاجأ أن على رأس الدولة رئيسا أمريكيا أو إسرائيليا. وأحمد زويل رغم ما يدعيه حالياً من أنه لا يريد الترشح للرئاسة، فأنه لو أزيلت من أمامه العقبات الدستورية سيترشح، وسينجح مدعوماً من أمريكا وإسرائيل، فقد قال عنه أوباما أنه صوت العقل فى الشرق الأوسط، كما أنه كان أول عالم عربى يخرق المقاطعة لإسرائيل ويتردد أنه أجرى معهم أبحاثاً مشتركة لتطوير منظومتهم الصاروخية باستخدام الليزر، ولذلك منحوه جائزة وولف- أرفع جائزة علمية فى إسرائيل، وسافر لاستلامها من الرئيس الاسرائيلى عيزرا فايتسمان فى الكنيست عام 1993. وقد كشف الفريق أحمد شفيق فى أحاديثه مع مصطفى بكرى وعمرو أديب، وهى متاحة على اليوتيوب، أن زويل سعى إلى الترشح للرئاسة ولكن حال دون ذلك صدور الإعلان الدستورى بقيود الجنسية. وإذا كان الإخوان المسلمون يسعون لاستخدام أحمد زويل طمعاً فى مساعدتهم لكسب دعم الولاياتالمتحدة، وكسب التأييد الشعبى على اعتبار أن زويل يتمتع بالشعبية فى مصر.. وإذا كان السلفيون يستخدمون اسم أحمد زويل للتمويه لإلغاء قيود الجنسية فى الدستور على أمل أن تتاح الفرصة لزعيمهم صلاح أبو إسماعيل للترشح للرئاسة، فان طرفي الإسلام السياسى إنما يلعبان بالنار، وسيقودان البلاد إلى طريق محفوف بالمخاطر. Comment *