دعوات مترددة متضاربة ربما تحملها القوى السياسية الدينية لتظاهرة (تطبيق الشريعة). شعار طالما حملته هذه القوى قبل الثورة لكنه ظل دائماً إجمال دون تفصيل. أحجمت هذه القوى عن تفصيل مطلبها واكتفت بشعارات لأغراض متعددة أهمها الافلات من مطالبتها بالالتزام بما تدعو إليه مما قد يتصادم ومصالحها الدنيوية ، أو أن يقع الجدال الكاشف عن مدى تطابق رؤها ومواقفها مع أصل الشريعة. الآن تقوم هذه القوى بفعل ندر حدوثه في العمل السياسي، فالأصل أن الأحزاب تتظاهر وتحشد حين تكون في موقع المعارضة لا كرسي السلطة!. قبل المرحلة الأخيرة من الانتخابات وضعت هذه القوى يدها على الميدان وطرحت الرئيس الحالي كممثلاً وربما رمزاً للثورة، الآن يفترض أن الثورة تحكم وهي ممثلة فيهم كما يدعون فكيف يكون التظاهر وضد من؟. ما الذي يمنع الرئيس من تطبيق الشريعة إن كانت غائبة عن مصر؟، أهناك قوى آخرى تسيطر على قراره ويحشد ضدها الجماهير في الميدان؟ ضد من توجه التظاهرة؟ وإلي من تطرح مطالبها؟ هل يصدق البعض سخف وحمق أبواق النظام الحالي من أن حمدين والبرادعي يحاربا تطبيق الشريعة، كبرت كلمة تخرج من أفواهم؟ هل يجرؤ امرؤ من هؤلاء أن يأتي بتصريح واحد لأي من الرجلين بهذه الكلمات؟. الحقيقة لم يعد عجيباً أن يجد متصفح الانترنت، أوبعض القنوات التي تحسب نفسها على الإسلام اتهامات لحمدين باعتناق المذهب الشيعي، أو اتهام للبرادعي بأنه يطالب الأباء بأن يسمحوا لبناتهم بالانحراف المبكر! لماذا كل هذا الهوس بالغريزة ؟ وأين الضمير والدين من هذا الكذب الفاجر من أجل السلطة؟، ألم يأت في فهم تلك الأبواق أن رمي الناس بالباطل في عقيدتهم وأعراضهم من كبائر الأمور بالإسلام؟. الرد الجاهز دائماً هو أن هناك أعداء يتربصون بالشريعة، ومثلما لا تفصل أوجه الشريعة لا يمكنك أن تعرف كنه هؤلاء الأعداء، فهم تارة يشار إليهم بالنخبة ولا تعرف ما هي النخبة أصلاً إن كانت المشاهير فهي حتما تضم الكثيرين من أنصار الرئيس وحزبه، وإن قصد بها المثقفين والمبدعين فهل يعد هذا اعترافاً بأن تيار الاسلام السياسي يخلو من الثقافة؟ وتارة آخرى بالعلمانيين دون أن تفهم ما هو تعريف العلمانية لدى المتحدث؟، وتارة ثالثة بالليبراليين والعجيب أنك ترى الليبراليين هؤلاء في تحالف دائم مع الإخوان بكل إنتخابات تشريعية ( حزب غد الثورة في الانتخابات الأخيرة مثلاً) فكيف يتحالف الإخوان مع أعداء الإسلام ؟. العجيب أن خطاب تيار الإسلام السياسي ينتهي دائماً بأن هؤلاء الأعداء قلة لا تعبر إلا عن نفسها، والسؤال: إن كانوا كذلك فكيف يمنعون الرئيس؟، ولماذا تحشد ضدهم الحشود وهم القلة الضعيفة التي لا تحكم؟، ولماذا لم تكن الثورة بيد الإخوان والسلفيين وحدهم من البداية ولم يصبغ الميدان طوال ثمانية عشر يوماً بلونهم إن كانت هذه القلة المنحرفة غير مؤثرة ولا حاجة لهم بها ؟. هل بحثت الحشود المستأسدة عن التزام الرئيس الذي رشحته ممثلاً (للمشروع الإسلامي ) بالشريعة؟، هل تتفق أحكام الشريعة المطالب بها مع رسائل الحب والصداقة والمديح للإرهابي المجرم شيمون بيريز؟ هل يجوز شرعاً أن تنفق الملايين كل أسبوع لمتابعة صلاة الرئيس في بلد يشكو فقره؟، لماذا يمانع أتباع هذا التيار من تطبيق الحدود الشرعية على البلكيمي وعلى ونيس؟، أي ضمير لديهم يبيح الكذب بإشاعة البراءة عن اتهام الأخير بالفعل الفاضح وهي براءة لم تصدر بل أن الرجل يستأنف حكماً بإدانته. كيف يكون للشريعة أحكامها القطعية الثابته بينما حزب الرئيس وجماعته يبدلا مواقفهما ويتبادلانها بسرعة الضوء؟ مثال بسيط لذلك أن يتضامن شباب الحرية والعدالة مع الأولتراس في رفض عودة الدوري الكروي بينما تقرر اللجنة الرياضية للإخوان تأييدها للرياضيين في عودة النشاط الرياضي ! هل الشريعة حمالة أوجه الي هذا الحد؟. إنما طرحت أسئلة مشروعة يجب ان يوجهها الكثيرون الي أنفسهم إن كانت الشريعة مطلباً فلتكن واضحة قاطعة لاحمالة الأوجه، لتكن مضمون وجوهر نحمله في رقابنا جميعاً أول ما يحمل في أولوياته ما هتفت به حناجر الثورة: عيش .... حرية .... عدالة اجتماعية. Comment *