نقلت لنا وكالات الأنباء ما دار فى زيارة الرئيس الأمريكى الأسبق كارتر الى المستشار الغريانى فى مجلس الشورى، وسؤاله له عن وضع معاهدة السلام مع (اسرائيل) فى الدستور الجديد، ورد الغريانى بأن هذا ليس محله الدستور ولكنه استطرد مطمئناً كارتر أنه: ((لن تجرؤ اى حكومة قادمة على مخالفة الالتزام بالمعاهدة))!. *** ان كارتر حين يسأل مثل هذا السؤال الغريب حول موقع معاهدة السلام من الدستور، فإنه يؤكد ما ذهبنا إليه من قبل من أنهم يريدون أن تكون كامب ديفيد هى المصدر الرئيسى للتشريع. وهى لن تكون كذلك أبداً فهى ليست قرآناً ولا إنجيلاً كما أن الدول المحترمة والشعوب الحرة لا يجب أن تعامل هكذا. كما أننى لم أرتح أبداً إلى الرد الذي نسبته وكالات الأنباء إلى المستشار الجليل حسام الغريانى، الذى ورد فيه أنه (لن تجرؤ أى حكومة على مخالفة الالتزام بالمعاهدة)، لأنه ان صح، فان فيه مصادرة على حق أصيل للشعب المصرى فى أن يصنع مستقبله وفقاً لمصلحته وأمنه القومى وسيادته الوطنية الكاملة، كما أن وصف الحكومات المصرية "بعدم الجرأة"، فيه جرح للكرامة الوطنية، خاصة أنه صدر أمام شخصيات أو جهات أجنبية. *** وكنت اتمنى أن يكون رد المستشار الغريانى على سؤال كارتر بسؤال آخر هو: متى ستكفون (سيادة الرئيس) عن التدخل فى شئوننا والتفتيش فى نوايانا؟ وهل تسمحون فى الولاياتالمتحدة بأن تملى عليكم الشعوب الأخرى سياساتكم ومواقفكم؟ كما أننى كنت أتوقع أن يتحرج السيد كارتر من طرح مثل هذا السؤال بصفته أعلم الناس بحجم الظلم والإجحاف الذى وقع على مصر فى هذه المعاهدة التى تمت تحت رعايته وضغوطه، إلى الدرجة التى صرح بها لحديثه مع جريدة الأهرام منذ بضعة أيام بأن الرئيس السادات فى هذه المعاهدة كان كريماً جداً بقبوله بقاء المعدات الثقيلة المصرية خارج سيناء. والرئيس كارتر يعلم جيداً أن مسائل الأمن والسيادة القومية ليست محلاً للكرم والتنازل. *** كما أنه قد آن الأوان أن يعلم الجميع أن لدى الشعب المصري حساسية كبيرة من كل محاولات التدخل الخارجي فى شئونهم الوطنية ومحاولة التأثير فيها والضغط عليها. وأن يدركوا أن أحد الأسباب الرئيسية التي أدت الى إسقاط مبارك كان تهاونه الشديد أمام النفوذ الأجنبى فى مصر الذي وصل إلى حد التبعية. وان المصريين أصبحوا ينزعجون بشدة من تكرار هذا الاستجواب المهين حول كامب ديفيد من كل الوفود الأمريكية والأوروبية، والذي يوجهونه إلى الجميع وفى كل المؤسسات التنفيذية والتشريعية ولكل الأحزاب السياسية وكأن ليس لهم موضوع غيره. وكأنهم يجرون لنا كشف هيئة لإعطائنا البركة أو حجبها عنا. وإن كان السيد كارتر وأصدقائه يريدون اجابة حقيقية فلا يجب أن يتوجهوا بها الى أى مسئول فى مصر، بل فقط عليهم ان يتابعوا الرأى العام الشعبى والسياسى فى مصر، فعندئذ سيكتشفون أن هناك اجماع وطنى فى مصر على ضرورة التحرر من القيود المفروضة على السيادة المصرية فى المعاهدة وبالتحديد فى المادة الرابعة منها وملحقها الأمنى. [email protected] Comment *