يختلف المفكرون والمثقفون المصريون في الحكم علي تجربة عبد الناصر, سواء سبياتها او ايجابياتها, فمنهم من اعتقل في عهد ناصر أو عاصر التجربة وعاش صعود التجربة وانكساراها, ولكنهم اتفقوا علي أنها تجربة فريدة من نوعاها, تركت تأثيرا عميقا علي الحياة الثقافية في مصر حتي الان. أكد المفكر والمترجم شوقي جلال الذي سجن في عهد ناصر عدة سنوات علي أن عبد الناصر كان أول مصري يحكم مصر منذ مئات بل الالاف السنين حتي محمد علي الذي جاء بمشروع نهضة لمصر كان أجنبيا, كان ناصر يمثل للشعب المصري مشروع قومي يعطي املا للناس في حياة مستقرة بها قدر من الرخاء, كما أعطي فرصة للتعليم وتطوير وتنمية البلد, ولكن المشكلة أن ناصر كان يحكم المصريين بعقلية المستبد العادل. وكان هذا الفكر مصدر خطر كبير أدي لكوارث كثيرة, منها آليه ادارة الحكم التي تعتمد علي قرارات فردية وليس علي مبدا ديموقراطي, و أنه لم يعد صف ثان يكون مسئول عن الوطن والسلطة, وقضي علي الأحزاب السياسية القوية, لذلك التفت الانتهازية حول الحزب الحاكم وهم الذين استمروا معه. وأضاف جلال أن ناصر نجح في تقزيم الاخوان واضعاف قوتهم ليس بزجهم في المعتقلات ولكن بفضل المشروع القومي والأمل في مستقبل أفضل. وأكد جلال علي أن ناصر أخطأ وأصاب ولا يوجد أبيض وأسود في الحكم علي الأشخاص ولكن يجب أن ندرك ونميز بين الإيجابي والسلبي في كل فترة تاريخية حتي يمكننا أن نتطور في المرحلة التالية. من جانبه صرح الكاتب الروائي جمال الغيطاني بأن ناصر هو الحاكم المصري الوحيد الذي يتمتع بالنزاهة والأمانة وكان مخلصا للأمة وأن المشروع الناصري هو المشروع الوحيد الذي انحاز للفقراء منذ عدة قرون , لأنه وضع في أولوياته هؤلاء الفقراء واحتياجاتهم لحياة كريمة وعدالة اجتماعية, وأكد الغيطاني أن المشروع الناصري أتاح له فرصة التعليم كما أتاح للملايين من الفقراء فرصة التعليم المجاني, ولكن هذا المشروع لم يكتمل لأن هناك أخطاء جسيمة وقع فيها ناصر مثل القهر البوليسي, و عدم وجود نظام ديموقراطي للحكم, والاصطدام مع القوي السياسية, والتدخل في اليمن, والوحدة مع سوريا. وأشار الغيطاني إلى أنه من الأفضل عدم البكاء علي المشروع ولكن معرفة أسباب فشله التي انتهت بوصول الاخوان إلي السلطة, لأن ناصر سلم السلطة للسادات بتعينه نائبا له, والسادات سلم الحكم لمبارك, وانتهي المشروع بالاخوان. وذكرت الكاتبة والروائية سلوي بكر أنها تنتمي للجيل الذي تربي ونشأ في ظل التجربة الناصرية وتكوينه الفكر والثقافي ينتمي لها والتي تمثل الفترة الذهبية للثقافة في مصر, لأن الثقافة في هذه الفترة كانت اقوي وأهم جزء من التجربة وكانت ضمن المشروع القومي, وكانت الثقافة ميسرة ومتاحة لقطاعات كثيرة من الشعب المصري, عن طريق الثقافة الجماهيرية ومسرح الجرن والكتب التي تباع بسعر زهيد وقصور الثقافة. واضافت بكر أن هناك جملة من الأخطاء الجسيمة التي وقعت فيها التجربة الناصرية, وربما يكون السبب الرئيسي أن من قاموا بالثورة هم عسكر ويحكمون بفكر عسكري ، لذلك قاموا بالقضاء علي الحركة العمالية والطلابية لأنهما تشكلان خطرا عليهما ولكن الاحزاب التي تم حلها كانت ضعيفة ولو كان لديها قوة لكانت قاومت ولكنها كانت أحزاب منتهية الصلاحية. وتري بكر أن الحقبة الناصرية انتهت بتولي السادات السلطة واتباعه سياسة الانفتاح التي قضت علي انجازات ثورة يوليو التي كان أهمها أن القرار السياسي كان في صالح الوطن والشعب المصري والمنطقة العربية, وأن مصر كانت مؤثرة عربيا ودوليا وليست تابعة لأي من الدول الكبري. من ناحيته أكد الكاتب والمفكر عمار علي حسن أن تجربة ناصر كانت تجربة عميقة وشاملة وتشكل في حد ذاتها قطيعة ما قبلها وقطيعة ما بعدها وخصوصا بعد اتفاقية كامب ديفيد , لذلك ظلت هذه التجربة فريدة في نوعها بكل ما فيها من طموح وجموح وآمال وانسكارات وكانت لها تأثيرات واسعة في كل الاتجاهات منها الثقافة التي كانت أهم ركائز المشروع, حتي قمع الحرية في عهد ناصر شكل تحدي أمام المبدعين والفنانين سواء في طرح بديل عن الناصرية أو نقدها ونتجت عنها أعمال فنية رفيعة المستوي سواء في الشعر أو الرواية أو المسرح او السينما. وأضاف حسن أنه يجب الحكم علي أخطاء التجربة داخل سياقها التاريخي وليس برؤية ومفاهيم عصرنا, ومن أخطاء الناصرية الحكم الشمولي أو الديكتاتوري ولكن معظم دول العالم في تلك الفترة ومنها دول أوربية كان يحكمها نظم شمولية وعسكرية لأن هذه النظم جاءت بعد حركات التحرر الوطني ضد الاستعمار والليبرالية. ويري حسن أن الناصرية وان كانت تميزت باستبداد سياسي ولكن كان هناك عدالة اجتماعية وتكوين طبقة وسطي من المثقفين والمتعلمين والفلاحين المصريين لذلك مجد الموروث الشعبي ناصر كزعيم وأغفل عن الزلات والأخطاء. شوقي جلال: ناصر نجح في اضعاف قوة الإخوان بالامل والمشروع القومي جمال الغيطاني: أخطاء ناصر هي التي أدت لوصول الإخوان للحكم سلوي بكر: التجربة الناصرية انتهت بتولي السادات الحكم