منذ توليه رئاسة الجمهورية أعلن الدكتور مرسى مسألة إصلاح الاقتصاد المصرى أولوية وهدف لحكومته، وفيما يتعلق بكيفية تحقيق هذا الهدف, قال رئيس الوزراء المصري هشام قنديل في مقابلة أجريت معه في القاهرة أمس مع موقع بلومبرج الاقتصادى الامريكى "أن مصر تخطط لتعزيز الاستثمارات الخاصة وخفض الدعم وبيع صكوك إسلامية لمواجهة عجز الموازنة وتحرير قطاعات مثل قطاع توزيع الطاقة من خلال السماح للقطاع الخاص بشراء الغاز الطبيعي إما محليا أو من الخارج , وببناء وتشغيل محطات توليد الطاقة". وتعليقا على هذه التصريحات أعد موقع "بلومبرج" تقريرا يشير فيه أن هذه السياسات الاقتصادية، التى تمثل بشكل واضح سياسات اقتصاد السوق الحر، قد يجد رئيس الوزراء المصرى سهولة أكبر فى تنفيذها من أسلافه الذين تبنوا نفس السياسات الاقتصادية . وفى السياق ذاته قالت المجموعة المالية هيرميس القابضة وشركة "سى اى كابيتال" إن قنديل لديه فرصة لتنفيذ مثل هذه السياسات أفضل من حكومات المخلوع حسني مبارك لأنه تم تعيينه من قبل رئيس منتخب ديمقراطيا. وقال وائل زيادة ، رئيس قسم الأبحاث لدى المجموعة المالية هيرميس ، فى مقابلة مع موقع بلومبرج عن طريق الهاتف ، إن " هذه الحكومة قد يكون لديها مصداقية اكثر لتنفيذ اصلاحات صعبة " , مضيفا أن حكومات عهد مبارك -- من وجهة النظر الاقتصادية -- نفذت اصلاحات هيكلية صلبة ، لكنها فشلت في تحقيق معالجة حاسمة للقضايا الاجتماعية والاقتصادية والتأكد من ان الثروة تغلغلت وانسابت الى الطبقات الاسفل، لذلك فالحكومة المصرية الجديدة يجب عليها تجنب الوقوع في مثل هذه الأخطاء للتأكد من ان مصر تسير على طريق التنمية الاقتصادية المستديمة ". وذكر تقرير الموقع الامريكى ان قنديل أوضح فى المقابلة أنه يتوقع أن يتم الانتهاء من إجراءات قرض من صندوق النقد الدولي قيمته 4.8 مليار دولار بحلول نهاية شهر نوفمبر المقبل , مضيفا أن مصر تخطط لبيع صكوك إسلامية بعد إقرار تشريع جديد يتناول أدوات الدين خلال ثلاثة أشهر, كخطوة لمواجهة عجز الموازنة . وتعليقا على ذلك قالت علياء ممدوح ، الخبيرة الاقتصادية فى سى اى كابيتال ومقرها القاهرة ، فى مقابلة عن طريق الهاتف , أن الحكومة المصرية " ليس لديها خيارات سوى اجراء تغييرات وخفض العجز وفتح الاقتصاد من أجل الحصول على التمويل الحيوى من صندوق النقد الدولي ". وأضافت أن " الناس لديهم الآن المزيد من الوعي انه هناك حاجة للتغيير , لكن فى نفس الوقت هم لديهم التصور بأن الحكومة ستحارب الفساد، لذلك فالمهمة لن تكون سهلة " . وفيما ظهر انه ترحيبا من الجانب الامريكى – ومن أطراف دولية وعربية اخرى -- بالاتجاه الاقتصادي الذى أظهرته القيادة المصرية الجديدة , أعدت صحيفة فايننشال تايمز تقريرا تشير فيه الى أن المسؤولين وكبار رجال الأعمال الامريكيين , الذين جاءوا الى مصر ضمن أكبر وفد تجارى امريكى للعالم العربى , تعهدوا بتعزيز الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع مصر . وقالت الصحيفة أن مسؤولين أمريكيين تحدثوا إلى جانب كبار رجال الأعمال وهشام قنديل ، رئيس الوزراء المصرى ، اثناء اجتماع وجبة إفطار يوم الأحد ، عن مساعي لدعم مشروعات الاستثمار في مصر. ولفتت الصحيفة البريطانية الى أنه على الرغم من الدعوات الخطابية للعدالة الاجتماعية وبعض التلميحات القليلة إلى أمور مثل رفع الخدمة المدنية ورواتب الجنود ، إلا ان الإخوان المسلمين في مصر هم مناصرون وداعمون بثبات لسياسات السوق الحر. وأضافت الصحيفة أن حكومة مرسي يبدو انها ستواصل الاستمرار فى أجندة مبارك الاقتصادية مع التزامها المعلن بمكافحة الفساد . ومن ناحية اخرى رأت فايننشال تايمز أن ما يحدث من اجتماعات واتفاقات ودعم لمصر هو في سياق تسابق بين قوى إقليمية ودولية لبناء نفوذ في الدولة المحورية الهامة فى الشرق الاوسط والتى تبدأ للتو فى الخروج من عقود من الركود الدبلوماسي . وفى نفس سياق الاجتماع الذى تم يوم الاحد بين ممثلى الولاياتالمتحدة والشركات الامريكية وبين مرسى, نقلت أسوشيتد برس عن مشاركين في الاجتماع قولهم أن زعيم مصر الإسلامى اكد على الالتزام باتفاقات مصر الدولية وقدم تعهدا صريحا باحترام معاهدة السلام التاريخية مع اسرائيل، وفيما يتعلق بالناحية الاقتصادية , تعهد مرسى باجراء اصلاحات هيكلية صعبة لاصلاح اقتصاد بلاده المتعثر وخلق بيئة أفضل للأعمال والاستثمار . وقالت الوكالة الامريكية ان مرسى بهذه الخطوة يسعى الى تهدئة المخاوف من أن البرنامج الاقتصادى الذى يقوده الاسلاميون قد يخفض الاستثمار ، خاصة في مجال السياحة . وقال أحمد غانم ، المصرى الامريكي رئيس شركة التكنولوجيا الحيوية ومقرها ميشيغان وأحد رجال الاعمال المشاركين فى الاجتماع , أن مرسي تعهد بأن تبقى مصر دولة علمانية , وأضاف أن الرسالة التى ارسلها هى أن مصر مفتوحة للاستثمار ورجال الاعمال . ولفتت "اسوشيتد برس" الى أن جماعة الإخوان تبنت دائما بقوة فلسفة القطاع الخاص ، والعديد من رموزها العليا ومموليها هم رجال الأعمال . وأشارت الوكالة على الرغم من ان مرسى تحدث فى الاجتماع عن "الاصلاح الاقتصادي" و "محاربة الفساد " , الا انه لم تظهر تفاصيل كثيرة حول الكيفية التي سيتم بها إعادة هيكلة اقتصاد اكبر دولة فى العالم العربي من حيث عدد السكان، فمع عدم وجود دستور أو برلمان لتمرير القوانين، فإنه ليس من الواضح عما إذا كان مرسى سوف ينفذ هذه الإصلاحات الاقتصادية اللازمة على الفور أو سينتظر حتى نهاية العام عندما يتم وضع دستور جديد وانتخاب برلمان جديد . وذكرت أسوشيتد برس قول وزراء مصريين بأنه سواء بدون أو مع قرض صندوق النقد الدولي , فان مصر سوف تحتاج إلى إجراء بعض التخفيضات فى الإنفاق العام وكذلك فى الوظائف الحكومية . ويقول خبراء ان الحكومة لم تعد قادرة على تغطية نفقات تلك العمالة الحكومية أو خلق فرص عمل لجيل الشباب الجديد تحت 25 سنة. ومع ذلك يشعر النقاد بالقلق من ان خطط خفض الانفاق والدعم ستضر بالجماهير الفقيرة ، وتؤدى الى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وهذا قد يخلق عدم استقرار جديد يؤدى الى احتجاجات على غرار الاحتجاجات الجماهيرية التى اندلعت العام الماضي واطاحت بمبارك . خبراء ب"هيرميس" و"سى اى كابيتال": قنديل لديه فرصة لتنفيذ سياسات الاقتصاد الحر أفضل من حكومات المخلوع مبارك لأنه معين من رئيس منتخب الصحيفة البريطانية: ما يحدث من اتفاقات ودعم لمصر هو تسابق بين قوى إقليمية ودولية لبناء نفوذ في دولة محورية مهمة فى الشرق الأوسط وزارء مصريون ل "أسوشيتد برس": بدون أو مع قرض البنك الدولي مصر ستحتاج لإجراء بعض التخفيضات فى الإنفاق العام والوظائف الحكومية