بات مؤكداً وجود عناصر تنظيم القاعدة في سوريا، بعد أن ظهر أيمن الظواهري زعيم التنظيم في شريط مصور طالباً من قواته في العراق والأردن ولبنان وتركيا أن يتوجهوا لمساندة أخوتهم في سوريا.وبدا أن دعوة الظواهري للجهاد في سوريا قد أتت لإنقاذ الأمريكان كما أنقذوه أيام السوفييت. وكان لافتاً، تزامن دعوة الظواهري مع تقارير إخبارية تتحدث عن توقيع اتفاقية بين سجناء القاعدة في السعودية و "محمد بن نايف آل سعود" ابن ولي العهد السابق ومعاون وزير الداخلية السعودي، تضمن إطلاق سراح السجناء وتقديم مبالغ مالية لهم مقابل التوجه مباشرةً إلى سوربا لمقاتلة الجيش السوري، كما بثت ال "بي. بي. سي" تقريراً عن إرسال عدد من عناصر "الحركة الاسلامية في أوزبكستان" أحد الأجنحة التابعة للقاعدة إلى سوريا، ولم تستطع أن تخفي قلقها من إعادة إحياء القاعدة، وتنظيم صفوفها مرة أخرى، بذريعة التوجه إلى سوريا للمشاركة في القتال. فبعد أن أحبط "الفيتو" الروسي والصيني جهود الأمريكان في انتزاع ورقة شرعية من مجلس الأمن تمكنهم من تكرار السيناريو الليبي في سوريا، لم يجدوا أمامهم سوى خيار تكرار السيناريو الأفغاني الذي استخدموه خلال ثمانينيات القرن الماضي لإخراج القوات السوفييتية من أفغانستان، عندما أنشأوا تحالفاً عربياً دولياً تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية ل "أصدقاء القاعدة"، وهو ذات التحالف الذي يتكون منه اليوم مؤتمر "أصدقاء سوريا" الذي استضافته تونس أوائل هذا العام. وقد تلاقت المصالح ووحدة الأهداف بين تنظيم القاعدة وأمريكا بعد الحروب التي استمرت بينهما طوال العقدين الماضيين، فالطرفان مهتمان بتقويض حزب الله وحماس، كذلك يجمعها عداء واحد لكل من سوريا وإيران، كما أن الولاياتالمتحدة وبريطانيا تتحالفان مع عدة أطراف في الشرق الأوسط تربطها علاقات وطيدة بتنظيم القاعدة. واللافت كذلك، أنه في أفغانستان آنذاك، كما في سوريا اليوم، كان الفيتو الروسي بالمرصاد لأي تدخل عسكري أجنبي نظامي، فكان اللجوء إلى "الجهاد" بقيادة القاعدة، بتسليح أمريكي وتمويل سعودي وخليجي، ودعم لوجستي واستخباري من الدول المؤتلفة فيما يمكن تسميته ب"تحالف القاعدة الأفغاني" هو الحل، وقد نجح فعلاً في تحقيق هدفه بهزيمة السوفييت هزيمة ثقيلة كانت من ضمن أسباب تفكك الاتحاد السوفييتي، الذي كان يمد العرب بالأسلحة في حربهم ضد الصهاينة، ومن تابع بيان مؤتمر "أصدقاء سوريا" بتونس، وتوصياته، لا يساوره أي شك في توجه هؤلاء "الأصدقاء" إلى إحياء سيناريو القاعدة الأفغاني ضد سوريا. غير أن سيناريو القاعدة الأفغاني الذي نجح في إخراج القوات السوفييتية من افغانستان لن ينجح بالضرورة في سوريا، لسبب بسيط هو أن القوات السوفييتية كانت قوات احتلال، ولأن مقاومة الاحتلال الأجنبي كانت حركة تحرر وطني تحظى بالدعم الشعبي وشرعية القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة، وكان انتصارها مؤكداً سواء قادتها القاعدة أم غيرها، بينما الوضع على النقيض في سوريا اليوم، حيث يهدد هذا السيناريو باحتلال أجنبي لسوريا، وبالتالي ستكون الشرعية مع الجيش العربي السوري وأصدقاء سوريا الحقيقيين. اللافت كذلك، أنه عندما تشكلت "القاعدة" أيام مواجهة الأفغان للاتحاد السوفيتي سابقاً، كان الأمير بندر بن سلطان هو المسئول عن تأمين الدعم المالي لهم، وقد نشرت مؤخراً صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقريراً مفصّلاً عن العلاقة التي تربط "بندر بن سلطان" بتنظيم القاعدة حيث قالت: "لقد تم اختيار بندر بن سلطان رئيساً للاستخبارات السعودية من أجل هذا الهدف، فالسعودية تريد أن ترسم خريطة جديدة لمنطقة الشرق الاوسط بعد بشار الأسد"، لذا سيقوم هذا التنظيم بعملياته داخل سوريا دون أية مخاوف وسيكون"بندر" الأب الحنون الذي يدفع بسخاء لعناصر التنظيم الذين قدموا من جهات الأرض الأربع لتنفيذ خطة تدمير سوريا. Comment *