حديث الدكتورة هبة رؤوف عزت عن ردود أفعال شباب جماعة الإخوان المسلمين ليس مفاجئا، فما واجهته من اتهامات تقترب من السباب أمر عادي لدى كل من يبحر في "الفيسبوك" أو مواضع التعليقات في المواقع الإخبارية. وعلى الدكتورة عزت أن تحمد ربها على أنها تجرأت على دخول عش الدبابير ولم تجد في انتظارها إلا اتهامات تعاقبها على قولها إن رجال خيرت الشاطر الذين أداروا حملة الدكتور محمد مرسي مرشحا هم الذين يتحلقون حوله الآن رئيسا. حجاب الدكتورة هبة رؤوف عزت وعلمها وهدوؤها مصدات قد تكون حمتها من سيل جارف لكل قواعد الأدب يجري على ألسنة أعضاء ومؤيدين للتيارات الإسلامية وفي القلب منها جماعة الإخوان، فليس غريبا أن تجد في حسابا في فيسبوك تتصدره صورة مرسي أو أبو إسماعيل أو عبارات دينية وصاحبه يصف الآخرين بأقبح الأوصاف حتى صار البعض يترحم على عبارة "موتوا بغيظكم". وبالتالي حين تكتفي الردود على الدكتورة هبة رؤوف عزت بوصفها بأنها من الفلول أو التابعين للمجلس العسكري، فذلك يعني أن شباب الإخوان أكرموا وفادتها ووجهوا لها "قرصة ودن"لعلها تتوب سريعا. أما غيرها فنصيبه من الشتائم مفاجيء إلى حد يدعو إلى العجب من ورودها على ألسنة تحت راية ما يسمى بالمشروع الإسلامي. والأكثر غرابة أن الشتائم تبدو موحدة تتطاير بصيغها المتطابقة من صفحة إلى أخرى ومن موقع إلى غيره مع رفع اسم المشتوم حسبما يقتضي السياق، وكأن هناك كتائب يتدرب أعضاؤها على ذلك وأن تعليمات تصدر بالتصدي لك منتقد بأقذع السباب. ستقول الجماعة ومحبوها إنها ليست مسئولة، لكن لا يستقيم عقلا أن يتطوع مجرد متعاطف معها أو منحاز إلى أفكارها بسب الآخرين دفاعا عن هذه الأفكار. ولا يمكن تصديق أن كل المحبين انتبهوا فجأة إلى أهمية الشتائم لردع كل مختلف معهم، فالعمل،على سوئه، يحمل قدرات الإخوان التنظيمية وقدرتها على الحشد الأرضي والإلكتروني التي تمتزج بما تعتبره التمكين فيظن كل إخواني شتام أن لن يقدر عليه أحد. ما يفعله الشباب هو التنظيم السري الجديد الذي يعلن عن نفسه أحيانا في كلمات أعضاء في الجماعة من عينة "نحن أسيادكم"، لكنه يبلغ على المواقع الاجتماعية ذروة انفلاته، فالشباب لا يعدمون القدوة السيئة في الجماعة وزمن التربية على المشاق والأخلاق ولى. الآن زمن الدعة والسكون والفراغ والطاقات التي لا تجد لها متنفسا إلا في المواقع بسب كل مختلف أو منتقد ولو كان من التابعين . وغير التابعين لهم فوق السب جرعة إضافية من الاتهام بالعهر والفجر والخروج من الملة والتبعية للكفار والانقياد خلف الغرب ومعاداة الإسلام. في هذه الأجواء يستقيم أن تتوالى أيضا بذاءات الداعية إلى سوء الخلق الدكتور وجدي غنيم الذي لا تخلو جملة له من أكثر من كلمة لا تليق بمنتم إلى الإسلام، فما بالنا بمن يزعم أنه من الدعاة إلى الله؟. في أي دين يباح لمن يدعو إليه أن يتسلح بكل هذه الفظاظة وغلظة القلب التي تجعل من المختلفين في الرأي صراصير على الرئيس أن يضعهم تحت حذائه، كما نصح غنيم في شريطه المصور الذي لو ترجم لمسلمين غير عرب لخرجوا من الإسلام جماعات. ولن أعيد ما قاله عن البابا شنودة أو جمال عبد الناصر، فتخاريف الداعية الطريد معروفة وكلماته التي لا صلة لها بدين، فضلا أن يكون هذا الدين هو الإسلام، متداولة. والغريب أن تجد من يدافع عن مسلك غنيم من الشباب بل ويعلن أنه يفتديه بحياته. يكفي التيارات الإسلامية ما جرته على الدين بممارساتها السياسية وانتهازيتها، ويكفي "الكبار" فيها تلونهم، ارفعوا أيديكم عن الشباب. Comment *