قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الفوضى السياسية في مصر أفسدت الاسطورة التى ظهرت في وقت مبكر من العام الماضي بأن مصر, أكبر دولة عربية التى لديها تاريخ سياسى كبير يحظى بالاحترام ، قد تقود محاولة لارساء الديمقراطية في المنطقة بأسرها . وأضافت الصحيفة -- فى تقريرها الذى جاء بعنوان " الفوضى تتسبب فى تآكل تأثير مصر فى العالم العربى" -- انه بدلا من ذلك ، أصبحت مصر حتى الان مثالا آخر للانقسامات التي برزت من الربيع العربي . حيث نشوة الاطاحة بنظام راسخ قد فتحت الطريق امام أنعدام القانون في ليبيا ، والركود السياسي في اليمن ، وشيء يقترب من الحرب الأهلية في سوريا . لذلك تلك الصراعات فى مصر قد قللت من امكانية ان يكون النموذج المصرى له تأثيرا فى التحول السياسي في المنطقة ، فضلا عن كيف يرى جيرانها الأحداث في القاهرة بأعتبارها أحداث مفيدة وذات مغزى بالنسبة لحياتهم الخاصة بهم . وأوضحت الصحيفة الامريكية أنه لا يوجد حتى الان رد فعل بشكل رسمي من الحكام العرب على الانتخابات الرئاسية في مصر او على تحركات المجلس العسكرى الحاكم لتفكيك المؤسسات الديمقراطية التي تم وضعها . فقد انضم حكام الخليج العربي الى المملكة العربية السعودية في فترة الحداد الرسمية على ولي العهد السعودي الامير نايف آل سعود ، الذي تم اعلان وفاته يوم السبت الماضي . وهناك بلدان اخرى لا تزال تنتظر اعلان النتائج الرسمية للانتخابات . وأشارت وول ستريت جورنال الى ان اشخاص مقربين من الحكومات في المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة يقولون أن قادة هذه الدول سعداء بقرار المجلس العسكري المصري بحل البرلمان الذى يهيمن عليه جماعة الاخوان المسلمين وايضا أعطاء حق الاعتراض (الفيتو) للجيش فى الشؤون المالية والأمنية والعسكرية للحكومة . حيث حكام الخليج العربي متشككين من الصعود السياسى المتزايد لجماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء الشرق الأوسط ، ويرون الجماعة باعتبارها أخطر تهديد لأنظمتهم بعد التهديد الشيعى الذى تقوده إيران . ونقلت الصحيفة عن مسؤول اماراتي ، في اشارة الى قرار الجيش بحل البرلمان , قوله " لقد حان الوقت. أخيرا المجلس العسكري المصري أتخذ خطوة ذكية " . كما يقول محللون سياسيون في المنطقة أنه مع تراجع مصر باعتبارها نموذجا يحتذى به للديمقراطية في المنطقة ، الناشطين في مجال الديمقراطية المحبطين ينبغي عليهم أن ينظروا بدلا من ذلك الى تونس كمقياسا أكثر واقعية. ويقول ابراهيم شرقاية ، نائب مدير مركز بروكنجز الدوحة ، " أنا أقول دائما للعرب : انظروا إلى تونس " , وأضاف " فهناك ، نحن نرى حقا بداية ظهور نموذج ديمقراطية تعددية ". وتشير الصحيفة انه لم يكن فى تونس ابدا احتكاكات وخلافات بين الجيش والمجتمع المدني التى لا تزال تواجهها مصر . فالأحزاب السياسية في تونس تجنبت الاخطاء التى ارتكبتها الجهات السياسية الفاعلة في مصر . تونس تفتخر بحكومة ائتلافية تجمع بين حزب النهضة الاسلامي المعتدل مع ائتلاف من جماعات علمانية . ورئيس دولة تونس هو ناشط سابق فى مجال حقوق الإنسان . وتوضح الصحيفة انه حتى الآن الإصلاحات السياسية في تونس لم يتم مقابلتها بنفس ردة فعل الأنظمة العربية الاستبدادية التقليدية في الخليج العربى التي قوبلت به التجربة الديمقراطية فى مصر . ووفقا لمحللين سياسيين أن تأثير مصر على الثورات في المنطقة من المرجح أن يبقى ضئيلا . بدلا من ذلك ، فإن القضايا الداخلية مثل الأمن والاقتصاد المتدهور ستكون أكثر أهمية بالنسبة لتونس واليمن وليبيا في طريقهم إلى الاصلاح . تعليقا على ذلك قال السيد شرقاية أن " الاقتصاد هو ما يمكن أن يهدد نموذج الاصلاح الديمقراطي بالكامل في المنطقة " , وأضاف أن " المحتجون خرجوا جزئيا بدافع الإحباط الاقتصادي . انهم يريدون ان يروا ثمار التغيير والديمقراطية ". وتشير وول ستريت جورنال فى ختام تقريرها الى انه لا يزال من غير الواضح عما إذا كانت دول عربية اخرى يمكن أن تساعد فى اسراع ما يبدو بشكل متزايد انه تجربة سياسية متعثرة في مصر ، أو إذا كانت الشخصيات السياسية في مصر على استعداد للنظر في صيغة الشمولية السياسية التي أعتمدتها تونس . Comment *