ناقش توماس فريدمان مقاله في "نيويورك تايمز" ما وصلت إليه الثورة المصرية، وكيف تحولت ثورة "الفيسبوك" لتنتهي بالاختيار ما بين أحمد شفيق ومحمد مرسي كمرشحين للرذآسة. روى فريدمان في مقاله موقفا لأمرأة شابة مصرية سألته بعد أن انتهى من إحدى المؤتمرات عن تركيا والعالم العربي، عن الشخص الذي ينبغي أن تصوت له، فسألها لماذا لاتسأليني عن أوباما أو رومني، فأجابته أن الانتخابات الأسبوع المقبل ولا تدري هل تعطي لمرسي مرشح جماعة الإخوان أم أحمد شفيق الجنرال المتقاعد الذي كان وزيرا لرئيس مصر المخلوع حسني مبارك، ويصور نفسه كمرشح النظام والقانون العلماني؟ وتساءل فريدمان في عموده ماذا حدث ل"ثورة الفيس بوك"؟ ويرى أن الموقع يساعد الناس على التواصل ولكن ليس التعاون، فلاشك أن"الفيس بوك" ساعد فئة معينة من المصريين المثقفين على نشر كلمتهم فيما يتعلق بالثورة، وكذلك "تويتر"، ولكن السياسة كما يرى فريدمان تنزل إلى مستوى متعلق بأشياء قديمة جدا القيادة والقدرة على فعل الأشياء، أما العسكر والإخوان فيصف فريدمان تحركاتهم ب"الطوب وقذائف الهاون"، فعندما ظهر هؤلاء كانوا أكثر مهارة من جيل الفيسبوك والتقدميين العلمانيين والإسلاميين المعتدلين، فلو توحد هؤلاء سيأخذون أكثر من مرسي وشفيق في الجولة الأولى من التصويت. وأكمل الكاتب أن الفيس بوك وتويتر أدوات ثورية للاتصال والتعبير والتي تجلب العديد من الأصوات الجديدة والمقنعة، ففي أفضل حالاتها تغير طبيعة الاتصال السياسي والأخبار، ولكنها في أسوأ حالاتها، يمكن أن تصبح بديلا إدمانيا للعمل الحقيقي، كم مرة سمعت في الآونة الأخيرة: "لقد كتبت تغريدة حول هذا ؟" أو "لقد نشرت هذا على الحساب الخاص بي في الفيسبوك" ويشبه الكاتب تأثير كتابات الفيس بوك بإطلاق قذائف هاون في مجرة درب التبانة. وفي هذا السياق استشهد توماس فريدمان بما كتبه فوكوياما مؤخراعن ثوار التحرير " إنهم ينظمون الاحتجاجات والتظاهرات ويتصرفون بشجاعة وتهور في كثير من الأحيان عندما يطعنون في النظام القديم، ولكنهم لم يستطيعوا أن يصطفوا طويلا حول مرشح واحد، ثم ينخرطوا في بطء وطول نفس وتؤدة للعمل في تنظيم حزب سياسي يمكن أن ينافس في الانتخابات منطقة تلو منطقة ... الفيسبوك على مايبدو ينتج شرارة حادة وحارقة، ولكنها لا تقدر على أن تولد حرارة في مدة طويلة لتدفئة المنزل". وأشار توماس فريدمان إلى أن الشباب ينبغي أن يتعلموا من تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا، فحتى أكبر منتقديه لا يملك إلا أن يعترف أنهم حولوا تركيا خلال عقد من الزمان إلى قوة اقتصادية بمعدل نمو في المرتبة التالية للصين، عن طريق فتح طاقة شعبها مع إدارة جيدة للاقتصاد وإصلاح الرعاية الصحية الشاملة، عن طريق إزالة العقبات وخلق حوافز للأعمال التجارية والاستثمارات الأجنبية، وبناء مطارات جديدة، وخطوط سكة حديد وطرق أنفاق وجسور وشبكات الاتصالات اللاسلكية وشبكات صرف صحي في جميع أنحاء البلاد. وتحدث فريدمان عن صحفية تركية قالت أنها تمقت حزب العدالة والتنمية ولكنها كانت ترغب في فوزهم بالانتخابات البلدية، لأنها تعرف أنهم سيحسنون المنطقة. ويلتفت الكاتب إلى الجانب المظلم من تجربة أردوغان التركية فلقد عمل على القضاء على أي سلطة قضائية مستقلة في تركيا وتخويف الصحافة التركية فلم يعد هناك ضوابط أو توازنات، وأجهض محاولات تركيا لتصبح عضو في الاتحاد الأوروبي واحتياج أمريكا لها كحليف في إدارة العراق وإيران وسوريا، واستبداد حزب العدالة والتنمية آخذ في الارتفاع. ويعود فريدمان ويعطي شباب التحرير العذر لأنهم واجهوا شبكتين نافذين في البلاد، إشارة إلى الجيش والإخوان، ولم يكن لديهم وقت لبناء قاعدة شعبية كبيرة في بلد كبير مثل مصر. ويرى الكاتب موقف أردوغان غير جيد، بعد الاستمرار في "سلطنة" الدولة بلا رادع، وسوف ينتهي به الأمر – وفقا لفريدمان- أن يهيل التراب على سجله الكبير، وسيكون له تداعيات سيئة على المنطقة، فأيا كان نتيجة الانتخابات في مصر، عندما تبحث عن نموذج تتبعه ستجد أوروبا غارقة في ديونها، وأوباما يعطي تأشيرة حرة لأردوغان، وتركيا مزدهرة تحت نظام يقول "أعط شعبكم النمو ويمكنك الحد تدريجيا من المؤسسات الديمقراطية، وفرض الدين بشكل أكبر كما تريد". Comment *