قال الكاتب توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن الربيع العربي لم يتفتح سوى عن عدد قليل من القادة العرب، وشدّد على أنه لا يعني أولئك الذين يفوزون بالانتخابات فحسب، بل أولئك الذين يتمتعون بوزن وشرعية لمخاطبة الشعوب. كما تساءل أيضا عن السبب وراء قلة القادة العرب الذين يقولون الحقيقة لشعوبهم حتى بعد البركان السياسي الذي اجتاح العالم العربي. ولفت فريدمان النظر إلى أن هذه المشكلة لا تقتصر على العالم العربي، بل تمتد إلى أميركا وحتى أوروبا، ورأى أن العالم بأسره يعاني إلى حد كبير من أزمة قيادة، ولكنه شدّد على أن الأزمة تبدو أعمق في العالم العربي. ويرى فريدمان أن سبب ذلك يعود بشكل جزئي إلى أن الانتخابات الديمقراطية لم تنته بعد في بلدان مثل مصر واليمن، بينما لم تبدأ بعد في بلدان مثل ليبيا وسوريا. لكن هذه الأسباب هي أسباب تقنية، وهناك ما هو أعظم. ويعتقد فريدمان أن سبب أزمة القيادة في العالم العربي هو افتقاره إلى الطبقة الوسطى. ويرى أن المشكلة قد تتفاقم بمجيء الإسلاميين إلى السلطة، ويقول "إن الدين الإسلامي دين عظيم ومعتقد رائع، ولكنه ليس الحل". ويفسر فريدمان فكرته بالقول "إن إيران قادرة على التمسك بنمطها (الإسلامي) لامتلاكها النفط الذي تستطيع بواسطته أن تعمي الأبصار، وكذلك السعودية. أما مصر وتونس فلا يمتلكان إلا النزر اليسير من النفط، وهما بحاجة إلى قروض من البنك الدولي، وذلك يستلزم قطع الدعم ورفع الضرائب، فإذا جاء الإسلاميون إلى السلطة في هذين البلدين فسيضطرون إلى حرمان الناس من أشياء معينة، بينما في الواقع فإن رصيد الإسلاميين هو العطاء لا الأخذ، فهل سيستطيعون فعل ذلك؟". ويريد فريدمان أن يجئ قادة عرب يعترفون بأن الرأسمالية التي دخلت إلى العالم العربي في العقدين الماضيين أدخلت معها الفساد الحكومي، ولكن في نفس الوقت يجب أن يكون أولئك القادة مقتنعين -وفقا لفريدمان- بأن الحل هو ليس بترك الرأسمالية والعودة إلى ما يعرف بالاشتراكية العربية، ولكن الحل هو في تطبيق الرأسمالية بشكل أفضل في العالم العربي. يذكر أن فريدمان شديد الولع بإسرائيل التي زارها أول مرة عام 1968 وكتب كثيرا عن انبهاره بها، وظل يزورها في العطل الصيفية كل عام طوال دراسته الثانوية في أواخر ستينيات القرن الماضي ووصف فريدمان تلك الزيارات في إحدى كتاباته بأنها "كانت مهرجانا احتفاليا كبيرا بانتصار إسرائيل بحرب الأيام الستة".