حظى الحكم على مبارك وولديه جمال وعلاء ووزير داخليته السابق حبيب العادلى وستة من كبار رجال الشرطة باهتمام الصحف الأمريكية، وعلقت صحيفة واشنطن بوست على الأحكام وقالت إنه رغم الأدلة الدامغة، فالقضاة الثلاثة الذين ترأسوا المحكمة قاموا بتبرئة الرئيس السابق وولديه ورجل الأعمال القوي حسين سالم من تهم الفساد، معتمدين على "التقادم”. وتقول الصحيفة أن هذه الأحكام أثارت ردود فعل متباينة . فالمحتجون المناهضون لمبارك فرحوا في البداية خارج قاعة المحكمة المحصنة. لكن الناس داخل قاعة المحكمة هتفوا هتافات غاضبة تندد بالبراءة. وصرخ بعض الموجودين "الشعب يريد إسقاط القضاء" . وتضيف الصحيفة أن مبارك ووزير داخليته السابق حبيب العادلي من المؤكد سيطعنون على حكم الإدانة، وهو الأمر الذي يمكن أن يحدث انقلابا ضد الادعاء العام الذى فشل في تأمين وضمان إدانات لاسيما في التهم الموجهة ضد ستة من كبار رجال الشرطة . فلم يتم مساءلة أحد بالفعل عن قتل ما يقرب من 1000 متظاهر خلال ثورة الشتاء الماضي.وبدلا من ذلك، تمت إدانة مبارك والعادلي لأنهم فشلوا في وقف عمليات القتل، بدلا من الأمر بالقتل . وتعليقا على ذلك نقلت واشنطن بوست عن هبة موريف، الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش قولها إن النتائج "سلطت الضوء على الأداء السئ للنيابة العامة". وتوقعت موريف أن تشعل أحكام البراءة الغضب خصوصا لأن مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي، وهى الشرطة المسؤولة عن مكافحة الشغب، سيئة السمعة فى البلاد قد أخذ براءة. وقالت موريف :"أنا لا أعتقد أن هذا سيرضي الناس" ، وأضافت "إنه انعكاس لحقيقة أن هذه كانت قضية سيئة للغاية فيما يتعلق بالتحقيقات. فالقضية لم يكن ينبغى لها أبدا أن تذهب إلى المحكمة إذا لم يكن لديهم ما يكفي من الأدلة ". بينما اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الحكم ضد الرئيس السابق حسني مبارك بالسجن المؤبد عن تهمة قتل المتظاهرين العزل خلال الاحتجاجات التي أنهت حكمه هو أول حكم ضد حاكم عربي يمثل أمام القانون بعد ثورة شعبية. وقالت الصحيفة إنه بالنسبة لكثير من المصريين قد يكون هذا أعظم إنجاز حتى الآن للثورة التي انهت فترة حكمه. وعلى الرغم من أنه تم انتقاد هذه المحاكمة على نطاق واسع لأنها لم تشمل مخزون 30 عاما من العنف السياسي والفساد في ظل الرئيس مبارك ، فالحكم -- مع ذلك -- هو أهم خطوة لمصر نحو تأسيس مبدأ أنه لا يوجد أي زعيم فوق القانون . لكن عما إذا كان هذا الحكم في قضية مبارك سيساعد فى تقدم أو سيعرقل خطوات مصر نحو حكم سيادة القانون , فهذا سيعتمد في جزء منه على الطعون والمحاكمات الاخرى القادمة . فالمدافعون عن حقوق الانسان وبعض السياسيين، بما في ذلك المرشح للرئاسة عن جماعة الاخوان المسلمين محمد مرسى، يتحدثون بالفعل عن محاكمات إضافية للسيد مبارك أو لجنة تقصى حقائق خاصة لدراسة مزيد من الانتهاكات التى حدثت في ظل حكمه لمدة 30 عاما. وتسلط الصحيفة الضوء على تأثير هذا الحكم على المشهد السياسى خاصة فيما يتعلق بانتخابات جولة الاعادة الرئاسية حيث أوضحت أن المعركة السياسية على مدى نزاهة الحكم قد بدأت بالفعل . فالحكم يأتى فى الوقت الذى يتنافس فيه السيد أحمد شفيق , الذي شغل منصب اخر رئيس وزراء مبارك , ضد مرشح الاخوان المسلمين في جولة الاعادة فى أول انتخابات رئاسية تنافسية . ويأمل معارضو السيد شفيق فى أن رد الفعل على الحكم سوف يحشد الرأي العام ضده حيث يقولون انه اذا انتخب رئيسا , سيعفو عن رئيسه السابق . لذلك – ترى نيويورك تايمز – أنه إذا أثار الحكم موجة جديدة من الاحتجاجات، فيمكن أن يزيد ذلك من التقبل والترحيب بوعد شفيق الأساسي باستعادة القانون والنظام . وأشارت الصحيفة أيضا الى أن هذا الحكم ايضا يمكن أن يثير توترات مع جيران مصر المحافظين . فالمملكة العربية السعودية ، النظام الملكي الذى يخشى من الدعوات من أجل الديمقراطية ، قد دفعت بشدة في القاهرةوواشنطن لتجنب الإذلال العلني للحاكم الذي كان ذات يوم ركيزة للنظام القديم . وتحتجز مليارات الدولارات من المساعدات الموعود بها لمصر التى في حاجة ماسة لمثل هذه الاموال . وتعتبر نيويورك تايمز أن مصداقية محاكمة الرئيس مبارك طالتها شبهات منذ البداية .فهى حدثت في ظل الحكم العسكري من قبل مجلس الجنرالات الذين تولوا السلطة بعد الإطاحة به. وعملت المحكمة بموجب خليط من القوانين القديمة والاعلان الدستورى للجيش بدلا من دستور دائم. كما أن الجنرالات والقضاة والنائب العام جميعهم تم تعيينهم من قبل مبارك . درجة الاستقلال القضائي لم تكن ابدا واضحة. الجميع تصرفوا تحت وطأة الضغوط السياسية غير العادية التي أطلقتها الثورة، وعدم وجود الشفافية أثار نظريات المؤامرة حول ما يجرى من تدابير من وراء الكواليس من الجنرالات والقضاة. ولاحظت الصحيفة الامريكية ردود فعل متضاربة خارج أكاديمية الشرطة، التى تم استخدامها كمكان لعقد المحاكمة ،بعد سماع الحكم، حيث انفجرت حشود فرحا من الحكم, وحشود تصرخ وتبكى. قال رضا محمد مبروك , 60 عاما متقاعد , " أنا سعيد جدا ، هذه هى أعظم سعادة شعرت بها من أي وقت مضى , فالشهداء هم أولادنا جميعا " . وقال آخرون انهم كانوا في حالة من الذهول من أن مبارك وزير داخليته فقط هم الذين تم أدانتهم . قال مصطفى فتحي (28 عاما) , أحد المتظاهرين من حي إمبابة الفقير الذي جاء ينتظر الحكم خارج قاعة المحكمة , " أنهم كلهم أبرياء من الفساد ، والحقيقة أنهم جميعا فاسدين من أولهم لاخرهم " , وأضاف " لأكون صادقا هذا هو عكس الحكم تماما الذى كلنا كنا نتوقعه ". ولوح بعض المتظاهرين بالمشانق كرمزا للعقوبة التى يسعون لها . قال حمد عصام (37عاما)، عامل: "أردنا أن يتم إعدامهم، وليس تركهم على قيد الحياه أو برائتهم"، وأضاف"هذا الحكم ليس صحيحا والحكم النهائي لله". فى حين أشارت وكالة انباء اسوشيتد برس إلى رد فعل محامو أسر الشهداء والمصابين وقالت أن المحامون الذين يمثلون أسر المتظاهرين الذين قتلوا اعربوا عن استيائهم من الحكم بعد أن وصف القاضي القضية ضد الرئيس مبارك بأنها ضعيفة، وتفتقر إلى الأدلة المادية أو التسجيلات . كما انهم يخشون من أن يتم استغلال براءة ستة من كبار مسؤولى وزارة الداخلية في الاستئناف لنقض الحكم . ونقلت الوكالة الامريكية عن هشام نجيب ، وهو محامى يمثل أسر من 23 من المتظاهرين القتلى و 36 من المصابين , أن " هذا الحكم هو مسيس ، وسيتم الانقلاب عليه في الاستئناف " نيويورك تايمز بعد الحكم في قضية المخلوع: الجنرالات والقضاة والنائب العام جميعهم تم تعيينهم من قبل مبارك