الإعلان مستفز بالنسبة لي حتى لو كنت تراه نبيل الغاية . بمناسبة عيد الأم عاد بوق التبرعات يصرخ من جديد لجمع أموال أكثر لمستشفي سرطان الأطفال 57357 ، الإعلان الإذاعي موجة للأطفال الصغار، لا تنفق أموالك القليلة على هدية ست الحبايب، استبدل بنقودك صك تبرع أيا كانت قيمته من مستشفي سرطان الأطفال الشهير . الهدف الظاهر طبعا هو اعتياد الأطفال على التبرع، أنهم يربون منذ الآن جيلا سيقبل عندما يكبر على التبرع لأي مشروع خيري دون أن يسأل عن المسئول الحقيقي المكلف من الشعب بالإنفاق عليه . هكذا تسبب حسني مبارك ونظامه في إصابة عشرات الآلاف من الأطفال بالسرطان، ثم يتبرع الشعب المصاب بأمراض الدنيا من أجل إقامة مستشفي تضع إدارتها سوزان مبارك على رأسها وعلى يمينها فتحي سرور. معادلة لا تحدث إلا في مصر : نصيبكم بالأمراض فتتبرعون من أجل علاج أنفسكم فننصب أنفسنا رعاة للمستشفي التي تعالجون فيها بأموالكم من الأمراض التي سببناها لكم بفسادنا . وإذا كان ابداع إدارة هذه المستشفي التي لا تقبل إلا الأطفال حديثي الإصابة بالمرض قد وصل إلى حد استغلال عيد الأم من أجل جميع الأموال فنحن بحاجة لأجابات على الأسئلة التالية، أكرر مقدما إجابات وليس دعوة لجولة تفقدية للمستشفي التي زارها مشاهير الشرق والغرب وكلهم دعوا الناس للتبرع أولا: إذا تغاضينا عن فكرة أن الحملات الدعائية حتى لو كلفت المستشفي جزءا من التبرعات هي ضرورية من أجل جمع المزيد من الأموال، فهل يعني هذا أن هناك إدارة تتفنن في ابتكار وسائل لتحميس المتبرعين حتى في عيد الأم، وهل نتوقع حملة تقول للناس لا تشتروا البيض في شم النسيم وتبرعوا بثمنه للمستشفي، أو اهدي لحبيبتك في الفالنتين صك تبرع أحمر اللون بنفس لون الدبدوب الذي كنت ستشتريه، وهل لدى المستشفي الشجاعة كي تطالب الأزاوج بالتبرع بدلاً من شراء هدايا عيد الزواج، أم أن الأم هي “الحيطة المايلة”؟ . ثانيا : أليس المفروض أن التبرع يكون من أموال الزكاة أو الصدقات، منذ متي استحللتم أموال الهدايا التي “يحوشها” الأطفال الصغار في حصالاتهم طوال السنة من أجل شراء “ازازة ريحة ” أو “شنطة يد” لست الحبايب ؟ ثالثا : بالغت في نقد إعلان عيد الأم، ندخل في المهم، متي تعلن المستشفي عن قيمة التبرعات التي تدخل لها سنويا، ولا تردوا بأن الإعلان عن القيمة قد يؤدي لتراجع المتبرعين لاحقا، لأنكم ستقولون لنا كم صرفتم من التبرعات على المنشأت والإجهزة وكم تحتاجون للاستمرار . رابعا : هل سنتبرع للمستشفي مدى الحياة، ما هو النظام الاقتصادي المتبع حتى تنفق المستشفي على نفسها لاحقا، نعلم أن الأطفال الفقراء يعالجوا مجانا لكن أبناء الأغنياء والقادمين من الدول العربية يدفعون، فمتى تنفق المستشفي على نفسها حتى نوجه التبرعات لمشروع أخر؟ خامساً : ما حقيقة المرتبات المبالغ فيها للأطباء والممرضات، من قال أن كون المشروع يحقق دخل ضخم يعني أنني كطبيب لا أضع في اعتباري أن هذا عمل خيري بالأساس؟ سادساً : ما هي خطة المستشفي بالتحديد بخصوص إقامة فروع عدة في المحافظات حيث لم نسمع إلا عن فرع طنطا والذي يتم تجميع التبرعات له وكأننا نبدأ مشوار المستشفي الأم من أول خطوة ؟ سابعا : ما هو دور المستشفي في التحذير من مصادر إصابة الأطفال بالسرطان في مصر، وما ذنب الأطفال الذين يصلون في مرحلة متأخرة ولا يتم قبولهم حتى لا تزيد نسبة حالات الوفيات في المستشفي ؟ أخيراً : كل ما سبق لا يعني أبدا التقليل من الدور الذي لعبته المستشفي في مجالها وانقاذها لحياة المئات من الأطفال وندعم استمرارها والتبرع لها وكلنا نشعر بآباء وأمهات انقذهم هذا الصرح الكبير من فقدان الإبن والإبنة، لكن متى نفعل الخير في هذه البلد دون أن تكون لنا مآرب أخري؟ . للتواصل مع الكاتب عبر تويتر twitter.com/#!/MhmdAbdelRahman