من المتوقع أن يكون اللقاء المرتقب اليوم بين باراك أوباما الرئيس الأمريكي وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، مختلفا عن سابقيه، حسبما ذكرت الصحف الإسرائيلية منذ مطلع الأسبوع الماضي. فإيران هي العنوان الرئيسي هذا العام، حيث تنسحب القضية الفلسطينية للمرتبة الثانية، وربما الثالثة بعد الملف الإيراني، والعلاقات بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل. وشهدت العلاقات بين واشنطن وتل أبيب تباينا في الآراء والمواقف سواء يما يتعلق بالدعم المادي الأمريكي الذي انخفض منذ الأزمة المالية العالمية أو الموقف من الربيع العربي، خصوصا مع صعود نتنياهو وأوباما إلى سدة الحكم في الدولتين، حيث لم تتمتع علاقة الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بالحميمة المعهودة وتوحد الرؤية بالنسبة لقضايا الشرق الأوسط. ويأتي اللقاء في إطار الملتقى السنوي الذي تنظمه لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC)، أحد أقوى جماعات الضغط السياسي في الولاياتالمتحدة والتي أسست في مطلع الخمسينيات بهدف ضمان وتحقيق الدعم الأمريكي لإسرائيل. ويعون نتنياهو إلى واشنطن، بعد أخر زيارة له في2009، من موقع القوة حيث يركز السياسيون ووسائل الإعلام في الولاياتالمتحدة، بشكل حصري تقريبا، على إيران، في حين يخوض أوباما معركة إعادة انتخابه ويحتاج إلى دعم إيباك له. ومن جانب آخر، قد تشكل العلاقة الفاترة بين شخصي أوباما ونتنياهو عائقا أمام تحقيق هدف نتنياهو الذي يسعى إليه منذ2009، وهو الحصول على دعم الإدارة الأمريكية للمشاركة في مواجهة إيران. ولا يعني ذلك بالضرورة أن موقف الإدارة الأمريكية مختلف عن الموقف الإسرائيلي، بل هناك فقط تباين في كيفية معالجة الملف النووي الإيراني، فخطاب أوباما أمس أشار إلى أن “التهديد النووي الإيراني لا يشكل فقط تهديدا للأمن الإسرائيلي بل يهدد وبنفس الدرجة الأمن الأمريكي ومصالح الولاياتالمتحدة”. وقال أوباما أمس “إنه يفهم ويدرك أن أي حكومة إسرائيلية مهما كانت لن تسلم بوجود أسلحة نووية إيرانية وأن من حقها حماية مواطنيها” وهي التصريحات التي قال مراقبون إنها تغازل بوضوح اللوبي الصهيوني في أمريكا حيث التعامل العسكري مع الملف النووي هو الحل الناجح، والذي يتم ترويجه في الداخل الأمريكي، سواء على مستوى الدوائر السياسية أو على المستوى الجماهيري فوفقا لمسح أجراه مركز “بيو” للأبحاث أن 58% من المجتمع الأمريكي يؤيد التدخل العسكري الأمريكي المباشر لمواجهة التهديدات الإيرانية، في حين أن الإدارة الأمريكية ترى أن فرض مزيد من العقوبات على إيران قد يكون الأنسب في هذه المرحلة وأن يكون الخيار العسكري هو الحل الأخير، وأيضا ًليس بإرسال قوات أمريكية لخوض معركة لحساب إسرائيل. وذكر المحلل الإسرائيلي ألوف بن، المعني بالشأن الإيراني، أن كل من أوباما ونتنياهو يقامران في لعبة بوكر سياسية في حال القيام بضربة عسكرية على إيران فأن كلا الطرفين سيحاول تمرير وتحميل اللعبة للأخر، فمن ناحية نتنياهو يحبذ أن تسخر الولاياتالمتحدة قدراتها السياسية والعسكرية لسحق المشروع النووي الإيراني، ومن ناحية أوباما فأنه يرى أن لو كان الاختيار الأخير لمواجه شبح “إيران نووية” هو توجيه ضربة عسكرية، فيفضل أن تقوم بها إسرائيل وتدعمها أمريكا بوصفها القوى العظمى من ناحية توفير غطاء سياسي وإعلامي ودعم استخباراتي وعسكري. ويظل التباين الأمريكي– الإسرائيلي حول التعامل مع الملف النووي الإيراني هو المسيطر على اجتماعات إيباك، بينما لا يوجد خلاف جوهري على أن إيران نووية تعني تهديد وجودي لإسرائيل، وضربة كبيرة لمصالح ونفوذ الولاياتالمتحدة في المنطقة، يث قال أوباما في تصريحات صحفية سابقة أنه “لا مواربة ولا تحايل في الملف الإيراني، واحتواء المشروع النووي الإيراني غير وارد”، بينما قال أمس في خطابه أمام إيباك ” لا يمكننا التسليم بوجود أسلحة نووية في يد دولة تنكر المحرقة النازية وتهدد في كل مناسبة بمحو إسرائيل عن الخارطة وعلى زعماء إيران أن يدركوا بأن سياستي لا تقوم على احتواء إيران بل منعها من امتلاك سلاح نووي.