بدأت العيوب والمشكلات الفنية والاقتصادية لعدادات الكهرباء الذكية والكودية المدفوعة مقدمًا –نظام كارت الشحن- تظهر لدى العديد من المشتركين، وبدأت الشكاوي تزداد بعد مضي فترة وجيزة على التجربة، برغم المزايا التي لمسها المواطنون في بداية إلغاء العداد الميكانيكي واستبداله العداد الذكي مكانه، ما أوجد حالة من التخوف وعدم الثقة لدى غير المشتركين، ورفضهم محاولات شركة الكهرباء استبدال العدادات الميكانيكية حوزتهم. اتخذت وزارة الكهرباء أسلوبًا تدريجيًّا في خطتها، ففي البداية أعلنت عن تركيب العدادات الكودية في المناطق العشوائية والمخالفة وأملاك الدولة، بعدها أعلنت عن تعميم الفكرة من خلال تغيير منظومة العدادات التقليدية، وإدخال 30 مليون عداد ذكي على مستوى الجمهورية، بواقع 4 ملايين عداد سنويًّا، بهدف وضع استراتيجية شاملة للترشيد، تقوم بتهذيب وإصلاح سلوك المواطن في عملية استهلاك الكهرباء؛ لمواجهة عملية البذل في استهلاك التيار، وهو ما يترتب عليه زيادة الأحمال، وبالتالي انقطاع الكهرباء. مزايا للحكومة والمواطن في تصريح ل"البديل" قال رئيس كهرباء مصر الوسطى المهندس محمد رحيم إن تحويل العدادات التقليدية إلى ذكية سيوفر على الدولة 1.3 مليار جنيه تكلفة عملية القراءات والتحصيل وطباعة الفواتير وتحصيلها، فالعداد الذكي مرتبط بالشبكة الرئيسية للوزارة، وبالتالي لا حاجة لقارئ أو محصل، إضافة إلى اكتشاف سرقات التيار، وتفادي انقطاع التيار على المنشآت الحيوية، خاصة في ساعات الذروة. وأضاف أن تعميم العداد الذكي بداية جادة لتوفير الكهرباء وترشيد استخدامها، ومساعدة المواطن على التحكم في استهلاكه، وتفادي مشكلة القراءات الخاطئة، وتحقيق المحاسبة العادلة للاستهلاك، ومنع سرقة التيار الكهربي خاصة بالمناطق العشوائية والمخالفة. مزايا أخرى يمنحها العداد الذكي للمشتركين تتمثل في كونه مزودًا بخاصية تُمكِّن المشتركين من الحصول على معلومات الاستهلاك، مع تسهيل وتيسير طرق السداد، وإمكانية الشحن عن بُعد، مع إضافة الرصيد الجديد للرصيد المتبقي، وإنذار المشترك بقرب انتهاء الرصيد. عيوب وشكاوي بعد الانتهاء من تركيب قرابة 6 مليون عداد ذكي وكودي حسبما أعلنه المتحدث باسم وزارة الكهرباء أيمن حمزة، اشتكى العديد من المشتركين من تكلفة شحن العداد مقارنة بالعداد التقليدي، وأبدى البعض تخوفهم من ارتفاع شرائح استهلاك الكهرباء تدريجيًّا بعد العمل بنظام العداد الذكي. فصل التيار تلقائيًّا فالعداد الذكي يفصل تلقائيًّا في حالة زيادة الأحمال عن الحد المسموح به، حيث يقوم بفصل الكهرباء مرتين فقط، بعدها يجب على المستهلك إعادة تشغيل العداد من خلال شركة الكهرباء، وفي حالة التلاعب في العداد من أي شخص غريب لا يكون على دراية بكيفية استخدامه، فإن العداد يقوم بفصل التيار الكهربائي نهائيًّا، كما أن عمر بطارية العداد الكودي حوالي 10 سنوات فقط، ولم تحدد الشركة مصير العداد بعد انتهاء عمر البطارية. التكلفة زادت مشكلة أخرى تظهر مع زيادة الاستخدام، حيث ينتقل احتساب الكهرباء من الشريحة الأولى إلى الثانية مرورًا بالثالثة ووصولًا إلى الرابعة، ويستمر احتساب الكهرباء عند الشريحة الأعلى التي وصل إليها المشترك لمدة أسبوع، وتعود عقب تخفيف الأحمال في اليوم الثامن، وحال عدم تخفيف الأحمال فإن المشكلة تستمر لمدة أسبوع آخر. وداخل العقارات السكنية بالمدن والأحياء، أدى استبدال العداد الذكي إلى توقف المصاعد وإضاءة السلالم ومداخل العقارات، ليس فقط لأن الشحن ينفذ سريعًا، فهناك مشكلات تتعلق بتأخر الملاك أو رؤساء اتحادات الملاك عن شحن العداد، وكثيرًا ما تنشب خلافات في جمع المستحقات من السكان، ويبقى الوضع لفترات ليست قليلة، ما يعرض الأطفال والحوامل للخطر. خليل عبد المحسن، أحد مسنخدمي العداد الذكي، يقول إن الحكومة تحولت إلى مرحلة فرض الإتاوات والجباية من خلال تطبيق العداد الذكي، فحاليًّا لا تكفي 200 جنيه شهريًّا لشحن الكارت، في حين لم تصل قيمة فاتورة العداد القديم لأكثر من 60 جنيهًا، حيث إني غير متزوج، وأسكن بمفردي، ولا يتجاوز استخدامي اللمبات والثلاجة والتلفاز. والزراعات تتضرر مواتير رفع المياه داخل الزراعات والأراضي الصحراوية، والتي باتت تعتمد على الكروت الذكية في التشغيل، تعاني أيضًا، فتكلفة تشغيل الموتور في الساعة الواحدة تصل إلى 7 جنيهات، في حين يحتاج ري الفدان 5 ساعات أسبوعيًّا، بتكلفة 35 جنيهًا، كما أن عدم توافر منافذ شحن الكهرباء في الأراضي الصحراوية يوقف المزارعين عن العمل. تحجيم الاستهلاك خبير تكنولوجيا الاتصالات الدكتور عبد الرحمن الصاوي قال ل"البديل": من عيوب تجربة العدادات الذكية تحجيم استهلاك المشترك، حيث إنه إذا زادت عملية الاستهلاك عن الحد المقرر والمقدر ب8 أمبير، يتم فصل التيار الكهربي عنه تلقائيًّا، ولا يعود التيار إلا من خلال شركة الكهرباء، بعد سلسلة من الإجراءات الروتينية، وهي سياسة تتبعها الوزارة بهدف ترشيد الاستهلاك. التقليدي مستند رسمي الفواتير القديمة للعداد التقليدي كانت بمثابة مستند رسمي، يعتد به في النزاعات المدنية على الملكية، وعند استخراج الأوراق الرسمية، وتوصيل المياه والغاز والتليفون الأرضي، وكذلك عند بيع الوحدات السكنية والأراضي، أما فواتير العداد الذكي والكودي لا يعتد بها، وهي مشكلات خارج حسابات شركات الكهرباء. وفي هذا السياق قال نائب رئيس شركة شمال القاهرة للكهرباء المحاسب مسعد بشير إن فاتورة العداد الإلكتروني التي يتم شحنها من منافذ شركات غير معتمدة لكي يتم اعتمادها كفاتورة قانونية لتغيير محل الإقامة أو التعامل مع البنوك، يجب على المشترك التوجه للشركة التابعة له أو أي إدارة لشحن العداد من الإدارة، والحصول على توقيع مسئول القطاع أو الإدارة على الفاتورة؛ لتصبح مستندًا قانونيًّا يُقدم لأي جهة رسمية. عيوب تصنيعية وكشف مسئول بالكهرباء عن وجود أخطاء وعيوب في تصنيع العداد الذكي تتمثل في تعطل لمبة بيان التحذير، التي تضيء عادة قرب انتهاء رصيد الشحن، ما يجعل الاستهلاك مستمرًّا دون احتساب القيمة، الأمر الذي يلحق بالدولة خسائر جمة، وأضاف أنه تم اكتشاف العطل الفني عقب تلقي بلاغات من مشتركين تفيد بعدم شحنهم للعدادات خاصتهم لعدة أشهر، وبالفحص تبين أن تعطل لمبة التحذير جعل التيار الكهربائي يتدفق دون انقطاع، وعند التواصل مع المشترك وتوضيح الأمر ومطالبته بسداد قيمة ما تم استهلاكه من تيار كهربائي خلال هذه الفترة، يمتنع بحجة عدم علمه بعيوب العداد. من جهته قال المتحدث الرسمي لوزارة الكهرباء أيمن حمزة إن وجود مشكلات أمر طبيعي، فالنظام حديث، وسيتم معالجة جميع المشكلات، غير أنه لم يرد للوزارة أي شكاوي تتعلق بارتفاع شرائح الاستهلاك. ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور جودة عبد الخالق أن تطبيق العداد الإلكتروني فكرة جيدة، لكن لن يحل أزمة بدون توافر الكفاءة والشفافية في تقديم الخدمة, نظرًا لأن وزارة الكهرباء ستتحكم في الأمر، وطالب بضرورة تطبيق جميع وسائل الترشيد لحل أزمة الكهرباء.