كوارث العبور الخطر على مزلقانات الموت بمصر خلفت وراءها تاريخًا من الحوادث المتكررة والمتشابهة، حيث أودت بحياة الآلاف، رغم إنفاق الملايين على تطوير المزلقانات، غير أن عمليات التطوير جاءت إما منقوصة، أو تفتقد للأولوية والجدية والرؤية الإدارية الواعية. خرج وزير النقل هشام عرفات بتصريحات صحفية، في أكتوبر 2017، واصفًا خلالها المزلقانات بأنها "مزلقانات موت"، وقال إن هناك 1322 مزلقانًا، وهو رقم خطير، تقف التكلفة الضخمة حائلًا أمام تحويلها إلى كباري وتطوير بعضها، فالسكك الحديدية تمتد بطول 5 آلاف و200 كم، ويتكلف تطوير الكيلو الواحد منها قرابة 22 مليون جنيه. وبحسب تقرير رسمى صدر في سبتمبر 2017 عن وزارة النقل يوجد 1332 مزلقانًا مطلوبًا تطويرها، وتم التعاقد على تنفيذ مراحل مع أكثر من شركة لتطوير 1102 مزلقان للعمل إلكترونيًّا، ومخطط الانتهاء منها بالكامل نهاية 2018، بينما تم الاكتفاء برفع كفاءة 230 مزلقانًا؛ لضعف حركة المرور للمارة والسيارات عليها، مع استمرار عملها ميكانيكيًّا. معدلات التنفيذ منذ بدء العمل بالمشروع عام 2008 لا تتناسب مع المعدلات المطلوب تنفيذها لإتمام المشروع نهاية 2018، إذ وصل متوسط معدلات التطوير وتحويل المزلقانات للعمل إلكترونيًّا إلى 18 مزلقانًا سنويًّا، فخلال 9 سنوات في الفترة من 2008 حتى 2016 تم تطوير 174 مزلقانًا لتدخل الخدمة، بجانب تنفيذ الأعمال المدنية ل 470 مزلقانًا لا تزال فى انتظار تنفيذ أعمال نظم التحكم الإلكتروني لها؛ لتحويلها للعمل إلكترونيًّا. رئيس اللجنة النقابية للسكك الحديدية في المنيا سيد ماضي قال ل"البديل" إن عوامل السلامة غير متوفرة على المزلقانات، فهناك إهمال يتمثل في عدم التطوير, وعدم توفير العمالة الكافية, فجميع المزلقانات بها عامل واحد، ويتوجب وجود عاملين اثنين على الخطين، بالإضافة إلى عدم وجود بوابات إلكترونية، كما أن المزلقانات العشوائية تمثل كارثة كبرى. الحبشي نموذجًا وضرب رئيس النقابة المثل بمزلقان الحبشي بمدينة المنيا، موضحًا أن المزلقان لم يتم تطويره إلا منذ عامين، بعدما شهد عشرات الحوادث، نتيجة اعتماد سلسلة حديدية رفيعة في غلق وفتح المزلقان أثناء مرور القطارات، وكان من المزمع إلغاؤه بعد إنشاء الكوبري، إلا أنه لم يحدث، وقال ماضي إن حادثة قطع إحدى سيارات الأجرة السلسلة الحديدية للمزلقان واصطدامها بقطار منذ 4 أعوام كانت درسًا لكل مسؤول. مزلقانات عشوائية وأوضح ماضي أن هناك مئات المزلقانات العشوائية التي صنعها الأهالي، وتمتد بطول القضبان، تتركز معظمها في الزراعات والأرياف، وتتسبب في كوارث واسعة، منها انقلاب عربات القطارات نتيجة ردم القضبان والأرضية بسبب صنع مزلقان ما من قبل الأهالي. سلوكيات المرور الخاطئ للمواطنين وسائقي السيارات والدراجات وعربات الكارو وعدم مبالاتهم بالأجراس التحذيرية وإشارات غلق المزلقان مشكلة أخرى تتسبب في حوادث القطارات وإعاقة الحركة المرورية على المزلقانات بعد فتحها، وقال أسامه نصيف عامل بأحد المزلقانات إن المارة والسيارة كثيرًا ما يتسببون في تأخر غلق المزلقان؛ نتيجة تسابقهم على المرور قبل غلقه، وأحيانًا يتم غلق المزلقانات خاصة الإليكترونية، ونفاجأ بتوقف إحدى السيارات أو الدراجات على القضبان؛ لتواجه مصيرها المحتوم. الوزارة تسحب أعمال التطوير وخرجت تصريحات أخرى لوزير النقل الأسبوع قبل الماضي، تفيد سحب أعمال تطوير المزلقانات من الشركات المتأخرة عن معدلات التنفيذ وفقًا للجدول الزمني المتفق عليه، بعدما تم الانتهاء من الأعمال المدنية ل543 مزلقانًا، والانتهاء من أعمال نظم التحكم والتشغيل ل271 مزلقانًا. استلفنا 118 مليون دولار لتطوير مزلقان وفجر عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان النائب محمد بدراوي مفاجأة، خلال تعليقه على اقتراض الدولة مليارات الدولارات من الخارج، قائلاً "الحكومة علشان تطور إشارات مزلقانات خط سكة حديد واحد فى الصعيد استلفت من كوريا الجنوبية 118 مليون دولار"، موضحًا أن الحكومة يحكمها البعد الاقتصادى فقط، ولا تراعي البعد الاجتماعي للمواطنين، كما أن هناك تخبطًا في القرارات، وكأن مؤسسات الدولة تعمل في جزر منعزلة. مفتش الحركة بالتفتيش المركزي برئاسة هيئة السكك الحديدية شعبان حسين محمد قال ل«البديل» إن المزلقانات إحدى ركائز المنظومة، ولا بد من تطويرها وفق أولويات محددة، أهمها البدء في اعتماد البوابات الإلكترونية على كل مزلقان، واستحداث نظم الإشارة بعد تدريب مراقبي الأبراج وعاملي المزلقان على استخدامها.