بين حاضر وغائب وغير معني بالأحداث، انعقدت أمس في القاهرة، جلسة طارئة لجامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، بطلب من السعودية؛ ركزت في معظمها على كيفية مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة وخاصة في لبنان، وتحميل طهران مسؤولية الحروب التي تواجهها المنطقة العربية، ليخرج الاجتماع بتوصيات وبيان مُكرّر لا جديد فيه، أعاد تسجيل المزيد من المواقف ضد إيران، ليشعل المزيد من الفوضى والانقسام السياسي ليس في لبنان فقط، بل بين جميع الدول العربية، وهو ما ظهر في تصويت الدول الحاضرة على القرارات، ناهيك عن غياب وزراء خارجية سورياوالعراقولبنان وقطر وسلطنة عمان والجزائر. البيان الختامي للجامعة ورد في البيان الختامي لاجتماع الجامعة "تأكيدها على حق السعودية في الدفاع الشرعي عن أراضيها ضد الانتهاكات الإيرانية في إطار الشرعية الدولية"، واستنكرت الجامعة في بيانها "التدخلات الإيرانية في البحرين، وتدريب الإرهابيين وتهريب الأسلحة وإثارة النعرات الطائفية، وزعزعة الأمن والاستقرار من قبل حزب الله وإيران في السعودية والبحرين"، وحملت حزب الله، الشريك في الحكومة اللبنانية مسؤولية "دعم الإرهاب والجماعات الإرهابية في الدول العربية، والتأكيد على ضرورة توقفه عن نشر الطائفية والتطرف وعدم تقديم أي دعم للإرهابيين في محيط إقليمه"، وأشارت إلى أن "الحكومة الإيرانية مطالبة بالكف عن التصريحات العدائية والأعمال الاستفزازية ضد العالم العربي". ولفتت الجامعة إلى أنه "سيتم حظر القوات التليفزيونية الممولة من إيران، وسيتم الطلب من الأمين العام لجامعة الدول العربية متابعة هذا الأمر"، وأكدت أنه "سيتم مخاطبة رئيس مجلس الأمن عبر المجموعة العربية لتوضيح الخروقات الإيرانية فيما يتعلق بتطوير الصواريخ الباليستية". إحباط الآمال السعودية لم يكن مفاجئًا خروج البيان الختامي متضمنًا إدانة لحزب الله في جامعة الدول العربية، لكن المفارقة اليوم أن البيان تضمن أيضًا إدانة للحكومة اللبنانية نفسها، الأمر الذي يؤكد أن السعودية لا تريد فقط مواجهه تدخلات إيران في المنطقة، حسب مزاعمها، لكنها تسعى إلى تحويل لبنان إلى ساحة حرب جديدة لتنضم إلى اليمن وقطر وسورياوالعراق، حيث أكد المندوب اللبناني لدى جامعة الدول العربية، السفير أنطوان عزام، أن "لبنان نجح في تخطي معضلة كبيرة خلال اجتماع جامعة الدول العربية، حيث كان هناك ضغط سعودي بحريني إماراتي لإدانة الحكومة، وتابع أن "جدول الأعمال كان يتضمن بنودًا تدين الحكومة اللبنانية، لكن وبفضل الجهود الدبلوماسية الكبيرة التي بذلها لبنان مع وزراء الخارجية العرب، استطعنا أن نلطف القرار وأتى مشروع القرار كما كان سابقًا يدرج على جدول أعمال الدورات السابقة منذ الدورة 146 لغاية الدورة 148". وفي السياق، أكدت مصادر لبنانية، أن وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، قاد جهودا حثيثة للتخفيف من حدة البيان؛ حيث أجرى أجري اتصالات مع 10 وزراء خارجية، بينهم وزراء من الخليج وشمال إفريقيا، بهدف التخفيف من حدة البيان وتحييد لبنان عن موضوع التدخلات الإيرانية في الدول العربية، وأكدت المصادر أن وزير الخارجية، سامح شكري، بذل جهودًا كبيرة في هذا الإطار. ورغم الخطاب الحاد لوزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، الذي وجه فيه اتهامات لاذعة لإيران وتدخلاتها في المنطقة، يبدو أن المملكة لم تخرج من هذا الاجتماع بما يرضيها ويحقق أهدافها، حيث حملت المملكة في جعبتها الكثير من الخطوات تجاه التصعيد مع إيرانولبنان، وعلى رأسها تعليق عضوية لبنان في جامعة الدول العربية إلى حين إخراج حزب الله من الحكومة، أو على الأقل إدانة الحكومة اللبنانية بسبب أعمال حزب الله الإرهابية، حسبما ترى، لكن المخطط لم يتم تنفيذه بالشكل المُرضي للمملكة، نظرًا للجهود العربية الحثيثة لمصر ولبنان من أجل التصدي لهذا التصعيد، إضافة إلى مواقف الدول المعترضة على تصرفات السعودية وأبرزها العراق وسلطنة عمان. اعتراض لبناني عراقي فلسطيني استبقت الجمهورية اللبنانية انعقاد القمة الطارئة بالتأكيد على عدم حضور وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، لتفادي أي مواجهة متوقعة خلال الاجتماع مع السعودية وحلفائها بشأن الدور الإقليمي لحزب الله، فيما ترأس مندوب لبنان الدائم لدى الجامعة العربية، أنطوان عزام، وفد بلاده في الاجتماع، واعترض على الفقرات 4 و6 و9 من القرار الذي أتى على ذكر حزب الله ووصفه بالإرهابي، حيث أكد أن بلاده ترفض بيان وزراء الخارجية العرب الذي نعت حزب الله ب"الإرهابي"، مضيفا أن الحزب مكون أساسي من مكونات المجتمع والشعب اللبناني. لم تكن لبنان الوحيدة المعترضة على قرارات الجامعة، بل شاركتها العراقوفلسطين؛ حيث أكد مصدر في الخارجية العراقية أن العراق يتحفظ على الفقرتين الخاصتين بحزب الله في البيان الختامي، فيما استنكرت كتلة بدر النيابية في البرلمان العراقي بشدة نتائج مؤتمر القاهرة. كما اعترض عدد من الفصائل الفلسطينية على بيان الجامعة العربية، حيث أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، رفضها لبيان وزراء الخارجية العرب، وتوصيفهم حزب الله كمنظمة إرهابية، معتبرة أن بيان وزراء الخارجية، وصمة عار في السياسات الرسمية العربية. فيما استغربت حركة الجهاد الإسلامي، من خلو البيان الختامي من أي إدانة أو ذكر للعدوان الصهيوني المتواصل ضد فلسطين، في حين تم إدانة من قاوموا الاحتلال الصهيوني ويدعمون حق الأمة في فلسطين، واستنكرت الحركة اعتبار بعض الدول العربية حزب الله منظمة إرهابية، وأكدت أن "هذا القرار هو خدمة للعدو الصهيوني ويشكل عربونًا من أجل تطوير علاقات بعض الأنظمة العربية بالكيان الصهيوني والمسارعة في إخراجها للعلن، وقالت الحركة إن "الجامعة العربية بمثل هذه المواقف والقرارات توفر مظلة وشرعيه لتأجيج الفتن والصراعات الطائفية والمذهبية في المنطقة، والتي لن تخدم سوى أعداء الأمة".