قبل 100 عام، وفي 2 نوفمبر 1917، أصدر وزير الخارجية البريطاني جيمس آرثر بلفور، وعده الشهير لليهود بمساعدتهم في تأسيس وطن قومي في فلسطين، وهو الوعد الذي صدر في صورة خطاب موجه إلي اللورد ليونيل والتر روتشيلد، يزف فيه ممثل الحكومة البريطانية "بشرى" تعهد حكومة جلالة الملك ل"الشعب اليهودي". وعلى الرغم من الأهمية الفارقة لوعد بلفور في الاستيلاء على فلسطين، فقد كان هناك عدد من الشخصيات اليهودية المهمة لعبت دورا رئيسيا في الأزمة، وعلى رأس هؤلاء اللورد ليونيل والتر روتشيلد (1868 1937). وتضمن وعد بلفور: "عزيزي اللورد روتشيلد، يسرني جدًا أن أبلغكم أن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية". عائلة روتشيلد تعتبر عائلة روتشيلد من أشهر الأسر المصرفية اليهودية في العالم، نشأت في مدينة فرانكفورت الألمانية في القرن السادس عشر على يد مؤسِّسها إسحق أكانان، وعملت العائلة على تأسيس فروع ومؤسسات مالية لها في معظم دول أوروبا، ودأبت على التواصل فيما بينها بشكل يحقق أقصى درجات النفع والربح في العالم كله. كانت المصلحة المالية والرأسمالية هي ما يهم العائلة في المقام الأول، وأثناء الحروب النابليونية في أوروبا، كان الفرع الفرنسي يدعم نابليون ضد النمساوإنجلترا وغيرها، بينما فروع روتشيلد في هذه الدول تدعم الحرب ضد نابليون. روتشيلد والصهيونية كان ليونيل روتشيلد، هو المسؤول عن فرع عائلته في إنجلترا، وهو أول عضو يهودي في البرلمان الإنجليزي، وزعيم الطائفة اليهودية الإنجليزية، واشترك في عمليات مالية مهمة، منها تمويل حرب القرم بقرض قيمته 16 مليون جنيه، كما أنه وبالتعاون مع دزرائيلي، رئيس وزراء بريطانيا، اشترى نصيب مصر في أسهم قناة السويس عام 1875، ولعب دورا كبيرا في عملية تمويل قروض الخديوي إسماعيل التي كانت طريق البداية للدخول في دوامة الديون التي انتهت باحتلال مصر. كانت عائلة روتشيلد، في بدايتها رافضة وبشكل تام لصهيونية هرتزل السياسية، خوفا من أن ظهور كيان مثل هذا قد يهدد وبشكل كبير أثرياء اليهود المندمجين في المجتمع البريطاني ومكانتهم ووضعهم الاجتماعي، فساهم في تأسيس "عصبة يهود بريطانيا" المناهضة للصهيونية لكنه فيما بعد وبعقلية الاقتصادي اكتشف أن وجود كيان صهيوني استيطاني في فلسطين يخدم مصالح الأسرة، كما أن الصهيونية كانت تقدم كحل عملي لتحويل هجرة يهود شرق أوربا إلى فلسطين بعيدا عن إنجلترا وغرب أوربا، لذلك غير موقفه. بدأ بالتقرب إلى الثنائي حاييم وايزمان، أول رئيس للكيان الصهيوني، وناحوم سوكولوف، فاستخدمه الثنائي في إقناع حكومة بريطانيا بمساعدة اليهود في بناء وطن قومي لهم في فلسطين، ومن منطلق أنه كان رئيسا شرفيا للاتحاد الصهيوني لبريطانيا وأيرلندا، بدأ العمل على تحويل "وطن قومي لليهود" إلى "دولة يهودية" في فلسطين. الفيلق اليهودي ولخلق قوة صهيونية مدعومة بالسلاح سعى ليونيل، إلى إنشاء فيلق يهودي داخل الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى، وهو عبارة عن تشكيلات عسكرية من المتطوعين اليهود الذين حاربوا في صفوف القوات البريطانية والحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى بدءا من الكتيبة رقم "38" إلى الكتيبة رقم "42"، وبلغ عدد أفراد كل هذه التشكيلات نحو 6400 فرد. تولى مهمة جمع المتطوعين لهذا الفيلق أحد أفراد العائلة هو جيمس أرماند روتشيلد "1878-1957″، وبالفعل دخل الفيلق فلسطين مع الجيش البريطاني، ومع نهاية الحرب العالمية الأولى كانت تتمركز على أرض فلسطين 3 كتائب يهودية شكلت قرابة 15% من جيش الاحتلال البريطاني أطلق عليها اسم الكتيبة العبرية واتخذت شعارا لها هو "المنوراه اليهودية". ومع حلول عام 1920 تم حل هذه الكتائب نهائيا وضم الكثير من أعضائها إلى منظمة "الهاجاناه الصهيونية" التي تأسست عام 1921 وهي أول تكتل عسكري صهيوني في مدينة القدس سبق إعلان دولة إسرائيل، حيث كان الهدف المعلن من تأسيسها الدفاع عن أرواح وممتلكات المستوطنات اليهودية في فلسطين خارج نطاق الانتداب البريطاني, وكانت نواة الجيش الإسرائيلي فيما بعد.