أنهى أمير دولة الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، أمس الإثنين، زيارة سريعة إلى المملكة العربية السعودية، التقى خلالها مع الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، في إطار جولة جديدة لمحاولة «حلحلة» الأزمة الخليجية، التي اندلعت في الخامس من يونيو الماضي، وقطعت دول السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقتها مع قطر لاتهامها ب«تمويل الإرهاب». من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء السعودية، أن اللقاء تناول "استعراض العلاقات الأخوية الوثيقة، ومجمل الأحداث في المنطقة، بالإضافة إلى بحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك". ويبدو أن الملف الأهم يتمحور حاليًا حول آلية انعقاد القمة الخليجية، حيث صرح سفير الكويت لدى البحرين، عزام الصباح، في 9 أكتوبر الجاري، أن القمة الخليجية المقبلة في الكويت ديسمبر المقبل "ستفتح صفحة مضيئة في مسيرة التعاون الخليجي، وستشهد نهاية مفرحة للاختلافات الخليجية". ويأمل أمير الكويت بزيارته للرياض في إحداث ثغرة بجدار الأزمة السميك وإنقاذ القمة الخليجية الدورية، فأقل من شهر ونصف على موعد عقد القمة الخليجية العادية، ومازال مصيرها مجهولا، في ظل المقاطعة الخليجية لقطر في أزمة غير مسبوقة قد تهدد المجلس الذي أنشأ قبل 36 عامًا. ومعطيات الواقع مختلفة؛ فباستعراض سريع للمظاهر الشكلية للزيارة الكويتية للمملكة، نجد أن هناك حالة باهتة للتعاطي معها، حيث كان لافتًا أن أمير الكويت جرى استقباله من قبل الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، وليس من قبل العاهل السعودي نفسه، الأمر الذي أثار العديد من علامات الاستفهام من قِبل بعض المراقبين الكويتيين. الإشارة الأهم في نظر مراقبين قطريين تكمن في الإطلاع على أسماء الأُمراء الذين حَضروا مأدبة الغداء التي أقامها العاهل السعودي لضيفه الكويتي التي وردت في برقيّة وكالة الأنباء السعوديّة "واس"، حيث لوحظ أيضًا غياب الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، عن حفل الاستقبال ومأدبة الغداء، الأمر الذي أثار شكوكًا حول احتمالات نجاح الزيارة في تحقيق أهدافها المرجوة، خصوصًا أن خشية الكويت من تأجيل القمة الخليجية لأجل غير مسمى، لا تكمن فقط في اعتبار ذلك سابقة في عرف مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي اعتاد عقد قممه في مواعدها المقررة، إنما أيضًا في ضياع فرصة قد لا تكرر لجمع كل أطراف الأزمة على طاولة واحدة، ودفعهم لإطلاق حوار مباشر وصريح بينهم، الأمر الذي لم يكتب له النجاح حتى الآن، خاصة أن قطر لم تستجب لا من قريب ولا من بعيد لمطالب الدول الأربعة التي طالما وصفتها الدوحة أنها تمس بسيادة البلاد. وتأتي زيارة أمير الكويت للرياض بعد نحو شهر من الجمود السياسي في مسارات الأزمة الخليجية، لكن ثمة حالة من النشاط في مسار تقاذف الاتهامات وردود الأفعال بين الدوحةوالرياض وصلت إلى حد المطالبة بحرمان قطر من كأس العالم بمباركة إماراتية. وزيارة الأمير الكويتي للرياض تأتي بعد زيارته للولايات المتحدة ولقائه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فرغم نجاح الأمير الصباح حينها في دفع ترامب إلى الدخول وبشكل عملي على خط الأزمة والدعوة لإجراء حوار مباشر بين الدوحة وخصومها، إلا أن الأمور سرعان ما عادت إلى المربع الأول مع إعلان السعودية رفضها أي حوار مع قطر، واتهام الدوحة بنشر معلومات محرّفة حول ملابسات الاتصال الهاتفي الذي جرى بين أمير قطر، تميم بن حمد، وولي العهد السعودي، بتنسيق مباشر من الرئيس الأمريكي. ويرى مراقبون بأن تعثر ترامب في حلحلة الأزمة الخليجية قد لا يدفعه في الوقت المنظور لمعالجتها سريعًا، خاصة أن لديه العديد من الملفات المهمة التي باتت تفرض نفسها عليه، كملف الأزمة الكورية والاتفاق النووي الإيراني والوضع في العراق وسوريا والتعاطي مع روسيا، الأمر الذي قد يطيل من عمر الأزمة الخليجية التي ستدخل شهرها الخامس، ما يعني أنه لا وساطة تستطيع إخراج الدوحةوالرياض من الأزمة في الوقت الراهن إلا الكويت، وفي حال فشلت الزيارة الكويتية للرياض وانعكاس هذا الفشل على القمة الخليجية فقد تستمر الأزمة لأمد طويل، خاصة أن الكويت أعلنت الأسبوع الماضي، أنها لم تجرِ أى ترتيبات لعقد قمة مجلس التعاون الخليجى حتى الآن، وأنها لم توجه أية دعوة للدول الخليجية من أجل حضور القمة.