وفقا لمؤشر الجوع العالمي لعام 2016، الذي أصدرته منظمة الأغذية والزراعة، ارتفع معدل نقص التغذية في قارة إفريقيا ليشمل حوالي 233 مليون نسمة في عام 2016، بدلا من 182 مليون نسمة في أوائل التسعينات، رغم انخفاض العدد العالمي من حوالي مليار شخص إلى 795 مليون في نفس الفترة، وواجه 123 مليون شخص في القارة أزمات غذائية في عام 2016، وتتركز أعلى مستويات الجوع في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ويرى الخبراء أن ما يحدث يثير السخرية، لأن إفريقيا تمتلك أكبر مساحة أراض صالحة للزراعة، وقد تحولت إفريقيا من مصدر للأغذية إلى مستورد، وذلك في الثمانينات، على الرغم من إمكانياتها الزراعية الضخمة، ولكن ارتفاع أسعار الأغذية الدولية ساهم في انتشار الجوع في إفريقيا، بالإضافة إلى الزيادة السكانية والكوارث الطبيعية والصراعات السياسية والقبلية، التي تعتبر سببا رئيسيا للجوع في القارة. وقد أجبرت أزمات الديون السيادية الدولية في الثمانينات العديد من البلدان الإفريقية على برامج الاستقرار والتكيف الهيكلي، وفي الفترة ما بين 1980 و2007، نما إجمالي واردات إفريقيا من الأغذية الصافية بمعدل 3.4٪ سنويا بالقيمة الحقيقية، وارتفعت واردات المواد الغذائية الأساسية، وخاصة الحبوب، ارتفاعا حادا، وكان أحد ضحايا برامج التكيف الهيكلي هو الاستثمار العام، فقد تم إقناع قادة البلدان الإفريقية بأنها لا تحتاج إلى الاستثمار في الزراعة لأن الواردات ستكون أرخص، ومن المؤسف أن الأمن الغذائي عانى أيضا بسبب ذلك. في عام 1980، كانت الاستثمارات الزراعية في إفريقيا مماثلة للاستثمارات الزراعية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، ولكن في حين زاد الاستثمار الزراعي في أمريكا اللاتينية والكاريبي بمقدار 2.6 ضعفا بين عامي 1980 و2007، فإنه زاد بنسبة أقل بكثير في إفريقيا، وفي الوقت نفسه، زادت الاستثمارات الزراعية في آسيا من 3 إلى 8 أضعاف ما كانت عليه في إفريقيا بينما ظلت استثمارات الحكومات الإفريقية في البحوث الزراعية متقلبة. عانت الإنتاجية الزراعية في إفريقيا وأصبحت أقل مرونة بتغير المناخ والظروف الجوية القاسية، وبالتالي يمكن مقارنة إفريقيا الآن بهاييتي، حيث دمرت الزراعة الغذائية بسبب واردات الأغذية المدعومة من الولاياتالمتحدة وأوروبا، وهو ما اعترف به بيل كلينتون، الرئيس الأمريكي الأسبق، بعد الزلزال المدمر الذي ضرب هاييتي في عام 2010. العقود الضائعة كانت فترتا الثمانينات والتسعينات من العقود الضائعة بالنسبة لإفريقيا، حيث لم تحقق المكاسب المتوقعة على المدى الطويل من النمو والازدهار، كما شهدت إفريقيا زيادة هائلة في الفقر بنهاية القرن العشرين، وعلى الرغم من ازدهار النمو الذي تقوده المعادن لمدة 12 عاما (2002-2014) خلال السنوات ال15 من الأهداف الإنمائية للألفية، فإن قرابة نصف سكان القارة يعيشون الآن في فقر. على الرغم من إمكاناتها ومساحات الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة، لا تستغل هذه المساحة نتيجة الإهمال الزراعي، وفي الآونة الأخيرة تسعى العديد من المؤسسات الدولية المالية والمؤسسات المانحة إلى الاستثمار الأجنبي الزراعي واسع النطاق في القارة، ولكن معظم هذه الصفقات تتجاهل العائد على المزارعين المحليين، حيث تعود الفائدة الأكبر على المستثمرين الكبار وحلفائهم في الحكومة. ويهدد الاستيلاء على الأراضي من جانب الشركات الأجنبية للزراعة التجارية في إفريقيا الإنتاجية الزراعية لأصحاب الحيازات الصغيرة، وهو أمر حيوي للحد من الفقر والجوع في القارة، وفي هذه العملية، تهميش للمجتمعات المحلية، ولا سيما "السكان الأصليين"، وتعرض الأمن الغذائي للخطر. المقال من المصدر