أثار قرار تعيين مندوب دائم للصندوق النقد الدولي في مصر حالة من الجدل، إذ يراه البعض تدخلا في الشأن المصري ويتعارض مع سيادة الدولة في اتخاذ القرارات، في حين يره البعض إجراء طبيعيا يساعد لجنة الصندوق التي تتولى ملف القرض المصري منذ بدء المفاوضات قبل عدة شهور، والتي وضعت كافة الشروط التي وافقت عليها مصر قبل اتخاذ القرض. وكان صندوق النقد الدولي قد كشف قبل يومين عن اختيار ريزا باكير، مندوبا مقيما للصندوق في مصر لمتابعة السياسيات الاقتصادية، وأكد المتحدث الرسمي للصندوق أن هذا الإجراء هو المعتاد إذ يعيّن الصندوق دائمًا ممثلا مقيما في الدول التي تقوم بتنفيذ برامج اقتصادية يموِّلها الصندوق بهدف متابعة الإصلاحات الاقتصادية عن قرب، إلى جانب التنسيق الوثيق مع السلطات المحلية. الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادي والقيادي بحزب التحالف الشعبي، قال إن هذا الإعلان لم يكن هو الأول وبالتالي فهو ليس مفاجئا على نحو ما، لأن الصندوق كان قد أرسل مندوبا له يدعى رضا باقر، منذ شهرين كمدير لمكتبه بالقاهرة وحينها لم يلتفت أحد لهذا الأمر لأنه بدأ عمله فورا بزيارة لوزارة التضامن للتأكد من وجود برامج حماية للمتضررين من التضخم وكأنه يؤدي مهمة إنسانية. وأوضح سلامة ل"البديل" أن هذا الأمر يعد ذكاء من مسؤولي الصندوق الذين لم يضعوا خطة تبدأ بالمتابعة والرقابة على النواحي المالية والاقتصادية لما لهذا من حساسية كبرى لدى المصريين "وإن كان هذا الأمر سيحدث دون شك وربما يكون له حق الفيتو والاعتراض على أوجه إنفاق معينة وربما يمتد عمله ليشمل التوجيه أو إصدار الأوامر بشأن أوجه الإنفاق وعندها ستتحقق مخاوفنا وما نحذر منه لعشرات السنين من التدخل المالي والاقتصادي في شؤوننا، وأنا عندما قلت ربما قصدت أننا لا نعلم على وجه الدقة ما هو نطاق عمل المندوب وحدوده، فالأمر في غاية الخطورة. وقال الدكتور عبد الخالق فاروق، أستاذ الاقتصاد: منذ اللحظة الأولى لتوقيع اتفاقية قرض صندوق النقد الدولي ومصر أصبحت تحت الوصاية، وكل المعلومات والقرارات الاقتصادية تحت يد الصندوق ولا يمكن أن يكون هناك قرارات اقتصادية تصدرها الحكومة الحالية دون الرجوع للصندوق ودون موافقته. وأضاف ل"البديل" أن سياسات الحكومة هي السبب فيما وصلت إليه مصر من رضوخ وسيطرة من جانب منظمة دولية بهذا الشكل، مشيرا إلى أن المسؤولين أصروا على استكمال سياسة الاقتراض التي جعلت الدين العام يتضاعف بشكل ينذر بوقوع كارثة اقتصادية، ومع ذلك تم تجاهل كل التحذيرات وتحولت الحكومة إلى حكومة اقتراض من الخارج وبالتالي لا يحق لها أن تعارض صندوق النقد في أي قرار يتخذه حتى ولو كان تعيين مشرفين دوليين على أدائها. من جانبه، قال الدكتور هشام إبراهيم، الخبير الاقتصادي، إن هناك لجنة مشكلة من الصندوق لمتابعة الإصلاحات الاقتصادية التي أقرتها الحكومة قبل الموافقة على القرض، مشيرا إلى أن الصندوق وضع اشتراطات مسبقة على الحكومة من أجل الحصول على القرض، وللتأكد مما إذا كانت ستستطيع سداد القرض ووافقت الحكومة على تلك الشروط. وأضاف إبراهيم، أن دور المندوب إشرافي واستشاري بالنسبة للقرارات التي تتخذها الحكومة، وحديث البعض باعتبار أن تعيين مندوب للصندوق يعد تدخلا في الشأن الداخلي غير مبرر، مشيرا إلى أن هناك لجنة اقتصادية مشكلة من الصندوق لبحث الأوضاع الاقتصادية تزور مصر كل فترة وتطّلع على كل كبيرة وصغيرة، وبالتالي فهو لا يتدخل في القرارات بالموافقة أو الرفض، ولكنه يقدم استشارة من الممكن الأخذ بها أو رفضها، بالإضافة إلى أنه يسهل أعمال اللجنة ويختصر الوقت والجهد.