محاولة جديدة من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لإضفاء المزيد من العنصرية على المجتمع الأمريكي، فبعد أن فشل مرارًا في تمرير قانون حظر دخول اللاجئين من الدول الإسلامية، وبعد العراقيل التي انتابت محاولاته الحثيثة لبناء جدار المكسيك لمنع عبور المهاجرين، عاد ترامب باقتراح جديد لإلغاء قانون "داكا" الذي يمنع ترحيل المهاجرين الذين وصلوا للولايات المتحدة بشكل غير قانوني وهم أطفال، وذلك في محاولة جديدة لهدم إرث سلفه "باراك أوباما". ترامب يواجه الهجرة من جديد أعلنت إدارة ترامب، أمس الثلاثاء، أنها ستضع حدًّا لبرنامج "الإجراء المؤجل للقادمين في مرحلة الطفولة"، أو ما يعرف اختصارًا ب"داكا"، والذي يضفي صفة قانونية على أوضاع المهاجرين الذين دخلوا بطريقة غير مشروعة إلى الولاياتالمتحدة مع أهاليهم وهم أطفال والسماح لهم بالدراسة والعمل علنًا، إلا أن ترامب أرجأ تنفيذه حتى مارس المقبل، ومنح الكونجرس مهلة ستة أشهر لتحديد مصير نحو 800 ألف شخص سيتأثرون بالقرار. في الوقت نفسه حاول ترامب الدفاع عن قراره ضد الغضب الأمريكي الشعبي بقوله إن "العمال الأمريكيين يأتون في المرتبة الأولى"، وأضاف: أولويتنا الأولى والقصوى في تقديم اصلاحات الهجرة ينبغي أن تكون لتحسين الوظائف والأجور والأمان للعمال الأمريكيين وعائلاتهم، وتابع ترامب: أنا لست مع معاقبة الاطفال لأفعال ارتكبها آباؤهم، لكن ينبغي علينا أيضًا الاعتراف أننا أمة الفرص؛ لأننا أمة القوانين. من جانبه أظهر وزير العدل، جيف سيشنز، تأييده لقرار ترامب قائلًا: لا يمكننا قبول جميع أولئك الذين يرغبون في المجيء إلى هنا، مضيفًا أن "هذا هو الأمر بكل بساطة"، ومنددًا بالقرار الذي اتخذه أوباما من طرف واحد عام 2012، فيما أكدت وزارة العدل الأمريكية أنه لن يتم النظر في أي طلبات جديدة اعتبارًا من اليوم، لكن في الوقت نفسه لن يتأثر مصير الذين استفادوا من هذا الوضع حتى 5 مارس 2018، أي فترة ستة أشهر تمنحها الإدارة للكونجرس ليقرر التشريع في هذه المسألة من عدمه. ما هو القانون المستهدف؟ برنامج "داكا" والمعروف ب"دريميرز" أو "الحالمين"، أقرته إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، بموجب مرسوم رئاسي في صيف عام 2012، ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية للبرنامج في مساعدة المهاجرين غير الشرعيين الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا والذين وصلوا إلى الولاياتالمتحدة حينما كانوا أطفالًا، حيث يحمي مئات الآلاف من الشباب المهاجرين من دون أوراق شرعية من الترحيل، ويسمح لهم بالدراسة والعمل في الولاياتالمتحدة، وللحصول على إمكانية المشاركة في البرنامج، يجب على المهاجر تلبية عدد من المتطلبات، بما في ذلك ألا يكون لديه سجل جنائي، وأن يكون طالبًا في إحدى الجامعات الأمريكية، أو أن يكون مسرحًا شرفيًّا من الخدمة في القوات المسلحة الأمريكية، ويهدف "دريميرز" إلى إخراج مهاجرين غير شرعيين وصلوا الولاياتالمتحدة قبل سن 16 عامًا من حالة الإقامة غير الشرعية، ويشمل حاليًّا نحو 800 ألف شخص، منحوا ما يوازي ترخيص إقامة لمدة عامين قابل للتجديد بغرض الدراسة أو العمل. إدانات وتظاهرات معادية لترامب قرار ترامب الأخير عده البعض بابًا جديدًا من أبواب العنصرية والتفرقة بين المهاجرين إلى أمريكا وأبناء الدولة، خاصة أن هؤلاء المهاجرين وصلوا إلى الولاياتالمتحدة أطفالًا، ودرسوا في المدارس والجامعات الأمريكية، وانغمسوا في الوظائف المختلفة، الأمر الذي يجعلهم جزءًا من الشعب الأمريكي، ويمتلكون حقوقًا مثلما يقومون بواجباتهم، لكن في المقابل رأى البعض أن توافق الكونجرس بشأن إلغاء القانون لن يكون أمرًا سهلًا، حيث توقعوا أن يشهد هذا القانون انقسامًا جديدًا بين أعضاء الكونجرس الديمقراطيين والجمهوريين، الأمر الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إسقاط القانون على غرار قانون الرعاية الصحية "أوباماكير". خرج العديد من الأمريكيين في مظاهرات غاضبة تنديدًا بقرار الرئيس الأمريكي، حيث انطلقت المظاهرات في نيويورك وشيكاغو وواشنطن، ووقف المتظاهرون حاملين اللافتات عند بوابات البيت الأبيض، فيما اعتقلت الشرطة الأمريكية 34 متظاهرًا من معارضي قرار الرئيس في نيويورك وبالتحديد أمام مبنى "برج ترامب". في ذات الإطار رفض عمدتا مدينتي نيويورك وشيكاغو قرار ترامب طرد المهاجرين غير الشرعيين من البلاد، معربين عن عزمهما على حماية جميع أهالي مدينتيهما، وأكد عمدة شيكاغو، رام إيمانوئيل، أن قرار الرئيس لن يمس سكان المدينة، قائلاً: يسرنا أن نرحب بكم في شيكاغو، هذا بيتكم، اذهبوا إلى المدارس، وتابعوا أحلامكم، ولا داعي لأن تقلقوا على أي شيء، وأضاف أن المدينة ستصبح "منطقة خالية من ترامب"، وأن السلطات المحلية سوف تتخذ كل الإجراءات الشرعية لحماية أطفالهم في مجتمعات المهاجرين. كما تضامن عمدة نيويورك، بيل دي بلازيو، مع موقف المهاجرين، مؤكدًا عزمه على الدفاع عن حقوق المهاجرين الذين وصلوا الأراضي الأمريكية وهم صغار، وقال: لديَّ رسالة إلى الرئيس، لا تقرب شباب نيويورك، سنخوض معركة دفاع عن حالمي نيويورك. الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، دخل على خط المعارضة للقرار الأمريكي، حيث قال في بيان إن "البرنامج الذي ألغاه ترامب يستفيد منه شبان كبروا في أمريكا، أطفال درسوا في مدارسنا، بالغون يافعون يبدءون في شق طريق حياتهم المهنية، وطنيون يلتزمون احترام علمنا"، وأضاف أن: استهداف هؤلاء الشباب خطأ، لأنهم لم يرتكبوا أي خطأ، مؤكدًا أنه هزيمة للذات؛ لأنهم يريدون تأسيس شركات والعمل في مختبراتنا والخدمة في جيشنا وبشكل أعم الإسهام في البلد الذي نحب، هذا قاس جدًّا. وأكد الرئيس الديمقراطي السابق أن هذا القرار سياسي ومسألة أخلاقية، وأضاف: مهما بلغت المخاوف أو الشكاوى التي قد تكون لدى الأمريكيين حول الهجرة بشكل عام، يجب علينا ألا نهدد مستقبل هذه الفئة من الشباب الذين هم هنا بسبب خطأ لم يرتكبوه، الذين لا يشكلون تهديدًا، الذين لا يأخذون أي شيء منا نحن البقية. من جانبها أدانت المكسيك قرار الرئيس الأمريكي، معبرة عن عميق قلقها حيال الغموض الذي يواجهونه الآن، حيث قال الرئيس المكسيكي، بينيا نيتو، عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": إن المكسيك تأسف بشدة لإلغاء البرنامج المعروف باسم "داكا"، وأضاف: إن الحكومة المكسيكية تحث السلطات الأمريكية على إيجاد حل دائم وسريع، يعطي وضعًا قانونيًّا واضحًا للشباب المدرجين على برنامج "داكا"، خاصة أنه يستفيد زهاء 625 ألف مكسيكي من الوضع الحمائي لهذا البرنامج، وفق وزارة الخارجية المكسيكية.